٩

48 3 6
                                    

صعدت الدادة "أنوار" نحو جناح ليث و لينا و الفرحة تملأ وجهها ، فهي فور أن عادت من عطلتها السنوية صباح هذا اليوم حتى علمت بزواج ابنها اللذي لم تلده، و سمعت من بعض العاملات أن العروس أيضاً محتشمةٌ الى حد كبير ، دقت أنوار الباب بيدها التي تشوبها بعض آثار الحروق و اتسعت ابتسامتها مخلفةً المزيد من التجاعيد على وجهها الذي اتقن الزمن وضع علاماتهِ عليه ، ما هي إلّا ثوانٍ حتى فتحت لينا الباب بابتسامةٍ جميلة و قالت مرحبةً بها أهلاً و سهلاً اتفضلي ، وضعت أنوار عربة الطعام جانباً و عانقتها عناقاً حاراً وظلت تردد : أهلاً و سهلاً و الله البيت نور قمر ياناس قمر ما شاء الله ، ضحكت لينا من عفويتها بخفوت و قالت لها بامتنان : تسلمي حضرتك ، وكزتها وكزةً خفيفة و قالت لها بعتابٍ مازح : حضرتي .. حضرتي مين ، انا اسمي دادة أنوار و بينادوني نور عادي
ابتسمت لينا ابتسامةً واسعةً من لطف أهل المنزل و حمدت الله-تعالى- في خفوت ثم قالت: اتشرفت بيكِ يا دادة نور و تابعت و هي تلوح بيدها لداخل الجناح اتفضلي اتفضلي .
"أنوار": لا يا حبيبتي يزيد فضلك ، انا جيبالك الاكل تلاقيكِ مكلتيش لسه ،آه و خالد بيه هو اللي بعتني بيه و قالي أقولك : تاكلي كويس و متتكسفيش ده بيتك يا بنتي
شكرتها لينا بعد أن أدخلت الطعام الى صالة الجناح و أكدت عليها أنوار بعدم التردد في مناداتها إذا احتاجت أي شيء ولو كان بسيطاً .
..........................................................................
في الشركة و خلال اجتماعٍ عاجل عقده ليث بلا أي مقدمات، اندفع الموظفون نحو قاعة الاجتماعات سريعاً حتى لا ينالوا نصيباً من غضب ليث المستحدث طوال هذا الأسبوع ، همس أحد الموظفين في أذن صديقه بصوتٍ ظنه هو منخفض : هو ماله الطور ده طول الأسبوع متعصب علينا ، هو كان فاكرنا شغالين عنده ...
كان ليث خلفهم ببضع خطوات و لكِنَّ عقله كان مشتتاً في ملامح تلك الجميلة التي تسكن غرفته الآن، و رغم جمالها الأخاذ إلّا أنه يمقتها و يمقت جنسها بالكامل ما عدا والدته سكينة - رحمة الله عليها - ووالدته الثانية نور التي اشتاق لها كثيراً، وسيعود اليوم ليراها فور انتهاء العمل ، ولكِنّ فكرة العودة إلى المنزل أصبحت ثقيلةً على قلبهِ يوم دخول تلك "الحيةِ" كما يسميها بيته صباحاً ، قاطع حبل افكاره اصتدامه بالموظف الذي يمشي و يحدث صديقه بالسوء عن ليث وفور أن التفت لليث ، حتى اكتسى الذعر ملامحه بشده و سارع بالاعتذار مباشرةً لمديره باحترام شديد فنظر له صديقه بنظرةٍ مفادها أنت منافق ، لم يهتم ليث و تابع المسير ، فوضع الموظف الأول يده على قلبه و قال : كنت هترفد لو كان سمعني الف حمد و شكر ليك يارب ، هز صديقه رأسه يمنةً و يسرةً فاقداً الأمل في صديقه .....
ابتدأ ليث الاجتماع وكانت القاعةُ من كثرةِ الهدوء كأنها صحراء خالية أو كأن أرضها لم يطأها أيُ موظفين بعد ، نشر الرعب قليلاً في نفوسهم ، و كانت منال وزوجها خالد يقفان يحاولان كتم ضحكاتهما من منظر زملائهم المرتعب للغاية ، لكزها خالد في ذراعها لتتوقف عن الضحك بشكل صامت حتى لا يقوم هو الآخر بالضحك بصوتٍ عالي ، التفت ليث لهم فتصنموا هم كذالك و ما أن أهاد نظراته الحادة لموظفينه حتى ضحك خالد بصوتٍ عالٍ فكان مصيره خصم ثلاثة أيام من راتبه ، ضحكت منال عليه فاتبعته في نفس المصير المؤلم لهما ، بالأخص أنها يحاولان تجمعة بعض الأموال للسفر في نهاية العام ، تابع ليث الحديث قائلاً هعين مديرجديد للفرع هنا من الأسبوع الجاي ، فرح الموظفون داخلهم ظناً منهم أنه سيسافر للندن مجدداً ، ولكِنّ آمالهم خابت كثيراً فور اكماله ، بس عيني عليكم كل يومين ماتفتكروش إني هبعد كتير و الشغل هيمشي كأني موجود بالظبط و لو وصلني أي تقصير ولو تافه ، التافه اللي قصر هيترفد، فاهمين ؟!، بلع الموظفون لعابهم وردوا بخفوت ونفسٍ واحد: فاهمين ، تابع ليث الحديث قائلاً : الفرع الجديد هيتفتح في السويس ....
انتهى الاجتماع بعرض الفرق بعضاً من مشاريعهم هذا الأسبوع علها تهدئ من غضبِ ليث ،و للأسف باءت هذه المحاولات كلها بالفشل ...

.......................................................................
رجع إلى المنزل عصراً وركن سيارته سريعاً و تجاهل تحية الحارس له راكضاً ليقابل مربيته بعد غياب شهرين كامليين : داده نور داده نور صاح بها عند مدخل المنزل لتخرج و تعانقه عناقاً طويلاً و هي تخبره وحشتني يا حبيبي أهلاً و سهلاً نورت
خرجت لينا لتنصدم من هذا المشهد فكيف له أن يعانقها و هي ليست بأمه الحقيقية أو إحدى محارمه
نظر لها ليلحظ الضيق على وجهها ولكنه لم يأبه وأكمل يقبل يد مربيته باحترام شديد
صعدت لينا السلالم سريعاً في غضب تعجبت هي منه و ما أن أقفلت يد الباب حتى سمعت صوته خلفها يقول لها ....

.......................................................................

شكر خاص لra_h28@ على التعليقات الجميلة مثلها و الدعم المستمر و إسعادي دائماً ♥️✨
وشكر خاص لآيات اللطيفة على لطافتها 💜💜🌸
سامحوني إن وجدت بعض الأخطاء أو كان الفصل قصيراً ، سأبذل جهدي في الأجزاء القادمة ☹️✨

دِفْءُ الْخَريفِ الْبارِدِ 🍂حيث تعيش القصص. اكتشف الآن