لا تتحدي الصقر
ج2
بارت 25
صلوا على رسول اللهأثارت تلك الكلمات التي تفوهت بها ياسمينا انتباه كل من الصقر وبلال فالتفتوا إلى حيث مصدر الصوت ليجدوها ياسمينا تنظر اليهم وكأنهما تحاول ان تعقل الكلمات مرة أخرى في رأسها .
وقبل ان تنطق بكلمة أخرى وجدت الصقر يحمحم كنار متأججة هائجة تشتعل في وجهها بقوة وحدة, فهو لا يصدق ما تهذي به تلك المعتوهة من وجهة نظره.. كيف تكون مودته ما زالت على قيد الحياة وهو الذي دثرها في التراب بنفسه... وهو الذي شيعها لمثواها الأخير بنفسه ..كيف تُحرك رماد قلبه بعدما حاول هو إخماد الثورة المكنونة في نفسه.. كيف تسمح لنفسها لتجعله يعيش في وهم انها ما زالت حية تُرزق, لتجعله يتعذب أكثر من عذابه الذي هو يعيشه الآن,
تخبطت مشاعره وهامت روحه وهاجت النار بداخله فلم يدري ما الصواب وما الحقيقة, صدمات ومفجعات تتلقاها روحه المعذبة مرة تلو الأخرى لتفوق قدرته على التحمل, مما جعله يصب جام غبضه وعنفوان انفعالاته على تلك البائسة التي تفوهت بهذه الكلمات والتي ظنت انها ستسعده لا ان تثير ثورته أكثر
ليقترب هو منها ممسكا بذراعها بحده صارخا بها- انتي بتقولي ايه انتي كمان... كفاية بقا .. انتوا عايزين مني ايه .. مش كفاية النار اللي جوايا ... حرام عليكم ارحموني... ليه عايزة تعيشيني في وهم وارجع افوق منه على الحقيقة المرة علشان اتوجع آلاف ما انا بتوجع دلوقتي .
كانت ياسمينا تنظر له باندهاش عجيب فهي لم تتوقع هجومه ذاك عليها ..ليتابع هو بها هادرا- تسمحي متتكلميش تاني.. ممنوع تفتحي بوقك معايا تاني .. انتي مش عارفة أي حاجة في أي حاجة ولا فاهمة أي حاجة , انتي ايه اللي دخلك هنا اصلا بدون اسئذان .. تعرفي انتي بالنسبة لي نكرة... اه نكرة ومش هشوفك وعلى عمري هشوفك غير كده...فامشي من قدامي بدل ما أطلع غلبي عليكي.
قال كلماته تلك ومن ثم دفشها بعيدا عن طريقه ويخرج هو من البيت بأكمله وكأنه صاروخ ضائع لا يعرف وجهته.
ليختل توازنها فتصطدم باليد الخشبية للكرسي فتتأوه بألم .. اقترب منها بلال ليرى ما بها بعدما فاق من صدمته اثر كلماتها وصدمته من رد فعل صديقه – ياسمينا انتي كويسة
اعتدلت هي في وقفتها ونظرت اليه بأعين دامعة,
فلقد كانت كلماته تلك موجعة لها فهو اهانها للتو وحقّر من شأنها وهي لم تفعل شيئا فهي ما ارادت سوى المساعدة ... كانت لا تريد ان تراه حزينا مشتتا هكذا .. ارادت ان تبعث الامل في روحه المعذبة, بالاستنتاج الذي توصلت له .. لكنه لم يعطي لها الفرصة بل بادر بهجومه الحاد معها.
ابدى بلال الاعتذار بدلا من صديقه فهو يعترف انه اخطأ في حقها كثيرا ووجب عليه الاعتذار على اساءته تلك لكن الصقر ليس في مزاج يخوله ان يدرك حتى انه اخطأ لذا قال نيابة عنه- انا اسف يا ياسمينا على اللي صقر قاله ...زي ما انتي شايفه هو مش حالته الطبيعية ولا مدرك هو بيقول ايه او بيعمل ايه ..صقر كل لما يحاول يتأقلم مع الوضع تطلعله صدمة تنغص عليه حياته ..هو دلوقتي مبقاش عارف حاجة مين اللي قتل مودة وليه وهل هو فعلا ابوها ولا حد تاني .. انتي لو مكانه كنتي ممكن تفقدي عقلك بسبب اللي بيحصل
ازاحت ياسمينا الدمعات العالقة بين اهدابها وقالت وهي تعيد خصلات شعرها المتمردة على وجهها الى خلف اذنها –عندي احساس ان مودة عايشة يا بلال.. واللي اكدلي احساسي ده اللي سمعته منكم ...
قاطعها بلال – غلطانه يا ياسمينا انك قلتي كده .. انتي حركتي البركان اللي كان صقر بيحاول يخمده جواه.. مكانش ينفع تقولي كده لمجرد احساسك بيقولك كده ...انتي متعرفيش مودة كانت ايه لصقر.
رفعت ياسمينا يدها ليتدلى السوار منها وهي تقول – شايف ده يا بلال؟
لم يعي بلال مقصدها فأشار لها بعينيه بانه لا يفهم فناولته إياه- بص فيه كده ..دقق فيه شوية وقلي شوفت ايه؟
امسكه بلال بين يديه واخذ يقلبه ولا يدري ما المميز في هذا السوار سوى شكله الرقيق.. لكنه انتبه لتلك الكلمات المنقوشة في باطنه (مودة&صقر)
فرفع بصره اليها مرددا- مودة وصقر؟؟
تحدثت ياسمينا بجدية- في طفل صغير اهدى السوار ده لمودي يا بلال, تفتكر انه صدفة ولا مقصود بيه رسالة معينة؟
اتسعت عيني بلال بصدمة- قصدك تقولي ان مودة هيه اللي بعتت السوار بتاعها علشان يوصل لصقر هنا؟ على افتراض انها عايشة وعايزه تبلغه بده؟
هزت ياسمينا رأسها بتأكيد – بالظبط كده ... والاجابة على تساؤلاتنا كلها عند صقر نفسه لو قدر يتعرف على السوار ده وأكد انه فعلا يخص مودة
نقر بلال بأطراف يده على الطاولة أمامه يفكر- مش يمكن السوار ده وقع منها من زمان..ووصل لأيدين أي حد صدفة؟
ياسمينا- تفتكر الصدفة اللي هتجيب السوار لهنا في الصعيد ومودة كانت عايشة في القاهرة؟... وهل صدفة بردو اللي تخلي الطفل ده يعطي السوار لمودي رغم انه كبير جدا عليها؟
رفع بلال كلتا يديه ليمسك بها رأسه مغمضا عينيه هنيهة فما تقوله ياسمينا درب من الخيال لكنه منطقي ايضا
صمت لبرهة ثم قال- ياسمينا مش هينفع نقول لصقر حاجة غير لما نتأكد الاول .. مش عايز اعشمه في الفاضي ... قلبه هينكسر لو طلع اللي بنفكر فيه مش حقيقي
ياسمينا -وهنتأكد ازاي؟
بلال- اول حاجة هنسأل مريم لو كانت شافت السوار ده مع مودة قبل كده ولا لا؟
---------------------------------------------------------------
أسماء عبد الهادي
--------------------------------------------------------------
رأته يجلس واضعا رأسه بين يديه ومطأطأها لأسفل فجلست جواره تربت على فخذه- متزعلش يا عادل يابني .. ان شاء الله هيخرج منها .. كلنا عارفين انه مظلوم ..يا حبة عيني دايما اسامة بخته قليل ومبيلحقش يفرح .. كان خلاص اميرة وافقت تقعد معاه.
رفع عادل رأسه ونظر الى أمه
أنت تقرأ
لا تتحدى الصقر
General Fictionهل فكرت يوما ان تجد طفلك فى رحم امرأة لا تعرفها ؟؟؟ عندما تكون بعيد عن الله _تحمل ما يحدث لك نتيجه ما اتقرفته يداك كيف ستفلتين من عقابه بعملتك تلك ،انت فى قبضته لا محالة ،فما فعلته لا يُغتفر ابدا ولا يُصَدق ان فاعله عاقل ابدا فما فعلته تقشعر له الاب...