الفصل الثامن

405 18 2
                                    

في صباح اليوم التالي، استيقظت أنيكا من النوم و اندهشت عندما وجدت نفسها نائمة في غرفة شيفاي و لكنها اطمأنت عندما وجدته مازال نائمًا، أي أنه لم يراها، فإن كان قد رأها لأوقظها من النوم و لم يتركها حتي الأن. استغلت أنيكا فرصة نومه و أخذت تتأمل وجهه بعينيها، لم تنكر أنها مازالت غاضبة منه بعد ما فعله معها في عملها و معاملته السيئة لها و لكنها أشفقت عليه كلما تذكرت أن هناك من يخطط لقتله و إنهاء حياته بتلك السرعة، فهو مازال شابًا لم يعش حياته بعد، ماذا يمكن أن يكون قد فعل ليدفع أحد للتخلص منه. فكلما نظرت إليه، شعرت أنها تقف أمام طفلًا صغيرًا يخفي عطفه و حبه و طفولته خلف قناع القسوة و اللامبالاة الذي يرتديه. فاقت أنيكا من شرودها عندما وجدت الممرضة تدخل الغرفة لتفحص المريض و طمأنتها أن حالته قد تحسنت عما كانت من قبل.
فإطمأنت أنيكا و قامت لتتركه يكمل نومه و حاولت عدم إصدار صوت حتي لا تزعجه و لكنها توقفت مكانها عندما سمعته يتحدث، خافت لأنها ظنت انه يحدثها و لكنها عندما التفتت إليه وجدته مازال نائمًا و لكنه ربما يحلم، فاقتربت منه و استمعت إليه و هو لا يقول سوي كلمة واحدة و هي "ماما"، شعرت أنه في صراع و كأنه يستنجد بوالدته، كان يقول كلامًا كثيرًا لم تفهمه، حاولت تهدئه، فوضعت يدها علي رأسه و أخذت تدندن بصوتها العذب، فاستكان بين يديها و عاد للنوم تائهًا في صوت الرنين الذي تعشقه أذناه. اطمأنت أنيكا عليه و سحبت يدها ببطء ثم غادرت الغرفة. لم تمر لحظات حتي وجدت أحدًا يتصل بها، فكان والدها هو المتصل، في البداية لم تجيب لأنها تعلم فيما سيتحدث و لكتها عندما وجدت الاتصال قد تكرر عدة مرات، أجابت علي الهاتف
أنيكا:- نعم يا بابا؟! ماتحاولش معايا لأني مش هرجع البيت و مش موافقة علي الجوازة دي..
لكنها صمتت عندما أتاها صوت بكاء، لتقلق من أن يكون والدها قد أصيب بأي مكروه، فمهما كان ما يفعله معها، إلا أنه والدها و بالطبع تكن له و لو قدر قليل من الحب علي الرغم من قسوته معها. انتظرت أنيكا حتي أتاها صوت والدها و هو يبكي
والد أنيكا:- أيوة يا أنيكا يا بنتي، تعالي علي البيت لو لسة ليا خاطر عندك، اسمعي اللي هقلهولك، بعد كده ليكي حرية الإختيار و أنا هتقبل اختيارك أيًا كان هو إيه
أنيكا:- حاضر يا بابا، هاجي دلوقتي أهو
اغلقت أنيكا الهاتف و وقفت خلف زجاج غرفة شيفاي لتلقي عليه نظرة أخيرة تطمئن بها قلبها لربما لم تراه مرة أخري، ثم ذهبت إلي الطبيب الذي يتابع حالة شيفاي
أنيكا:- صباح الخير يا دكتور
الطبيب:- صباح النور يا انسة أنيكا، تحت أمرك
أنيكا:- بصراحة أنا مضطرة أمشي لأني عندي ظروف بس خايفة للي حاول يقتل أستاذ شيفاي يحاول تاني النهاردة، فحضرتك ممكن تكلم حد من عيلته يجيله يتابعه، أو حضرتك تعين حراسة خاصة علي غرفته تحميه أو يكمل علاجه في بيته، المهم يفضل بخير و اسيبه وأنا مطمنة
الطبيب:- أنا مقدر خوفك عليه و مش ناسي طلبك اللي طلبتيه مني امبارح، أنا قدامي تقرير عن حالته دلوقتي و شايف إن كل حاجة بقيت طبيعية و مش هيبقي فيه خطر عليه بعد كده، يعني مافيش مانع يتابع علاجه في البيت و أنا هتواصل مع أي واحد من افراد عيلته دلوقتي، اطمني و روحي و أنتي مطمنة، أنتي مسبتيهوش اليومين اللي فاتوا و فضلتي جنبه
أنيكا:- أنا اللي بشكر حضرتك و فريقك المساعد و ربنا يقدركم علي أنكم تكونوا سبب في علاج كل مريض بعد ربنا، بس أهم حاجة البوليس يقبض علي المجرم اللي بيحاول يقتله ده و أنا قدمت اقوالي امبارح.
الطبيب:- متقلقيش، تأكدي إننا هناخد بالنا.
اطمأنت أنيكا لحديث الطبيب و غادرت متجهة إلي منزلها.
مر بعض الوقت ثم أتي أومكارا ليطمئن على أخيه، فقابل الطبيب قبل الذهاب إلي غرفة شيفاي، ليحكي له الطبيب ما حدث ليلة أمس، فأجاب أومكارا
أومكارا:- مين ده اللي يحاول أنه يقتل أخويا، شيفاي مش من النوع اللي بيخلق عداوات مع الناس، ده لو اضايق من حد بيقاطعه خالص مش بيفكر حتي ازاي ينتقم منه
الطبيب:- إحنا مستنيينه يفوق و البوليس هيدخل يتكلم معاه شوية
أومكارا:- أهم حاجة أنكم لحقتوه، أنا مش عارف اشكركم إزاي
الطبيب:- في الحقيقة مش إحنا اللي نستاهل الشكر، اللي يستاهل الشكر بجد هو اللي أنقذ أخوك.
أومكارا:- طب هو فين و أنا مستعد أشكره بنفسي و اخلي شيفاي كمان يشكره
الطبيب:- هو مش موجود دلوقتي بس أنا هوصله شكرك
اومكارا:- متشكر ليك طيب هو شيفاي ممكن يخرج من المستشفي امتي؟
الطبيب:- الحقيقة انا كنت ناوي أكلمك في الموضوع ده، بس خفت تفهمني غلط أو تترجمها إني مش مستعد اتحمل مسئولية أخوك لو بعد الشر حصله حاجة، كنت عاوز أقلك أن أخوك الحمد لله دلوقتي بقي كويس و تخطي مرحلة الخطر بس ده ميمنعش إن لسة في خطر علي حياته من ناحية الشخص اللي عاوز يقتله و الدليل انه هجم عليه امبارح و حاول يقتله لولا ستر ربنا اللي بعتله اللي ينقذه في الوقت االمناسب و اللي انقذه المرة الأولي هو هو اللي انقذه المرة التانية، فأنا بقترح إن شيفاي بيه يرجع بيته و يكمل علاجه في البيت أحسن و ده هيبقي أأمن بالنسباله و اكيد محدش هيقدر يدخل البيت الا و انتوا عارفينه و حتي لو حاول مش هيعرف يهرب من الحراسة اللي علي البيت، و أنا هبعت معاه ممرضة تتابع حالته
أومكارا:- أنا فاهمك و مقدر أنك بتعمل كده عشان تنقذ أخويا، أنا اصلًا عاوز ارجع اخويا معايا البيت، بس حضرتك متأكد أنه لو خرج، مش هيتعب ولا هتحصله مضاعفات
الطبيب:- اطمن، احنا عملنا كل اللازم و مافيش اي خطر عليه، اهم حاجة طبعًا الراحة و عدم اجهاد النفس و أنا هبلغ الممرضة بكل اللي لازم تعمله
أومكارا:- مش عارف أشكر حضرتك إزااي؟ و أنا أوعد حضرتك أني مش هسيب شيفاي و هاخد بالي كويس منه
الطبيب:- في ديه برضه، متشكرنيش أنا، الشكر لازم يتوجه لصاحب الاقتراح و هو هو نفس الشخص اللي عاوز تشكره علي إنقاذه لأخوك
أومكارا:- يعني اللي أنقذ أخويا هو اللي اقترح الاقتراح ده؟
الطبيب:- بالظبط، ده ربنا بعته لأخوك من السما عشان ينقذه و ربنا يكمل شفاه و يقوملكم بالسلامة
رحل أومكارا بعد ان أنهي حديثه مع الطبيب و اتجه إلي غرفة شيفاي ليطمئن عليه، فوجده مازال نائمًا و جلس بجانبه حتي استيقظ من النوم
أومكارا:- حمدالله علي سلامتك للمرة التانية
شيفاي:- الله يسلمك
أومكارا:- أنت احسن دلوقتي؟
شيفاي:- أحسن، بس مش فاهم، مين اللي هجم عليا إمبارح؟ و ليه؟ و مين اللي أنقذني؟
أنا مش فاكر أني اذيت حد قبل كده، ده أنت اللي عارف أني أتفه من أني اخلق عداوة مع حد و أنت عارف مين الوحيد اللي عندي عداوة معاه بس معقول يحاول يعمل كده فيا، معقول هو السبب؟!!!!!
أومكارا:- مظنش أنه وصل للدرجة دي، أنه يقتل ابنه و بعدين ايًا كان مين اللي عمل كده، إن شاء الله هنلاقيه، المهم أنك بخير دلوقتي
شيفاي:- طب مين...
قاطعهم دخول الممرضة و اطمأنت علي شيفاي و طمأنت أومكارا ثم جاءت لتغادر فأوقفها صوت شيفاي
شيفاي:- بعد إذن حضرتك هو مين اللي أنقذني امبارح، عاوز اشكره
الممرضة:- دي بنت طيبة أوي، مسابتكش من ساعت ماجابتك المستشفي..
شيفاي:- ثواني، هو تقصدي إيه بجابتني المستشفي!!! هي اللي أنقذتني إمبارح هي هي اللي أنقذني من حادثة العربية و جابتني المستشفي؟!!!!
الممرضة:- بالظبط، هي اللي لقيت حضرتك في الشارع يوم الحادثة و جابتك المستشفي، و كمان أصرت تتبرع لحضرتك بالدم يوم مامكناش لاقيين تاني و فضلت بايتة قدام أوضتك طول الليل و هي اللي لحقتك امبارح من اللي حاول يقتلك و باتت معاك هنا في الأوضة، فضلت قاعدة جنبك طول الليل و ممشيتش غير النهاردة للصبح
شيفاي:- معقولة!!! طب اسمها إيه؟
الممرضة:- هي مقالتليش صدقني و حتي لو
مقدرش أقلك عشان هي مش عاوزة حد يعرفها. المهم حمد الله على سلامة حضرتك
ثم اتي الطبيب ليخبر شيفاي انه يمكنه ترك المستشفي الأن و العودة إلي المنزل و استكمال العلاج هناك و بالطبع حاول شيفاي معرفة اسم الفتاة التي أنقذته و لكنه أبي الإفصاح عن اسمها
شيفاي:- ليه محدش عاوز يقلي اسمها و ليه هي مخبياه؟
أومكارا:- ممكن تكون مش عاوزة مشاكل لنفسها أو حبت تعمل خير في الخفاء زي ناس كتير، المهم أنا هسيبك دلوقتي و هروح اخلص اجراءات خروجك من المستشفي و بعدين هرجعلك
غادر أومكارا تاركًا شيفاي غارقًا في أفكاره حول تلك الفتاة التي أنقذته، فهل هي إنسان أم ملاك بعثه الله له ليمنحه فرصة جديدة للحياة. و لكن قلبه قد أثرته صاحبة الصوت العذب التي يبحث عنها و سيكمل بحث عنها بعد خروجه من المستشفي، فقد ملكت قلبه و أقسم أنه لن يسمح بأن يأخد أحد مكانها به و سيعاقب كل من يحاول الحل محلها
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

 ماذا يخبئ القدر؟حيث تعيش القصص. اكتشف الآن