٨

41 4 6
                                    

دخلت لينا خلف ليث محاولةً اللحاق بخطواته السريعة فلم تنتبه الا للون الطابق الأرضي المائل للسكري، تمسكت بالحائط المجاور لها محاولةً أخذ أنفاسها ، فلاحظ ليث ذلك و أبطأ من خطواته حتى تستطيع اللحاق به، أدخلها ليث من باب جناحهما الآن بعد ما كان مملكته الخاصة ، و كان حائطه مغطى باللون الأسود تماماً ، و يضخ الجناح بأكملهِ عبقاً سوداوياً ترفضه روح لينا الباحثةِ بشوقٍ عن الضوء ، ولكنها لم تشمئز أو تنفر و عكس كل العروسات الجديدات شعرت لينا أن المكان يبعث احساساً بالراحة و كأنه منزلها رغم أن قدمها وطئته لأول مرة، تعجبت من هذا الاحساس الغريب لكونها جلست بعض الأوقات في ما مضى تفكر في زوجها المستقبلي و كيف ستكون خجلةً جداً من رؤيته و كيف سيحملها نحو منزلهما بينما هي تدفع بوجهها في صدره حتى لا يتسنى لأحد ما رؤية وجهها الناضح بالحمرة الشديدة ، عادت من شرود أفكارها على صوته و هو يحدثها بصوتٍ عالٍ نسبياً قائلاً : انتي ... انتي
نظرت نحوهُ بحدة قليلاً قائلةً : لوسمحت يا أستاذ، اسمي لينا مش انتي
نظر نحوها ببرود أكثر قائلاً وأنا اسمي ليث مش أستاذ و ابتسم بغرور قائلاً يا انتي
ما كان يجول في عقل لينا هو شخصيتها الداخلية وهي تجوب ذهاباً و إياباً و تشد شعرها حتى ما عاد على رأسها سوى شعرة واحدة ، أخذت لينا نفساً عميقاً و حدثت نفسها قائلةً معلش معلش احنا لسه في أول المشوار استحملي،
حاضر يا أستاذ ... ليث ، بس لو ينفع تقولي هفضي الشنط فين ؟ ، نظر لها ليث بغضبٍ يزينه بعض الهدوء الظاهري ثم أشار الى غرفة على اليمين قائلاً دي هتبقى أوضتك ...
.............................................................

أمر الجد عوني بتحضير مائدة طعامٍ كبيرة و مليئة بالعديد من الأصناف و ذبح بعض الأضحيات ،فهذه مناسبة تستحق أكثر من ذلك ، ثم شاهد ليث و هو ينزل السلالم متجهاً للخارج فناداه قائلاً بصوتٍ عالٍ نسبياً و حدةٍ خفيفةً: ليث ، التفت ليث نحو الصوت محركاً قدماه بتثاقل شديد ، وبمعنوية تشبه طفلاً في العاشرة يوقظونه حتى يلحق بدوامه المدرسي الممل كالعادة ، غضب الجد عوني من أسلوبه البارد جداً و قال له بغضبٍ اكبر : رايح فين يا أستاذ و انت لسه عريس جديد حد يسيب عروسته كده
نظر له ليث و كأن حمل السماوات فوق كتفه و قال : أرجوك يا بابا سيبني براحتي انا عملت الللي انت عاوزة و اتجوزت فملوش داعي الشكليات دي
مع السلامه ، و خرج سريعاً حتى لا يترك أي فرصةٍ لوالده ليرد عليه ...

دِفْءُ الْخَريفِ الْبارِدِ 🍂حيث تعيش القصص. اكتشف الآن