أخذت لينا ترفض شراء المزيد كلما تقدموا نحو متجرٍ تلو الآخر ، و لكِنَّ إصرار المربية نور دفعها لقبول ما كانت تشتريه واكتفت فقط بإبداء رأيها في ما كانت تعرضه أمامها ، أحضرت لها ملابس للخروج و للمنزل و أيضاً عطورات و منتجات للتجميل ، آخر مكان و هنرجع للبيت، قالتها نور بينما تركت وراءها لينا الخجلة من بضاعة المتجر الأخير الذي تشير إليه نور، سرعان ما لاحظت لينا بعد المسافة بينها و بين المربية نور مما دفعها للحاق بها ، أمسكت في كم عبائتها و قالت لها بصوتٍ منخفض ووجهٍ تكسوه الحمرة : مش هنرجع ولا إيه ؟، أصل المكان قرب يقفل ، حاولت نور كتم ضحكاتها مراعاةً لخجل تلك الجميلة أمامها و قالت : متقلقيش فاضل حوالي نص ساعة ، دعت لينا الله أن ينتهوا سريعاً فهي تتمنى أن تنشق الأرض و تبتلعها أو أن تختفي عن الأنظار ، أخذت شهيقاً مرتفعاً فور رؤيتها لما تعرضه نور عليها ، فقد أرتها قطعة ملابس قد لا تعتبر ملابساً بالأصل ، بالأحرى هي قطعة قماشٍ شفافة لا تتعدى طول ذراعها تتوسطها القليل من الخيوط السوداء ، لاحظت شهيقها المرتفع صاحبة المتجر لتأتي إليها بتثاقل قائلة : إيه يا عروسه ، تحبي نجيبلك شكل تاني، ثم تابعت بينما تمضغ العلكة في فمها بطريقة مستفزة : مع إن اللي مامتك ماسكاه ده الموضة الجديدة ، همت بأن ترفض لينا عرضها لولا أن زبونة أخرى نادت على صاحبة المتجر لتحضر لها قطعةً معلقةً في مكانٍ عالٍ ، فأمسكت نور يد لينا قائلةً لها : يا حبيبتي متتكسفيش مني أنا زي ماما و انتي دلوقتي عروسه طبيعي تشتري الحجات دي و تلبسيهم ، و غمزت قائلةً : مش كده ؟ ، أومأت لها لينا في صمت و هي تتمنى أن تمسك بتنورتها السوداء وتركض بأقصى ما لديها من سرعه ، ضحكت نور على تحديقها في الفراغ ، ثم تابعت انتقاء بعض القطع التي تميزت بألوانٍ قاتمةٍ كالنبيذي و الأسود و الرمادي ، أعجبت نور لأنها توقعت أن تعجب هذه الألوان ليث أيضاً ، انتهوا من دفع الحساب و أخذت لينا الأكياس سريعاً مبتعدةً عن ذلك المحل و قاصدةً مدخل المجمع التجاري الذي دلفتا منه في البداية ، تبعتها نور و هي تنادي عليها بصوتٍ لاهث و ضحكاتٍ مكتومة : استي يا بنتي لسه السواق مجاش ، توقفت لينا حينما لاحظت أنها سبقت نور كثيراً ثم حدثت نفسها : لينا عادي عادي ، انتي عروسة دلوقتي خدي نفس و ارجعي عند دادة نور ، فعلت ما أملاه عليها تفكيرها، و عادت سريعاً نحو نور ، قائلة ببعض التوتر : م..معلش أصلي ، أسكتتها نور ضاحكة : عارفه ولا يهمك حقك ، و بالمناسبة كسوفك ده جميل جداً ، ابتسمت لها لينا و انتظرتا قدوم سائق العائلة ...
.................................................................................
في طريقٍ سريع خالٍ ، أخذ ينفث دخان سيجارته التاسعة لحد الآن ، ضغط أزرار هاتفه المسكين بعصبيه بالغة ، طالباً رقماً كان قد اتصل به منذ ساعه ، انتظر انقطاع صوت الرنين المزعج ، ثوانٍ و أجابه الطرف الآخر : ها يا أبو الصحاب ، ازدادت حدة صوته و رمى سيجارته على قارعة الطريق في غضبٍ قائلاً : إيه يا عمر، انا كلمتك من ساعة و قولتلك تعالى ، توتر عمر فور رؤيته للوقت ثم حاول التهرب في الرد قائلاً : ايوا يا ليث ما انا في الطريق ، استنى عشر دقايق كده و هكون عندك ... ، اغلق ليث الخط ، رامياً الهاتف على مقعد السيارة بقوة ، ثم حدق في الفراغ أمامه في مكان لم يكن يكسر الصمت فيه سوى أنفاس ليث المعبأةِ بدخان تَبْغِه ، و نباح بعض كلاب الشوارع ...
جمع أغراضه على عجل ، لاعناً انغماسه في المشروع الذي أنساه أن يذهب لمقابلة صديقه ، بالطبع لن يسلم من غضب ليث ، ركب سيارته البيضاء بسرعةٍ بالغة ، و ما هي الا ربع ساعة حتى وصل لمكانهما السري كما يحب أن يسميه عمر ، فهذا الطريق السريع اكتشفاه عندما كانا تائهان في مرة من المرات و منذ ذلك الوقت و أصبحا يخطيان إلى هناك بملئ إرادتهما ، نزل من سيارته معانقاً صديقه حتى لا ينهال عليه باللكمات ، قال بسرعة و بصوت لاهث : آسف ، قولتلك هاجي بعد عشر دقايق من ساعة و قولت هعدل حاجة في المشروع و سرحت و مخدتش بالي إلا و انت بترن ، هدأ ليث ، ثم ربت على ظهر عمر بهدوء كدليل على مسامحته و أملاً منه بأن يتركه ، و على العكس تمسك عمر بليث بقوةٍ و في شكلٍ درامي و قال : سامحني يا أخويا مليش غيرك ، مش عاوز مشاكلنا توصل للدم يا يا أخو .. آه ، صرخة مكتومة تبعتها ضحكات متتالية من عمر بينما يمسك بطنه التي قصدها ليث بضربه هي خفيفة في ظن الليث ، و لكنها في الواقع قد تعادل ضربة ملاكم ، قال عمر متابعاً الضحك : شوفت انت اللي بدأت بالدم ازاي ، ابتسم له ليث بينما مد يده بسيجارة نحو عمر ، أخذها منه ثم مال نحوه ليشعلها له ليث ، بدأ الحديث قائلاً ببعض القلق : مالك ؟! ، أخذ نفساً من سيجارته العاشرة و قال : أنا اتجوزت ، اعتلت الصدمة ملامح عمر الذي لم يتوقع أن تكون هذه الاجابة على قائمة الاجابات لدى ليث في الأصل ، نظر له ليث بابتسامة جانبيه ثم قال : انا ذات نفسي مكنتش أعرف عشان اقولك أنا لسه عارف من أسبوع و انت لسه راجع النهارده من الموقع ، ربت عمر على كتفه قائلاً بمزاح : مبروك يا ليث ، عقبالي ، امسك ليث معصم عمر مبعداً إياه ، مبروك إيه ، أنا مش طايق نفسي ولا طايقها ، نظر له عمر باستعجاب : يا بني حد يلاقي النعمة و يرفسها ، نظر له ليث قائلاً : دي في تانية ثانوي ، الفرق مابينا يمكن يكون قد سنها ، تعالت ضحكات عمر قائلاً : هبلغ عليك متجوز قاصر ... ، هم ليث أن يلكمه مجدداً و لكن عمر أسرع بالابتعاد و قال و هو يحاول كتم ضحكاته : خلاص خلاص ، ثم نظر نحوه بجدية و قال : طيب هتعمل ايه ؟
حدق ليث في الفراغ مجدداً ، و أخذ نفساً طويلاً و أخرجه قائلاً : ........................................................................................
أدعو الله أن تقضوا أسبوعاً مشرقاً 🤍✨
أنت تقرأ
دِفْءُ الْخَريفِ الْبارِدِ 🍂
Romanceللقدر منعطفات غريبةٌ جداً في حياتنا قد يدور بنا في دوائر الحزن و بعدها يرسى بنا على شواطئ السعاده و وحده من يتحمل ألم الحزن يحصل على الكثير من السعاده ... فصل الخريف البارد ، كثيراً ما نرى الوحدةَ فيه، ولكن بطلتنا لها رأيٌ آخر فدفءُ قلبها قد يردع ك...