الفصل الاثني عشر

415 14 4
                                    

التفتت أنيكا للخلف لتري أن بافيا هي من حدثتها، و لكنها لم تندهش، فقد كانت تعلم أن بافيا هي من تعرف ما يوجد في تلك الغرفة و لكنها ما صدمها هو ما قالته لها بافيا، إن تلك السيدة هي والدة شيفاي و أومكارا، إذن من هي جومان؟ و هل هي والدة بافيا ايضًا أم لا؟
و لماذا تجلس في هذه الغرفة؟ شعرت أنيكا أن رأسها سينفجر من كثرة الأسئلة التي تسيطر علي عقلها و لكنها أصرت أنها لم تخرج من تلك الغرفة دون أن تعرف الحقيقة كاملة، فظلت تنظر لبافيا و كأنها تطلب منها أن تقول لهة الحقيقة، ففهمت بافيا نظرات أنيكا و قالت لها
بافيا:- أنيكا، أنا عارفة إنك مستغربة و في أسئلة كتيرة عاوزة تسأليها و تعرفي إجابتها بس ممكن نخرج برة الأوضة و انا هحكيلك كل حاجة و هجاوبك علي اسئلتك كلها
لم تطيل أنيكا الحديث مع بافيا و لم تعترض عليه و كانت ستخرج و لكنها التفتت مرة أخري للسيدة بينكي و بقيت تنظر لها و لم تستطع منع دموعها أكثر حيث تقدمت منها و هي تبكي و جلست أمامها و هي تتأملها و هي جالسة علي ذلك الكرسي المتحرك و دموعها مازالت علي وجنتيها من أثر بكائها منذ قليل، فوضعت يدها و أخذت تمسح دموعها، فما لبثت والدة أنيكا إلا انها استكانت بين يديها علي الرغم من اندهاشها من تلك الفتاة التي تراها لأول مرة و لكنها شعرت بحنينها الذي لا يختلف كثيرًا عن حنين بافيا، كانت بافيا تنظر لهن بابتسامة و هي سعيدة بأنيكا و ما فعلته مع السيدة بينكي ثم فاقت علي صوتها و هي تقول لها
أنيكا:- بافيا،  تعالي ساعديني نقعدها علي السرير و نجبلها حاجة تاكلها
و بالفعل قام كلًا من أنيكا و بافيا بمساعدة مدام بينكي لتجلس علي سريرها ثم ذهبت بافيا لتحضر لها طعامًا و جعلت أنيكا تطعمها، و كانت بافيا سعيدة لأنها وجدت مدام بينكي غير ممانعة لذلك، فقد كانت بينكي تشعر بالراحة تجاه تلك الفتاة. ثم التفتت بينكي لبافيا و أشارت علي أنيكا و كأنها تسألها عن هوية تلك الفتاة، فترددت بافيا، هل تقول لها الحقيقة و أن أنيكا هي زوجة شيفاي أم تنتظر و لا تتعجب و لكنها رأت أنها ستعرف عاجلًا أم اجلًا لذلك فضلت اخبارها بالحقيقة، كانت أنيكا صامتة طوال الوقت و كأنها منتظرة قرار بافيا نيابة عنها و لكنها وجدت بافيا تقول
بافيا:- دي أنيكا يا طانط بينكي، مرات شيفاي
انصدمت بينكي من جواب بافيا، ثم سرعان ما بدأت في البكاء مجددًا، هل ابنها قد كبر و تزوج من دون علمها، تزوج دون أن تحظي بفرصة لحضور زفافه، كانت تتمني أن تري ذلك اليوم لأولادها منذ أن كانوا أطفال صغار، كانت تريد أن تشاركه اختيار زوجته، كانت تريد أن تعيش تلك اللحظة و هي تري ابنها قد وقع في حب احدهن، كانت تريد أن تعد كل شيء يخص زفافه و منزله الذي سيعيش فيه مع عروسته، كانت تريد أن تصادق الفتاة التي اختارها و تشعرها أنها والدتها هي ايضًا و لكن ها قد تزوج أحد أبنائها  دون علمها، و ربما ما المها اكثر أن جومان هي من حضرت الزفاف دونها، فها الغريب حظي بتلك الفرصة بينما هي لا. فهل ستلحق بالأخر و تفعل معه ما امتنعت عن فعله مع شيفاي أم ماذا سيشاء القدر.
تألمت أنيكا لرؤية بينكي هكذا، ففضلت الانسحاب و لكنها انتبهت للأخيرة التيمسكت يدها و جعلتها تجلس بجانبها، كانت بينكي تنظر لها و هي تمرر يدها علي وجه أنيكا و تري جمالها، ثم ابتسمت لها و هي مازالت ماسكة يدها و كأنها تبارك لها و تشعر بداخلها أن تلك هي من ستغير حياة ابنها. ،فرحت أنيكا لأن والدة شيفاي قد تقبلتها كما أنها شعرت أنها ستعوضها عن حنان واادتها التي حرمت منها.
انتهيا الفتاتان و انتظرا حتي اطمأنا علي مدام بينكي حتي نامت ثم خرجا من الغرفة. و ما أن خرجا حتي التفتت أنيكا لبافيا و قالت
أنيكا:- بافيا، من فضلك عاوزة افهم بدل مانا قاعدة مش فاهمة حاجة كده، مين مدام بينكي؟ و ليه بتقللها طانط و أنتي أخت شيفاي و أومكارا؟ و مين جومان؟ فهميني بدل مانا تايهة كده
بافيا:- حاضر صدقيني هفهمك كل حاجة بالتفصيل، بس مش هنا، تعالي أوضتي و نعض سوا و أنا هحكيلك كل حاجة
أنيكا:- لا وحياتك بلاش أوضتك، أنتي ماشفتيش شيفاي كان عامل ازاي الصبح، ده كان مجنون خالص لولا ربنا ستر، إحنا لازم نعض بعيد عن الأنظار شوية
في الجنينة مثلًا أو حاجة
بافيا:- خلاص تمام، فيه مكان في الجنينة محدش يعرفه ولا بيروحه غيري، ممكن نعض فيه
أنيكا:- تمام، بس منتأخرش عشان أرجع قبل ما شيفاي يجي و يكتشف غيابي و أنا معرفش هيعمل إيه لو ملقانيش و لا اكتشف أني اعدت معاكي.
بافيا:- ماتقلقيش مش هنتأخر، تعالي معايا
هبط الاثنان معًا إلي أسفل حتي وصلا إلي حجرة المعيشة، فأوقفهما صوت تيج الذي كان يتناول العشاء مع زوجته جومان
تيج:- إيه يا بنات مش هتتعشوا؟
بافيا:- لاءيا بابا مش جعانين، إحنا قلنا نطلع أنا و أنيكا نتمشي في الجنينة شوية بدل ما هيا قاعدة من الصبح في اوضتها و بالمرة اوريها الجنينة بتاعتنا
تيج:- طيب يا جبيبتي، كويس، خلي بالك من أنيكا، مش هوصيكي عليها، و أنتي يا أنيكا اعتبري نفسك في بيتك و بافيا تبقي أختك، مش عاوزك تحسي أنك غريبة خالص
أنيكا بابتسامة:- متشكرة حضرتك
رحل أنيكا و بافيا ثم عاد تيج ليكمل تناول طعامه فاستمع لجومان تقول له
جومان:- كش ملاحظ انك مدلع العروسة الجديدة أوي و إحنا لسة يادوب أول يوم ليها النهاردة
تيج بمزاح:- دي غيرة منها و لا ايه؟
جومان:- لاء طبعًا، أنا أغير من ديه، ليه إن شاء الله، عندها إيه مش عندي، هي عمرها كانت تحلم أنها تناسب عيلتنا، أنا بس مش عاوزاك تبقي سهل كده معاها عشان متسؤش فيها و تطمع و تبدأ في طلبات مانخلصش منها
تيج:- ما البنت هادية و قاعدة في اوضتها من الصبح، ماشفنهاش غير علي الفطار، لا طلبت ولا عملت
جومان:- كلهم بيبقوا كده في البداية يا حبيبي بس بعد كده بيقبلوا علي وشهظ الحقيقي، أنا عارفة الأشكال دي كويس و بعدين دي تلاقيها مطهأة ابنك في عيشته، النهاردة نزل الصبح و كان باين عليه متعصب، شكلها ضايقته في حاجة أو قالتله حاجة زعلته
تيج:- هي برضه اللي زعلته و لا هو اللي بيخلق مشااكل مع الكل و خلاص، أنا تعبت من الولد ده، مش عارف أعمل معاه و لا اخليه يتعدل ازاي، لازم أكلم أنيكا اخليها تاخد بالها من جوزها
جومان:- يا تيج صدقني تلاقيها هي اللي مضايقاه و مخلياه يبص برة و شكلها هتبوظه أكتر مش هتعدله ولا تغيره ولا حاجة. هما البنات اللي علي قد حالهم دول كده، مابيفكروش غير في العز و الهنا اللي هيعيشوا فيه، إنما لا يعرفوا يعني إيه حب ولا إخلاص ولا غيره، مايهمهمش غير الفلوس بس
تيج:- أفهم من كده أنك أنتي كمان مابتفكريش غير في الفلوس؟!!
اندهشت جومان مما قاله تيج و تلبكت ثم سمعته يكمل قائلًا
تيج:- استغربتي ليه؟ بعدين مانتي كنتي زيها في يوم من الأيام لاكن أنا مفرقش معايا مستواكي ولا حالك و اتجوزتك برضه و بقيتي حرم تيج بيه أوبروي
جومان:- قصدك إيه يا تيج؟ أنت بتقارني أنا بالبنت ديه؟!!!!
تيج:- أنا ولا بقارنك بيها ولا حاجة بس بفهمك و بعدين أنا متكلمتش ده انتي اللي قلتي انك تعرفي الناس ديه، فأنا بس عاوز اوضحلك أن مافيش فرق بين الفقير و الغني و أكبر دليل ادتهولك إحنا، و بعدين مين عارف مش يمكن شيفاي يحبها زي مانا حبيتك
جومان:- مهما كان، ماينفعش تقارن بيني و بينها بالشكل ده
تيج:- طيب يا ستي متزعليش خلاص، يلا خدي كلي دي من ايدي و فرفش كده يا جميل
ابتسمت جومان و هي تتناول من أيدي تيج و لكن بداخلها يوجد بركان من الغضب بسبب مقارنة تيج لها مع تلك الفتاة التي لم تقضي سوي يوم واحد بالقصر و أخذت تتوعد لها.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

 ماذا يخبئ القدر؟حيث تعيش القصص. اكتشف الآن