3..وجها لوجه

2.5K 74 21
                                    

امسك حازم ابنه من ذراعه و قال بنبرة جادة " ياغيز..سيكون من الجيد أن تتعود على الوضع الجديد..لا تكن أنانيا و لا تفكر في نفسك فقط..انظر الى حال أمك بعد رؤيتها لهزان..و سترى تحسنا في حالها يوما بعد يوم..و عندئذ ستفهم لماذا فعلت هذا..و أمر آخر..لن أسمح لك بمضايقة هزان أو ازعاجها..الفتاة لا ذنب لها..لقد كانت مريضة و .." قاطعه ياغيز و هو ينتزع ذراعه منه" لا أريد أن أعرف عنها شيئا و لا أريد أن أرى وجهها..و لو لم أكن خائفا على أمي لكنت تركت لها المنزل لترتع فيه على راحتها..لكنني لن أفعل ذلك..و لن أتقبلها أبدا..فليكن ذلك في علمك يا أبي..و اياك أن تطلب مني أن أعتبرها أختي..لأنها ليست كذلك..و لن تكون..كان لي أخت وحيدة اسمها يلدز ..و الموت أخذها مني" ثم تحرك مبتعدا و خرج من المنزل..عاد حازم الى الداخل ليجد زوجته تضع رأسها على ساق هزان و تحادثها و كأنها ابنتها..كانت تقول" أتعلمين يا ابنتي..لقد كان المنزل فارغا و باردا من دونك..و كنت حزينة و كئيبة و أنا لا أراك أمامي..تعودت أن أسمع صوت ضحكاتك تملأ الأرجاء..تعودت على مشاغباتك و تصرفاتك الهوجاء..افتقدتها لأيام..لكنني عدت..و هذا ما أسعدني جدا..حبيبتي..لا تذهبي و تتركيني مرة ثانية..اياك أن تفعلي هذا بي..اموت بدونك أنا..هل تعدينني بأنك ستبقين الى جانبي دائما؟" داعبت هزان خصلات شعر سيفنش بحنان و ردت دون تردد" نعم..أعدك" ابتسمت سيفنش بسعادة و استوت جالسة و ما ان لمحت زوجها الذي كان يتابع ما يجري بعيون ملأتها الدموع و ثغر علته الابتسامة حتى قالت" حازم..حبيبي..تعالى..انظم الينا..أنا و ابنتنا نريد أن نتناول طعام العشاء معا..سأخبر الخدم بأن يجهزوا الأكل" انتظر حازم ابتعاد زوجته ثم اقترب من هزان و همس" آسف يا ابنتي لأنني وضعتك في هذا الموقف..لكنك ترين حال زوجتي..انها المرأة الوحيدة التي أحببت..و لم أحتمل رؤيتها تفقد عقلها و تنهار أمامي..لم أجد أمامي سوى أن أحيي ذكرى ابنتنا من خلالك أنت..و لم أحسب لمشاعرك أي حساب..أعترف بأنني كنت أنانيا جدا عندما طلبت منك أن تكوني ابنتي..أنا.." وضعت هزان يدها على يد حازم و ردت" لا تقل هذا..أنت لم تخطئ بحقي..على العكس..لقد منحتني حياة جديدة..و منحتني عائلة حرمت من حنانها منذ أن كان عمري خمس سنوات..لقد عشت لسنوات دون عائلة..في ملجأ للأيتام..حيطانه باردة و زواياه كئيبة..تعرضت للضرب كثيرا..و تعلمت أن أصمت اذا افتك مني أحدهم شيئا غصبا..أكره الظلام..و لا أنام الا و النور مضاء..أحب صوت المطر..أشعر أن وقع زخات المطر على الارضية او على زجاج النوافذ هي كلمات مواساة و ألحان عذبة ترسلها السماء لطمئنة قلبي الحزين..و لا تسل عن ذلك القلب الذي أرهقني منذ نعومة أظافري..كنت محرومة من طفولة طبيعية بسبب يُتمي..و زاد هو من معاناتي..اذا حدث و ضربني احدهم بالخطأ على صدري..كنت أقضي أياما في المشفى..لم أستطع أن أركض مثل بقية الأطفال..لم أستطع أن ألعب تحت المطر..لم أستطع أن أسبح أو أمارس الرياضة..كل مجهود جسدي أبذله كنت ادفع ثمنه غاليا جدا..لكنني تعلمت أن أرضى و أن أكتفي بما هو موجود..على الرغم من طموحاتي و أحلامي الكبيرة التي دعوت الله كثيرا كي انجح في تحقيقها..و هاهو الله قد استجاب لي..أعطاني قلبا جديدا بفضل ابنتكم المرحومة..و أعطاني عائلة جديدة بفضلكم..و اعطاني حياة جديدة سأكون فيها قادرة على فعل ما أريد دون خوف أو تردد..فماذا أريد أكثر من هذا؟ ..أرجوك سيد حازم..لا تعتذر مني مرة أخرى..لأن ما فعلته يستحق الشكر و التقدير و ليس الاعتذار" ابتسم حازم و ضم هزان الى صدره بحذر لكي لا يؤذي جسدها الذي مازال بحاجة الي الراحة و قال" سلمت يا ابنتي..لكنني أطمع أن تناديني أبي بدل سيد حازم..هل سمعت بإبنة تنادي أباها سيد؟" ضحكت هزان و ردت" معك حق سيد..اقصد..بابا حازم" قبل حازم جبينها ثم انظما معا الى سيفنش التي جهزت رفقة الخدم طاولة العشاء..
في أحد الملاهي الليلية..جلس ياغيز يحتسي كأسا من المشروب و يدخن سيجارة عندما اقترب منه شاب أسمر طويل القامة بعيون سوداء ساحرة و طلعة بهية

لَسْنا إخوةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن