الفصل ٤٧

275 17 7
                                    

أسرع شيفاي إلي المنزل بعد سماعه بخبر فقدان أنيكا للوعي حتي وصل إلي المنزل و لكنه تفاجأ عندما دخل بانقطاع الضوء و انتشار الظلام في المنزل مما جعله يشعر بالتوتر أكثر. فتح شيفاي كشاف هاتفه هو و أوم و أخذا يبحثان في أرجاء المنزل لعلهم يجدا أحد و أخذا يصيحا لعل يسمعهما أحد و لكن لا حياة لمن تنادي. ازداد توتر كلًا من أوم و  شيفاي ليلتفت الأخير له و يقول
شيفاي:- حاول يا أوم تتصل بيهم شوفهم راحوا فين ويكونوا نقلوا أنيكا المستشفي ولا حاجة و انا هروح اشوف فين الكورس عشان افتح النور بدل الضلمة اللي مخليانا مش شايفين حاجة دي
كان أوم سيسمع كلام شيفاي و يتوجه بالاتصال بأخته و لكنه تراجع عندما سمع صوت حركة ليتفاجأ الاثنان عندما وجدا ضوء خافت يظهر ببطء و تقف فتاة ترتدي فستان أزرق و تضع قناع علي وجهها مما أخفي ملامحها ليتصنم شيفاي مكانه و أخذ يقترب ليتأكد من شكوكه ليقف علي مقربة من تلك الماثلة أمامه ليندهش أكثر عند اقترابه من الفتاة و كأنه يتذكر هذا المشهد و كأنه قد رأه من قبل. نفس الفستان، نفس القناع هل؟ هل هي؟ هل من كان يبحث عنها؟ هل عادت؟ كان سيتحدث لولا تفاجأه ببداية الموسيقي لتبدأ الفتاة في الغناء و شيفاي مازال في حالة ذهول أخرجه منها أوم الذي سأله عن تلك الفتاة و سبب دهشته و كأنه يعرفها من قبل و لكنه تفاجأ أكثر عندما وجد في الخلف تظهر جوري و هي مرتدية إحدي الفساتين اللامعة و تصفق و هي تقترب من أوم كما وجد بريانكا و بافيا و رودرا لينظر لشيفاي و يجعله ينظر لما يراه و لكن لا يعلم أن صديقه ليس معه في عالمه و إنما في عالم آخر ذهب اليه كلما  أستمع لتلك الموسيقي و ذلك الصوت. أنها الأغنية نفسها، أنه نفس الشعور الذي قد عاشه منذ عام و لكن المختلف أنه وجد تلك الفتاة تتبادل النظرات معه حيث لم يستطع القناع أن يخفي عينيها التي تتحرك معه كلما تحرك، مسبقًا كان هو فقط من  ينظر إليها و كأنه يدعوها و لكنها لم تكن تبالي أو تجيب الدعاء بينما الأن يشعر أن حقًا تلك الأغنية موجهة له و تلك الفتاة تشعر به و تلبي دعاءه و ما أكد ظنونه اشارتها له بأن يأتي. شعر شيفاي أن قدميه ما عادت تحمله و كأنه لم يقوَ علي المشي لتتفهم أنيكا و تغادر المكان الذي كانت تقف عليه و تقترب منه و هي مازالت تغني حتي التصقت به و أمسكت بيده و أكملت غناء و هي تنظر له، سبح شيفاي في بحور عينيها و هو يشعر بالدفئ عند النظر إليها، شعر أنها ملجأه الذي يختبئ فيه و لكنه للحظة تراجع عند  شعوره أنه يتوجه بمشاعره لواحدة أخري غير زوجته فهو يحب أنيكا و قد أقسم أنه لن ينظر لامرأة غيرها. لا ينكر أنه سعيد لرؤيتها مجددًا و أنه لا يستطع وصف تلك المشاعر و لكنه في ذات الوقت نادم علي مشاركة واحدة أخري غير زوجته مشاعره. حاول شيفاي الابتعاد عنها و لكنه لم يجرؤ كان يشعر براحة عجيبة منعته من الابتعاد عنها بل يريد الالتصاق بها و كأن أغنيتها تحتوي علي تنويم مغناطيسي يعزله عن دنيته حتي أنه نسي أنه جاء ركضًا للحاق بزوجته التي فقدت وعيها. فاق شيفاي من شروده عندما توقفت الموسيقي و توقف الغناء ليجد الفتاة مازالت تنظر لها و لكنه لو يرد الاستمرار في النظر لها كثيرًا ليصبح يده و يبتعد عنها و لكنها ظلت ممسكة به لتقترب من أذنه و تهمس قائلة
أنيكا:- كل سنة و انت طيب يا حبيبي
شعر شيفاي القشعريرة تسري في جسده عند همسها بالقرب من أذنه ليشعر أنه يعرف ذلك الصوت جيدًا، ذلك الذي لا  يعرفه عند الغناء أصبح مألوفًا له عندما اقتربت منه الأن، نظر إليها نظرة عرفتها  أنيكا مما جعلها تشرع لكشف هويتها لتبتعد قليلًا و تنزع القناع من علي وجهها ليصبح واضحًا كالبدر. أنها هي، أنها أنيكا. شعر شيفاي بالعالم يلف من حوله، كان يشعر طوال الفترة السابقة أنه خائن لأنه كان يعتقد أنه كان يفكر في واحدة أخري غير زوجته، علي الرغم من حبه زوجته لكنه كان يشعر ببعض التوهان نتيجة إصراره لمعرفة هوية الفتاة التي غنت له في يوم عيد مولده، لم ينكر أنه مازال يكره ذلك اليوم و لكن تلك الفتاة جعلته ينظر لليوم بنظرة أخري و كأنه الطفل الصغير الذي مازال يحتفل بعيد مولده و هو في الثاني عشر من عمره. لم يكن يعرف أنه كان طوال الوقت يفكر في زوجته. ظل شيفاي مندهشًا حتي قطعت أنيكا الصمت و هي تقترب من زوجها و تمسك يديه و تقول
أنيكا:- عارفة إنك مستغرب و في أسئلة كتير في بالك عاوز تسألها بس قبل ما تسأل خليني أقلك علي الكلام اللي كنت شايلاه لليوم ده. أيوة يا شيفاي أنا هي، أنا هي البنت اللي كنت ف عيد ميلادك و غنيت. الموضوع مكانش متخططله ده القدر هو اللي لعب لعبته زي ماحنا متعودين، هو اللي خلي المغنية الاصلية اللي كانت المفروض تغني في عيد ميلادك ما تجيش و أنا اضطريت اطلع اغني مكانها. مش قادرة أنسي نظرتك ليا في اليوم ده حسيت من اللحظة دي أنك محتاجاكي و أنك بتنادي عليا، حسيت من دموعك قد إيه أنت موجوع، قد إيه فقدت حاجات كتير كان نفسك تعيشها، سمعت في وداني صوت غير صوتي، سمعت صوت طفل صغير بيصرخ و هو تايه و بيدور علي ايد تنقذه من الغرق و الضياع بيدور علي أي حبل ماسك نفسه عشان يتشعلق فيه. شفت دموعك اللي كانت بتنزل و عينيك اللي كانت بتدور عليا و اللي كانت بتتكلم و بتطلب مني أفضل جنبك و انقذك. معرفش ليه اختفيت و معرفش ليه كنت حابة أخفي هويتي عنك جايز ماكنتش عاملة حساب المستقبل ماكنتش اعرف ان مستقبلنا هيبقي مرتبط ببعضه بعد كده. حتي ماكنتش مقررة إذا كنت هظهرهالك ولا لاء. ماكنتش اعرف البنت دي لسة في فكرك ولا لاء و ماكنتش اعرف أنت عارف او حاسس أنها أنا ولا لاء. حسيت أني عاوزة اظهرلك دلوقتي عشان كان نفسي عيد ميلادك يبقي مرتيط بذكري حلوة تفرحك باقي عمرك زي مارتبط بذكري خليتك كئيب و حزين طول سنينك اللي فاتت. صدقني غرضي مكانش اعذبك ولا الففك حوالين نفسك بس الموضوع جه كده زي ما القدر كان عاوز. آسفة كمان أني خضيتك بخبر اغمائي ده بس اللعبة كانت لازم تبقي محبوكة عشان تدخل دماغك و تصدقها كنت عاوزة اظهرلك فجأة زي ماختفيت فجأة. كنت عاوزة اخليلك أول عيد ميلاد نبقي فيه مع بعض مميز عن أي عيد فات. كنت عاوزة اقف قدامك كده و امسك ايدك و أقلك أني بحبك، بحب خوفك عليا اللي عمر ما حد خافه عليا قبل كده. بحب كلامك الحلو اللي عمري مل سمعته قبل كده، يجب غسنسك اللي بتبذلي بدأت تحسسني أني ملكت العالم كله، بحب حضنك اللي و انت ضاممني ليه بحس براحة و دفا مش طبيعيين. بحب حياتي اللي مبقالهاش قيمة و لا لازمة الا لما بقيت موجود فيها. حبيت كل ذكري حلوة اتولدت بينا و كل ذكري وحشة وقت علاقتنا و عؤغتنا قيمتنا. حبيت جو العيلة اللي سمحتي أعيشه و أنا هنا وسط عيلتك بحب ماكنت عيشت يتيمة طول حياتي. بحبك و بحب كل تفصيلة ربططني بيك. كل سنة و انت ضهري و انت عندي و انت حبيبي و انت أبويا و انت اخويا و انت جوزي و أنت صديقي و انت انتيمي و انت عيلتي كلها. كل سنة و انت طيب و انت حكيم و أنت قوي و انت حنين و انت راجلي. كل سنة و إحنا بنحب بعض أكتر و كل سنة و فيها ذكريات أكتر و أحلي، كل سنة و حبنا لبعض بيقوي و الرابط اللي رابطنا ببعض مقوينا أكتر و أكتر. كل سنة و أنت أحلي حاجة وقعها القدر في طريقي. كل سنة و أنت حبيبي و أبو ابني او بنتي المستقبليين. كل سنة و انا بحبك. علي فكرة يا شيفاي في حاجة اخيرة كنت مخبياها عليك، أنا اتولدت معاك النهاردة، اما لحد النهاردة معرفش تاريخ ميلاد ليا بس قررت أن تاريخ ميلادي هيبقي هو تاريخ ميلاد حبيبي. مش مهم الشهادة بتقول ايه المهم أنا حاسة بإيه
ادمع شيفاي من كلام أنيكا فلم يتوقع أنها تحبه كل ذلك الحب حتي أن جميع الحاضرين تأثروا بحديث أنيكا ليمسح شيفاي دموعه و يمسك يد زوجته و يقول
شيفاي:- طول عمري شايف نفسي تافه و ماليش لازمة واحد بس بيأذي نفسه و اللي حواليه شايف ان الحب ده كلمة رخيصة بنضحك بيه علي بعضنا و أنه في الحقيقة مش موجود لحد ماتبعتي قدامي و شقلبتيلي حالي و كياني و علمتيني اللي متعلمتوش زمان و روتيني اللي معرفتش أشوفه زمان. ورتيني  يعني إيه واحدة ترمي نفسها في النار عشان حد تاني من في ماتفكر ولا تتردد لحظة. ورتيني يعني إيه زوجه مخلصة لجوزها و معاه علي الحلوة و المرة ورتيني يعنس إيه حب بجد. صدقيني يا أنيكا أنا معرفتش الحب غير معاكي أنتي بس لدرجة كنت يحاسب نفسي كل يوم في كل مرة كانت دماغي تفكر مجرد تفكير في البنت اللي غنيت في عيد ميلادي كنت شايف نفسي خاين، كنت بقول انا وعدت أنيكا و نفسي أني مش تفكر في سن تانية غيرها أومال ليه البنت دي في دماغي. كان بيبقي عليا اخبط نفسي خبطة تفقدني الذاكرة عشان احرم أفكر في واحدة تانية غيرك. ماكنتش أعرف أني ماكنتش عارف ابطل تفكير في البنت دي عشان'في الأساس كنت بفكر فيكي. ماكنتش أعرف أن الصوت اللي علي طول كان بيضوي في وداني طول السنة ديه كان في الأساس صوتك أنتي و العيون اللي كنت بدوب فيها دي كانت عيونك. ماكنتش أعرف أنك كنتي جنبي الوقت اللي فات ده كله بس كالعادة كنت مغفل اذا كنت مجيتش أني عايش عشان دمك بيجري في عروقي كنت هعرف إزاي أنك اللي شقلبتلي كياني و لغبطتلي بالي. أصل الراجل مبيرتاحش عير مع ست واحدة و أنا كنت مستغرب إذا لو فكرت فيكي أو فيها كنت ببقي مرتاح كده و ده كان بيحسسني لقد إيه أنا راجل خاين لزوجته اللي صانته و فضلت مخلصاله بس اتارني بني آدم طبيعي بحس بالراحة و الأمان مع واحدة بس و هي مراتي اللي مقدرش أبص لواحدة غيرها. كل سنة و انتي مراتي و أنتي حبيبتي و أنتي انتيمتي و أختي و سندي كل سنة و انتي أم عيالي في المستقبل كل سنة و انتي هدية ربنا ليا و أحلي صدفة وقعها القدر في طريقي.
ليحتضن العاشقان بعضهما البعض و يصفق الحاضرون لهما ليظلا هكذا حتي سمع شيفاي صوت جعله يتصنم محله مرة أخري و كأنه أصيب بضعف في السمع. اعتقد انه يحلم ليظل معانقًا زوجته غير مباليًا للصوت الذي سمعه و لكنه ابتعد في تلك اللحظة التي تأكدت فيه شكوكه و تحولت ليقين. حاول أن ينقظ نفسه ظنًا أنه يحلم و لكنه لم يحلم ظل هكذا حتي التفت لمصدر الصوت لتتأكد شكوكه. اه صوتها، الصوت الثاني الذي طاق لسماعه، صوت ملائكي كان يحلم أن يسمعه مرة أخري، أنه صوت والدته. بينكي. لقد عادت تتحدث، ظل شيفاي ينظر لها و هي تكرر اسمه مرة أخري و كأنه يستمع لسمفونية لا يريد أن تتفوق حتي فاق شيفاس و استعاب المفاجأة هو و أخوه الذب لا بقي دهشة عنه. لتركض الجميع إليها و يقبلا رأسها و يديها و قدميها و هما يرفعا يديهما للسماء و يشكرا الله علي تلك الهدية التي منحه أياها في عيد مولده ليجعله أحلي أيام حياته. ركض الجميع عند بيكي و هم فرحين فرح مختلط بالدموع و اكملوا الحفل فرحين و يتشاركوا الغناء و الرقص مستمتعين بميلاد طفل جديد أتي إلي العالم هو شيفاي و والدته التي عادت للحياة مرة أخري.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

 ماذا يخبئ القدر؟حيث تعيش القصص. اكتشف الآن