الفصل السادس والعشرون (قواد)

1K 54 16
                                    

استدعاؤه لإحدى فاسقاته لتشاركه هذه اللحظات المرهقة، لم يكن يهتم بما يقال عنه من قبل فلم يهتم الآن، أرهقتها يداه التى احكمت قبضتها على ذراريها حتى كاد يقتلعهم بضغطه عليها، لم تعهده عنيف بعلاقاته فهو هادئ يقدر النساء حتى وإن كن غانيات
-طونيو مابك؟!
وعى لنفسه فابتعد عنها وامرها أن تنصرف دون أن يقضي منها حاجته مما جعلها تقسم أن خطب جلل أصابه لكنها أنسحبت دون أن تتفوه بكلمة
لجأ لشرابه كى يمحى من ذاكرته ما سمعه من شقيقها
قواد لطالما عُرف بكونه قواد ولم يكن الأمر يسؤه فهو عاشق للنساء، محب لوجودهن حوله ولم يكن يرغم أية فتاة على العمل معه، نظم العمل ومنع الإتجار بالفتيات ببلدته وتعاون مع الدونا لينقذ البقية من براثن عائلات المافيا الأخرى، ظل مبتعدا بعار عمله بعيدا لكن قلبه الخائن وهب نفسه لأبنة عائلة لن ترضي به كنسيب لعائلة جيوفانى العتيدة

***********
هدوء تحظى به منذ مجيئها لهنا، حياتها التى تعاد صياغتها للمرة الثانية بفعل تصرف زوجها السابق
زوجها لقد كادت تنسي هذه الكلمة! متى كان ستيفان بحياتها ومتى رحل، ومتى سترتاح من تواجده حولها وداخلها كلما ارادت الإبتعاد توغل مرة أخرى وعاد ملصقا بها جزءا منه
بكاء مكتوم تهادى لسمعها فأسرعت تبحث عن مصدره، وجدتها تنتحب وهى جالسة بأحد كراسي الحديقة ويبدو عليها الإرهاق فعلمت من وضعها أن صديقها قد علم بما حدث
-هل قابلته؟!
مسحت دموعها وطالعت الواقفة امامها بنظرة بائسة
-لقد سمع كل ما دار بينى وبين نينا، لقد رأى أسوأ ما يمكن افعله
-لا تقلقي اماندا سأتصل به واخبره بما حدث
انتفضت حين سمعت ما قالته توبيا فهى لم ترد أن يعرف ما فعلته لاحقا
-لا، لا تخبريه
تعجبت توبيا من رفضها القاطع للأمر  لكنها اكملت حديثها
-يجب أن أنال عقابي كى لا أعيد ما فعلته سابقا
-ولكن اماندا لقد انقذتنى من الموت
-لقد أنقذت نفسي توبيا، لقد تركت نفسي لغيرتى التى كادت تمحى شخصيتى وتحولنى لكائن ممسوخ مثلها
-ولكن هل ستظلين هكذا؟!
-نعم لأجلى توبيا كى أعلم أن ما أزرعه يجب ان احصده.
تهذيب لنفسها أرادته حتى ولو كلفها خسارته، فهى كادت تخسر نفسها ولولا عناية الله لكانت الآن تتحسر على ما جنته يداها بقتل بريئة لمجرد أن من اختارته احبها فأين الحب هنا إذا ما جرد من كل معانى السمو

*********
تشابكت الخيوط فلم يعد أحدا يعلم اهو حقا صدق خدعة زوجته أم أنه لم يعلم ما فعلته، هل صدق أن معشوقته قد حاولت ان تزيح من تعلق به قلبه دونها أم مجنى عليها من ابنة عمه، كل هذا دار بخلد الطبيبة وهى تراجع ملفه الذي تضخم فما تم بحياة هذا الشاب يحتاج للكثير والكثير ليتم استيعابه
-إذا ستيفان، ما الذي تصبو إليه الآن
-أن أشفي من ادمانى لها
-لكنها لم تتعمد أن تصبح مدمنا لها فهى قد أحبتك بصدق
تأفف من طريقة شارلوت بالرد عليه فهو تمنى أن تجيبه بشيء آخر
-ألا تجدين الكذب دكتور شارلوت؟!
-ولم أكذب؟!
-كي تريحينى مما افكر به
اغلقت الطبيبة المسجل الموضوع بجوار الشيزلونج وأغلفت دفترها وقررت أن تتخلي عن مهمتها كطبيبة له وتعامله كأم وهو ما ينقصه حقا
-أنت تكابر ستيفان فأنت عاشق حتى النخاع
اغلق عينيه متألما من كلماتها التى لمست شغاف قلبي الذي أدماه العشق
-وهذه هى لعنتى كيف أعشقها كل هذا العشق وأنا داخلى ممسوخ كما ترين؟!
-أنت خائف ستيفان، خائف أن تتقبل عشقها لك، توبيا ليست باتريشا فهى أبدا لن تضر أبنها
-ابنها؟!
-نعم، قد تكون لم تنجب انطونيو لكنها اعتبرته أبنها وهو أيضا
لم يفهم ما تقوله الطبيبة كيف تعتبر انطونيو ابنها ومتى رآها أبنه فهى منفصلة عنه منذ كان لا زال رضيعا!!
قررت ان تنهي هذا العذاب فقد حان وقت ازالة كل هذه الغشاوات التى اعمت عيناه وقلبه
-أسأل أنطونيو عن حوريته وهو سيجيبك
-حوريته؟!
تذكر عدد المرات التى عاد بها ابنه للمنزل فرحا وهو يخبره ان جنيته الحارسة قد قضت معه اليوم كاملا، وكم مرة وجده يهمس باسمها حين يكون مريضا لكنه ظن أنها صديقة خيالية ولكن كيف علمت الطبيبة بذلك وما علاقته بتوبيا؟!!

************
أصبحت رؤيتها إدمان ووجودها أمر حتمى، امر مباشر بدخولها فور وصولها لمقر عمله، تلك الصغيرة التى جعلت ضحكته ترى من الجميع وهو من كان لا يبتسم إلا قليلا صارت ضحكته تسمع من خلف الأبواب
-ديدو
ابتسم وهو يسمع تدليلها له فرفع بصره لها منتظرا ما ستقوله
-هل أحببت من قبل؟!
تعجب من سؤالها فصغيرته تسأله عن الحب كأنها تقرأ ما جال بباله فهو على وشك الجنون بها
-لا، ولكن أعتقد اننى على وشك تذوقه
لمعت عيناها لكلماته واقتربت منه متجاهلة انتفاضة جسده حين عانقته وضربت رائحتها انفه التى دفنت بخصلاتها المتناثرة حولها
-إذا انت تعشق الدونا؟!
تغضن وجهه مما قالته ما الذي اتى على ذكر توبيا الآن
-لا، فتوبيا سبق وحسمت قضيتها مع الرجال دون ستيفان
-إذا من هى محبوبتك تلك؟!
-عفريتة صغيرة صهرت جليد قلبي ولمست شغافه
-إذا، ما هو شعورك حين تراها؟!
طالعها باعين عاشقة غفلت هى عنها وراح يصف شعوره بقربها
-اسعد حين تنادى اسمى، تنسينى من انا وتعيدنى طفلا من جديد
-إذا هذا ما يجب أن أشعر به حين أراه!
-من؟!
-من سحرنى حين رأيت عيناه السوداوان
نيران أشتعلت بصدره حين سمع اعترافها، قلب صغيرته شغله أحدهم بالفعل فأين كان هو؟!
بغيرة لم يستطع إخفاؤها فخرجت نبرته غاضبة وهو يسألها عنه
-ومن هو ذاك؟!
ابتسمت وهى تصف محبوبها الذي اقسم لو رآه لمزقه إربا فقد تجرأ على ان يسرق صغيرته قبل أن يستطع حتى أن يقربها منه

********

رنات متتالية تبعها هرولة الصغير ناحية الهاتف مما جعل والده يتسغرب ما حدث، تبعه ليجده يجيب الهاتف ويتحدث مع أحدا بسعادة
-لقد أشتقت لك حوريتى متى سأراك مرة أخرى؟!
-حوريته!!
أقترب منه وخطف سماعة الهاتف دون أن يصدر أي صوت منتظرا أن يسمع من يحدث طفله ويعلم أنه بصحبة جده هنا
-أين أنت صغيرى؟! لا تحزن أعلم أنك اشتقت إلى سآتى قريبا لرؤيتك
أتسعت عيناه حين سمع صوتها، وظل يستمع لوعودها لصغيره ليعلم أن الصبي لم يكن بمأمن بعيدا عن الجميع كما ظن
-أنت.....

الدونا ( العشق المنبوذ الجزء الثاني ) مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن