٢٠

47 2 4
                                    

طريق طويل يملؤه صمت مضني ، ووجهان يكتسيان بتعابير غير مرتاحه و كلام كثير يسكن خاطر كلٍ منهما و يرفض الخروج خوفاً عند أحدهم و خجل عند الآخر ، كسرت ذلك الصمت الطويل دندنات لينا التي بدأت بهمهمة خافته حتى علت فأصبحت كصوت مغنية غنت و تغنت لأعوام كثيرة ، صوت مخملي قوي و ناعم في الوقت ذاته ! يملؤه غنة لذيذة خفيفة على كل أذن ، ضحك ليث بصوت مرتفع مما جعل صوتها في الغناء تغلفه نبرة ضاحكة ، أنهت غناءها فالتفتت له فوجدته مبتسماً ناظراً للطريق أمامه فابتسمت بدورها ناظرةً أمامها ، من امتى بتغني ؟ قطع الأجواء الباسمة بسؤاله ،  فقالت له: من ساعة ما كان أصحاب عمي بيجولنا البيت ، كنت بخاف منهم و بقعد في أوضتي أغني ، اختفت ابتسامته و اجتاحه شعور خفيف بالقلق ، وجه نظره نحوها قائلاً بسرعة : ليه ، كان حد فيهم بيضايقك ؟ ، لم تحسب ان يسألها ذلك السؤال أو أن تتفوه هي بجزء من الحقيقه فصمتت لدقيقة كاملة تفكر بماذا يمكن أن تجيبه الآن ، أوقف السيارة في وسط الطريق فجأة حين قالت بصوتٍ منخفض نسبياً : كانوا بيتحرشوا بيا ، لاحظت ابيضاض كف يده الضاغط على مقود السيارة الأسود ، التفت لها سريعاً ،فقال لها تعرفي أساميهم و هما فين ، استنتجت سريعاً أنه سيفتك بهم لا محالة ، فأمسكت كتفه و استجمعت شجاعتها قائلةً ، خلاص انا بقيت عندك و محدش هيعرف يقربلي فيهم ، برعم سعادة صغير نبت في قلبه جراء ما قالته ، هي بعد تصرفاته البغيضة معها تشعر بالأمان معه ! ، نظرت اليه فوجدت أعصابه قد هدأت نسبياً  ، زفرت أنفاسها ارتياحاً ، و أكمل هو بينما يمسك هاتفه ضاغطاً على شاشته باستعجال ، عموماً انا هتصرف مع أشكالهم ، مرت دقيقة تركته لينا يعبث بهاتفه على عجل ، أكملوا سيرهم و في خاطر كل منهم بعض الأحاسيس الجديدة
...............................................................
لو سمحت يا أستاذ ، اسمي عمر يا آنسة صفاء ، ابتسمت ثم قالت : تمام يا أستاذ عمر ، أقدر أستلم الشغل من امتى ؟ من دلوقتي لو تحبي ، ابتسم بدوره فور ملاحظته لتعابير الارتياح على وجهها ثم ضغط على زر موضوع على مكتبه و قال : سمر عاوزك حالاً ، مدام سمر هتيجي  اتفضلي معاها و هي هتعرفك كل حاجة تخص شغلك
حمدت الله كثيراً في سرها ، فهاهي تجد عملاً محترماً كمساعدة في مكتبٍ للهندسة المعمارية في وقتٍ قياسي رغم نقص خبراتها و سنها الصغير
...........................................................
تاكسي يا مدام ، أزالت نظارتها الشمسية و أشارت بيدها للسائق ان يأتي ، مرت دقائق معدودة كانت هي بعدها في طريقها نحو بيتها في منطقة مصر الجديدة ، تجاهلت سؤال السائق البسيط حينما حدثها بلهجة انجليزية مضحكة قائلاً : هل تتحدثين العربية ؟ ، فقررت ان لا ترد و تضع سماعاتها اللاسلكية في أذنيها مستمعةً إلى بعض الأغاني الصاخبة ، مرت نحو الساعة و النصف عندما وصلت الى منزل جدتها القديم في أحد أحياء مصر الجديدة ، شكرت السائق باللغة العربية مما رسم على وجهه علامات الذهول و الدهشة ، أخذت تفتح الباب المتهالك ببعض القوة حتى فتح أخيراً بعد خمسة دقائق ، رمت حقائبها السوداء في الداخل و أغلقت الباب بينما تسعل إثر تناثر الغبار القابع داخل المنزل ، خرجت سريعاً و غيرت شريحة هاتفها نحو أخرى مصرية ثم ضغطت بعض الازار آخرهم كان زر الاتصال ، ثوانٍ مرت فرد عليها الطرف الآخر قائلاً : والله مصر نورت ، ازيك يا رزه ، واحشاني ، ابتسمت بتهكم و أرجعت بضع خصلات من شعرها الأحمر خلف أذنها قائلةً : يا بكاش ، عاوزة أقابلك ضروري كمان نص ساعة في كافيه **** اللي جنب البيت ، ضحك ثم قال : ياه أنا وحشتك قوي كده يا مدام رزان ، رفعت صوتها قائلةً : انجز بسرعة ، سلام ، أغلقت الهاتف متأففة ثم حدثت نفسها قائلةً : معرفة هم بصحيح

...............................................................
فتحت عيناها الرمادية ذات لمعة الزمرد بتثاقل لتجد حولها
...............................................................
أدعو الله أن تقضوا أسبوعاً مشرقاً 🤍✨

دِفْءُ الْخَريفِ الْبارِدِ 🍂حيث تعيش القصص. اكتشف الآن