وقفت السيارة أمام مدخل المستشفي، فهبطت أنيكا سريعاً و دعت الممرضين ليعاونوها في حمل المريض، ثم أعطت السائق أجره و دخلت المستشفي لتلحق بشيفاي. جاء الأطباء سريعًا و نقلوا شيفاي إلي إحدي الغرف و جلست أنيكا بالخارج منتظرة معاينة الأطباء له و أرادت ألا تذهب قبل أن تطمئن عليه. كانت أنيكا تبكي بغذارة و لكنها لم تبكي تلك المرة علي حالتها بل علي المريض الذي يصارع الموت بالداخل، فقد نست لوهلة مشكلاتها مع والدها و قرار زواجها الذي تم اتخاذه و الجروح التي أصيبت بها و المها و المهانة التي تعرضت لها عندما كانت تقوم بخدمة شيفاي في الفندق اليوم و محاولاته إذلالها. نست جميع تلك المشكلات و أصبح لا تفكر سوي في شيفاي، فلم تستطع أن تنسي مظهره عندما كان غارقًا في دمائه، لم تتمكن من عدم تذكر صوته الذي كان يستنجد بها لتساعده. أخذت تفكر كم من الوقت قد مضي عليه و لم يلاحظه أحد ليسعفه، كم من الوقت قد مر عليه و هو يتألم و يبحث عمن يساعده. أكملت أنيكا بكائها حتي وجدت الطبيب يخرج من غرفة شيفاي، فقامت سريعًا لتسأله عن حالة شيفاي
أنيكا:- خير يا دكتور طمني، أستاذ شيفاي بقي عامل إيه دلوقتي؟
الطبيب:- بصراحة حالته حرجة جدًا، خصوصًا إن الخبطة كانت قويه أوي و فضل ينزف كتير من غير ماحد يسعفه و لما جالنا المستشفي كان نبضه ضعيف جدًا، ده غير أن حصله نزيف داخلي و احتمال كبير نحتاج نقل ده.
أنيكا بصدمة من حديث الطبيب:- و الحل إيه يا دكتور؟ لازم نلحقه و نساعده
الطبيب:- لازم يعمل عملية ضروري عشان نوقف النزيف الداخلي، و الأهم من ده كله لازم نلاقي متبرع بالدم و يكون عنده نفس الفصيلة
أنيكا:- طب هي فصيلة دمه إيه؟ أنا مستعدة أدور علي متبرع بالدم ليه، المهم ننقذه
الطبيب:- فصيلة دمه نادرة جدًا و مش بنلاقيها بسهولة o-
أنيكا:-o-!!! أنا ممكن اتبرعله بالدم، انا فصيلة دمي نفس فصيلة دمه
الطبيب:- أنا مقدرش أوافق لأن حضرتك بتنزفي برضه بسبب الجروح اللي في وشك و كده ممكن يحصلك دوخة لو أخدنا منك دم، لازم نعالج جروح حضرتك كمان، هو أنتوا كنتوا مع بعض في العربية وقت ما حصلت الحادثة
أنيكا:- لا، لااء، أنا كنت ماشية بالصدفة في نفس المكان اللي لقيته مرمي فيه علي الأرض و أول ماشفته كده جبته علي هنا علي طول عشان نلحقه
الطبيب:- أومال إيه سبب الجروح اللي في وشك ديه؟؟
أنيكا بارتباك:- اعفيني من الرد بعد اذنك، من فضلك مترفضش أني اساعده و اتبرعله بالدم مادام ما إحنا نفس فصيلة الدم و صدقني أنا مش هتأذي، اللي هيتأذي بجد هو اللي مرمي جوا ده، حضرتك أنا اللي هتبرع بالدم و أنا الليمسئولة عنأي عواقب ممكن تحصلي، من فضلك مترفضش، سيبني انقذه🙏🙏
الطبيب:- يا بنتي أنا زي والدك و مرضاش انك تعملي حاجة فيها خطر عليكي.
أنيكا و عيناها ترقرقت بالدموع عند ذكر اسم والدها:- بالعكس أنا مقدرة خوف حضرتك عليا بس أنا مصممة علي قراري، من فضلك وافق، كل مابنتأخر حياة المريض اللي جوة بتقرب من الخطر
لم يجد الطبيب مفر من إصرار أنيكا علي التبرع بالدم لشيفاي فدعي الطبيب إحدي الممرضات و طلب منها أن تأخذ أنيكا معها إلي إحدي الغرف لتضمد جروحها و تأخذ منها دم لتتبرع به للمريض الذي بالداخل كما طلب منها أيضًا تجهيز حجرة العمليات للمريض.
نفذت الممرضة ما قاله الطبيب و أخذت أنيكا معها لتداوي جروحها حتي انتهت ثم جعلتها تجلس علي الفراش و أحضرت الحقنة لتأخذ دم من أنيكا و لكنها وجدتها بدأت تبكي بقوة فتوقفت و اقتربت منها لتسألها
الممرضة:- مالك بتعيطي ليه دلوقتي؟
أنيكا:- أصلي بخاف من الحقن😭😭
ابتسمت الممرضة ابتسامة خفيفة و قالت:- طب هاخد منك دم ازااي لم مافيش حقنة و بعدين انتي مش من شوية كنتي شجاعة و مستعدة تتبرعي للمريض ؟
أنيكا:- ايوة و مازلت عندي استعداد صدقيني بس بخاف أعمل ايه؟!
الممرضة:- يعني أنتي عمرك ما أخدتي حقنة و أنتي صغيرة؟
أنيكا و هي تمسح دموعها:- لاء أخدت بس كانت ماما معايا، كانت يتحضني عشان متخلينيش أحس بالألم بس من بعد ماماتت مخدتش حقن تاني
الممرضة:- لاء متخافيش خالص دي كلها شكة دبوس، غمضي أنتي بس عنيكي و مش هتحسي بحاجة أو فكري في أي حاجة تانية تشغل خوفك، فكري أن في حياة شخص واقفة علي تبرعك أنتي بالدم و لو مدناهوش دم بسرعة هيموت، مش من شوية كان عندك استعداد تضحي بحياتك عشانه، أنا شايفاكي قوية و شجاعة، اللي تقف لواحد متعرفوش و تصمم أنها تساعده و تتبرعله بالدم علي الرغم من جروحها اللي هي مصابة بيها بس أنتي نسيتي تعبك و ألمك ده عشان تخففي ألم غيرك و تسعفيه، اللي تعمل كل ده مش هيفرق معاها شكة إبرة صغيرة، يلااا بقي غمضي عينيكي و مش هتحسي بأي حاجة
استجابت أنيكا للممرضة و بالفعل أغمضت عينيها حتي انتهت الممرضة من سحب الدم من أنيكا
الممرضة:- شفتي الموضوع سهل ازااااي أدينا خلصنا أهو، خليكي بقي مكانك متحاوليش تتحركي خالص عشان أي حركة هتخليكي تدوخي و تقعي من طولك خصوصاً إن جروحك لسة ملتأمتش، و أنا هروح انقل كيس الدم للدكتور
ذهبت الممرضة إلي الطبيب و أعطته كيس الدم لينطلق سريعًا إلي غرفة العمليات التي يوجد بها شيفاي و بدأ يستكمل العملية
مرت عدة ساعات و لم يظهر أي جديد، شيفاي داخل غرفو العمليات و أنيكا جالسة بالخارج، لا تريد الرحيل قبل الاطمئنان علي شيفاي، لا تعرف سر اهتمامها به و خوفها عليه، كل ما تعلمه أنها لا تريد أن تتركه قبل الاطمئنان عليه، خاصة أنه وحيد لم يأتي له أحد من أفراد أسرته حتي الأن، و هي لا تعرف من هم عائلته لتبلغهم بالخبر
أخذت أنيكا تسير في الممر حتي وجدت أخيرًا الطبيب يخرج من غرفة العمليات فركضت سريعًا تسأله عن حالة شيفاي
أنيكا:- طمني يا دكتور، أستاذ شيفاي عامل إيه دلوقتي؟
الطبيب:- الحمدلله إحنا عملنا اللي علينا و وقفنا النزيف الداخلي و هننقله للأوضة بتاعته دلوقتي و هنحطه تحت المراقبة كام يوم عشان نطمن عليه أكتر
أنيكا:- يعني هو عدي كده مرحلة الخطر و هيبقي كويس؟
الطبيب:- هو مادام ما النزيف الداخلي وقف ده في حد ذاته حاجة كويسة بس ال٢٤ ساعة اللي جايين هتبينلنا إن كان فعلًا عدي مرحلة الخطر و لا لاء
أنيكا:- أرجوك يا دكتور اعمل كل اللي تقدر عليه المهم يقوم بالسلامة
الطبيب:- متقلقيش صدقيني ادعيله أنتي بس و كله هيبقي بخير و طبعًا شكرًا لحضرتك علي تبرعك بالدم رغم حالتك السيئة اللي كنتي فيها بس كل ده مفرقش معاكي و عرضتي حياتك للخطر و اتبرعتيله بالدم، بشكرك أوي
أنيكا:- لا شكر علي واجب يا دكتور، أهم حاجة استاذ شيفاي يبقي كويس و يقوم بالسلامة
الطبيب:- إن شاء الله، ااااه بالمناسبة إحنا بلغنا البوليس و هو في طريقه للمستشفي دلوقتي
أنيكا بارتباك:- بوليس ليه؟!!
الطبيب:- حضرت لو الحادثة كانت قضاء و قدر كنا سكتنا و مبلغناش بس دي جريمة و محاولة قتل
أنيكا:- ما ممكن تكون غير مقصودة
الطبيب:- لأ في اعتقادي دي جريمة شروع في القتل و الدليل أن اللي خبطه بالعربية موقفش و لا نزل يطمن عليه بالعكس أكنه ماصدق و جري قبل ما حد يقفشه إنما لو مش مقصودة زي ما بتقولي كان وقف و نزل يطمن عليه و جابه المستشفي كمان إنما دلوقتي إخنا قدام جريمة قال و أنتي الشاهدة الوحيدة
أنيكا:- إزااي أنا ماشفتش أي حاجة زي ماقلت لحضرتك، أنا شفته بالصدفة و أنا ماشية في الشارع و جبته هنا علي طول و بعدين أخاف لايتهموني أنا و يلبسوني الجريمة وأنا معنديش اللي يدافع عني
الطبيب:- لاء خالص متخافيش و بعدين أنتي معندكيش عربية و كفاية نظرات الخوف اللي شفتها في عينيكي و إصرارك علي إنقاذه رغم خطورة الموقف عليكي إنت تقولي بالظبط اللي شفتيه لا أكتر ولا أقل و إن شاء الله اللي عمل كده ياخد جزاؤه
أنيكا:- حاضر أنا تحت أمر حضرتك بس ليا طلب أخير عند حضرتك
الطبيب:- اتفضلي
أنيكا:- مش عاوزة حد يعرف أني أنا اللي اتبرعتله بالدم و خصوصًا أستاذ شيفاي
الطبيب:- ده قرار حضرتك في الأول و الآخر و ماليش ادخل فيه و علي العموم أنا هعمل اللي يريحك
إحنا هننقل المريض لغرفته دلوقتي و هنحطه تحت المتابعة، مش هنسيبه للحظة بس لازم نتواصل مع عيلته
أنيكا:- متشكرة لحضرتك و أنا هحاول أوصل لعيلته و هفضل جنبه لحد مطمن عليه، بس أهم حاجة مش عاوزة حد يعرف أني انا اللي جبته من المستشفي أو اتبرعتله بالدم
استجاب الطبيب لطلب أنيكا و قرر ألا يخبر أحد بإنقاذها لشيفاي. تم نقل شيفاي إلي غرفة خاصة به و جاءت الشرطة للتحقيق في جريمة القتل، شهدت أنيكا بما تعرفه و في النهاية انتهي التحقيق و طلبت أنيكا من الشرطي بعدم إخبار شيفاي باسمها كشاهدة أو أنها من أنقذته، لم يقتنع الضابط بحديثها في البداية و لكنه وافق علي عدم الإفصاح عن اسمها
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
أنت تقرأ
ماذا يخبئ القدر؟
Romanceهل يمكن للمال أن يدمر حياة الأشخاص؟ هل يمكن لشخص فقد حبه لعائلته و أصبح لا يعرف معني الحب أن يقع في حب فتاة يومًا ما؟ هل سيأتي اليوم الذي يجد فيه الشخص راحته بعد الظلم الذي تعرض له ؟الجميع يسعي خلف المال فهم يعتقدون أن المال هو المتعة الحقيقية في ه...