بارت 17
لحظات من عدم الاستيعاب والتصديق وكأنها أعوام مرت عليه, لحظات مريرة جف فيها حلقه ودارت به الدنيا وزاغت أعينه وارتخى فيها جسده ليهوى بكامل جسده على كرسي المكتب, تشتعل أعينه الحمراء شررا كالجحيم لذلك الذى دبر لحادثة موت زوجته بهذه الطريقة, حدث نفسه – معقولة طول السنين اللي فاتت وأنا مفكر انه حادث عابر, قضاء وقدر!
-معقول انا قاعد طول السنين دي من غير ما انتقم من اللي كانوا السبب في موت روحي وابني؟
تحامل على نفسه وقام من مكانه يبحث في أنحاء الغرفة عن أى رسائل تهديد أخرى قد تكون تلقتها مودة أيضا, بحث في كل مكان كالمجنون في الادراج وفي خزانة الملابس وفي حقائب مودة في كل شىء لكنه لم يجد شيئا,
جلس مرة أخرى على الكرسى وأخرج هاتفه ليطلب من بلال المجىء اليه في الحال, أخذ يحرك أرجله بعصبية شديدة ومن ثم امسك بأحد الكتب الموضوعة على المكتب يقلب فيها بعشوائية الا انه لمح ورقة غريبة بين طيات الكتاب لينظر فيها ليعرف أنها رسالة تهديد أخرى, لم يستطع تمالك نفسه أكتر من ذلك فخرج خارج الغرفة مسرعا حتى لا يتسبب في دمار الغرفة رأسها على عقب وهو الامر الذى لا يريده, لا يريد ان يخفي أى ذكرى فيها لمودة
خرج للردهة وجلس على الاريكة واضعا وجهه بين يديه يبكي بوجع , الى ان وصل بلال ليجد باب شقته مفتوحا ليعلم انه بالداخل واخيرا دخل الى شقته الذى ابتعد عنها منذ وفاة مودته , ليجده على هذا الحال مطأطأ رأسه فأشفق عليه وعلم انه في امس الحاجة لان يكون بجواره فجلس جواره يربت على كتفه
ليجد الصقر ينظر اليه بلوعة ويمد يده اليه بإحدى رسائل التهديد التي كانت تتلقاها مودة,
أخذها بلال مستغربا وما ان قرأ فحواها, حتى فتح فمه على وسعه واتسعت أعينه ؟؟؟
لم يكن يتوقع أبدا ان شيئا كهذا ممكن ان يحدث وان يكشف بعد هذه السنوات فقال بصدمة- رسايل تهديد ؟ من مين وليه؟
قال صقر وهو يعتصر قلبه من الألم وبصوت مخيف ينذر بالهلاك – قتلوها علشان ينتقموا مني اكيد مفيش تفسير غير ده.
حاول بلال ان يفكر بعقلانية فقال- بس ياصقر لو فعلا زي ما بتقول مكانوش عملوا الانفجار الكبير ده وتسببوا في أذية طلبة كتير بدون ذنب, اعتقد ان رسايل التهديد ملهاش علاقة بالانفجار وموت مودة
قبض الصقر على يده وهدر بقوة –لا انا متأكد ان الانفجار ده المقصود بيه قتل مودة, مودة في الاونة الاخيرة مكانتش على بعضها علطول خايفة وماسكة فيا ومش عايزة تسيبني, وانا فكرتها تعبانة من الحمل لانها كانت في الشهور الاخيرة
تعجب بلال مما يسمعه وقال بحيرة –طيب ليه مودة مجابتش سيرة عن الرسايل دي ؟
مسح الصقر وجه بيده بحرقة- مودة كانت بتخاف عليا جدا وطبيعي عمرها ما كانت هتقولي حاجة زي دي لانها عارفه انى مكنتش هسكت أبدا .
صمت بررهة يلتقط انفاسه المختنقة – ياريتك كنتي قلتيلي يامودة مكانش ده حصل, مكانوش قدروا يفرقوني عنك ياحبيبتي
تحشرج صوته واختلج قلبه وبدأ ينتفض بحزن وغضب في آن واحد
اقترب منه بلال بحزن على حاله وبألم مما عرف من حقيقة, ليرمقه صقر بنظرات حادة بعد ان تحوله اعينه لنيران تلتهم ما تطاله قائلا بنبرة حادة وبصوت الانتقام- مصرين يخرجوا الوحش اللي جوايا, صقر بتاع زمان اللي الكل بيعمله الف حساب هيرجعلهم تاني, وأقسم بالله ما هسيب حد فيهم الا لما أدوقه من نفس الكاس وأدوقه نفس الالم اضعاف
تنهد بلال بقلة حيلة وهو يرى صديقه يتحول لوحش ثائر سينقض على فريسته بلا رحمة لكنه معه كل الحق بما فعلوه ليس بهين أبدا
هتف الصقر ببلال بنبرة آمره- دورلي عليهم الكلاب دول في كل حتة لحد ما تجيبهم لحد عندي فاهم يا بلال.
أومأ بلال برأسه – حاضر ياصقر هبعت رجالتنا يدورا على جمال وبدير في كل مكان متقلقش
لم يبرح الصقر شقته ذلك اليوم وقرر الجلوس مع ذكرايته مع زوجته الراحلة, يبكيها كما لم يبكي أحد فقيده قط, فلقد كان متيما بحبه لزوجته, فهو كان يظن ان موتها كان طبيعيا لكنه ما ان علم انه مدبر حتى أحس ان قلبه يكتوي بنيران لا مثيل لها .
تبدل حاله من يوم وليلة ولم يعد ذلك الصقر الذي اعتاد الجميع ان يرونه, بدا اكثر تجهما وأكثر حدة وطبعا, لم يعد ذلك الصقر الطيب الحنون التي كانت تعمل مودة على ترويضه وانما انقلب لذلك الوحش الهمجي الذي يخشى الناس الاقتراب منه ..
قرر الا يترك شقته الا عندما يعرف طريق ابن عمه فيقتص منه لكن مودي ابنته لم تتحمل ابتعاده ليومان عنها فهو وعدها انه سيعيش معهم لكنه لم يفعل لذا هاتفته من خلال هاتف جدها.
كان مُلقلا على الاريكة بإهمال وتعب فجفونه لم تذق طعما للنوم منذ يومان ينتظر رجاله ان يخبروه بمكان جمال وبدير, استمع لرنين هاتفه فانحى نجزعه ليتلقط الهاتف الموضوع على الطاولة أمامه ظنا أنه أحد رجاله او بلال لكنه لم يكن سوى ذكي الذي يطلبه, لذا لم يرد وألقى الهاتف جواره باهمال واعاد ظهره للخلف مرة اخرى, ليستمع لرنين الهاتف مرة واثنان وثلاثة فزفر بضيق وقرر ان يجيب ليعلم ماذا يريد, رفع الهاتف الى أذنه يقول بملل–خير يا ذكي بيه
ليستمع على الطرف الاخر-بابي .. انت فين ... مس يو كتيير
لوهلة تذكر الصقر ابنته التي نسيها بعدما فجع بالحقيقة الصادمة.. احس بحاجته الى ان يراها الى ان ينظر الى وجهها الذى هو نسخة من مودته, الى ان يضمها الى صدره عل النيران التي بقلبه تخمد ولو قليلا فقال باشتياق- حبيبة بابا.. انا جايلك حالا .
التقط هاتفه وقام مسرعا ليذهب الى ابنته فاصطدم ببلال الذى كان يدلف للتو , فقال بلال مستغربا- صقر انت رايح فين
اجابه الصقر على عجلة من امره – رايح لبنتي يابلال
اشار بلال الى هيئته المزرية وملابسه الغير مهندمة – هتخرج كده بمنظرك ده!!
نظر الصقر الى حاله في المرآة الموضوعة بجوار الباب ليجد ازرار قميصه ليست في مكانها الصحيح وشعره مشعث يحتاج الى ان يمشطه فنفخ بضجر
فقال بلال- ادخل ياصقر خد دش وغير هدومك وبعدين كل الاكل اللي انا جايبهولك ده انت مكلتش بقالك يومين..بعدين روح لمودي
توجه الصقر للحمام ليغتسل ويبدل ملابسه ليكون مناسبا لمقابلة ابنته, ورفض أن يتناول الطعام فلا شهية لديه في الوقت الحالي
---------------
هتفت بحماس شديد تطلب من والدتها أن تسرع في وضع ربطة شعرها الحمراءفهي تتجهز من اجل لقاء والدها الذي تشتاق اليه كثيرا – هاري مامي " بابي" زمانه جاي.
امتعض وجه ياسمينا عندما سمعت اسمه فلوت شفتيها بتبرم فهي كانت مرتاحة منه في اليومين الذي غاب فيهما ولكنها حاولت رسم بسمة خافتة على وجهها من أجل ابنتها.
بعد ان انتهت أمها من وضع ربطة الشعر , ركضت مودي بأقصى سرعتها نحو الحديقة تنتظر والدها لتكون في استقباله.
اما ياسمينا فطلبت من الخادمة ان تحضر لها قهوتها الخاصة وتأتي لها بها بالأسفل في الطابق السفلي من الفيلا في الجزء المطل على حمام السباحة والحديقة.
----------------
ما ان وجدت والدها يدلف من بوابة الفيلا حتى ركضت نحوه بفرحة شديدة ترتمي بين ذراعيه-بابي حبيبي وحشتني أوي
دفن الصقر رأسه في شعر ابنته وهو يحيطها بذراعيه بحنان بالغ فهو ايضا كان بحاجة لذلك العناق عله يربط على قلبه ويخفف عنه بعض آلامه, ظل على وضعه يحتضن ابنته لبعض الوقت وهو يقول- وحشتيني ياروح قلب بابا وحياته كلها.
ابتعدت هي قليلا عنه وأدعت انها غاضبة منه – بس أنا زعلانة منك, كده يا بابي توعدني انك هتفضل معايا وتسيبني يومين من غير ما اشوفك؟
أمسك يديها الصغيرتان بين يدها ومن ثم قبلهما وهو يقول- حبيبة معلش غصب عني, اوعدك مش هسيبك تاني ابدا.
رفعت هي سبابتها امامه وهي تقول له – وعد يا بابي ؟
اجابها بابتسامة من قلبه- وعد ياروح بابي.
أخذها أبيها الى الارجوحة الموضوعة على الجانب الأيسر من الحديقة ليمرحا لبعض الوقت معا يتجاذبا أطراف الحديث.
-------------
في هذه الاثناء وصل حاتم الى الفيلا والذي ما ان عاد من السفر وسمع بخبر عودة ياسمينا هي الاخرى من الخارج حتى جاء ليراها فما زال بعد هذه السنوات يحبها ويريد ان يتزوجها
فهو ما زال ينتظرها ولم يتزوج بعد .
دلف للداخل ولم ينتبه له الصقر الذي كان منهمكا في اللعب مع ابنته على الارجوحة ،يدفش هو الارجوحة بهدوء، لتضحك هي بسعادة فرحة بوجود والدها إلى جوارها
_____
سأل حاتم احد الخدم عن مكان ياسمينا ثم ذهب الى حيث تجلس، وجدها تجلس واضعة قدما فوق أخرى وتتصفح مجلة خاصة بالازياء والموضة وفي يدها الاخرى فنجان من القهوة وترتدي فستانا قصيرا يصل الى ما بعد الركبة بقليل من اللون الكافيه الهادئ والذي كان مناسبا تماما للون شعرها ولون بشرتها البيضاء.
أنت تقرأ
لا تتحدى الصقر
Ficción Generalهل فكرت يوما ان تجد طفلك فى رحم امرأة لا تعرفها ؟؟؟ عندما تكون بعيد عن الله _تحمل ما يحدث لك نتيجه ما اتقرفته يداك كيف ستفلتين من عقابه بعملتك تلك ،انت فى قبضته لا محالة ،فما فعلته لا يُغتفر ابدا ولا يُصَدق ان فاعله عاقل ابدا فما فعلته تقشعر له الاب...