الفصل ٢٣

446 17 9
                                    

ظلت أنيكا جالسة بين زراعي شيفاي و هي تبكي و في حالة سيئة بينما كان شيفاي في حالة لا تقل سوءًا عنها،  كان هو ايضًا يشاركها حزنها و بكائها و هو محتضنها بقوة و كأنه يحاول بثها الأمان الذي كانت تتحدث عنه من خلال هذا العناق، لم يفكر بتلك اللحظة سوي بأنيكا، كيف يعوضها عن ما رأته من ظلم و قسوة، كيف يجعلها تحيا حياة جديدة تختلف عن حياتها في صغرها و شبابها، كيف يمنحها السعادة التي فقدتها، كيف يجعلها تتخلص من خوفها و يكتسب ثقتها اتجاهه، كيف يكفر عن الأخطاء التي ارتكبها في حقها، كان يفكر في كيفية رسم ابتسامة علي وجه أنيكا تكون نابعة من اعماق قلبها كتلك التي يراها علي وجهها عندما تجلس مع بافيا أو والدته، يريد الأن أن يصبح جزءًا من ابتسامتها.  كانت أنيكا قابعة بين زراعي شيفاي و هي غير منتبهة في أحضان من تجلس، كل ما تشعر به هو الأمان و بالدفئ و ربما ببعض الصدق. كانت لا تريد الانفصال عن ذلك الجسد الذي بضمها، كانت لا تريد فقدان ذلك الشعور الذي تشعر به الأن و كان شيفاي مستمتع بتلك اللحظة و كأنه يرجو ألا تنتهي و أن يتوقف الزمن عند تلك اللحظة و لكن لكل لحظة نهاية سواء كانت سعيدة أو حزينة فلكل شيء نهاية. أحست أنيكا علي نفسها ثم سرعان ما ابتعدت عندما أدركت أن كانت جالسة في أحضان شيفاي الذي صدم عندما رأي كيف ابتعدت عنه و قطعت تلك اللحظة. ابتعدت أنيكا عنه و أخذت تمسح دموعها ثم قالت
أنيكا:- أنا آسفة علي اللي حصل و آسفة على الكلام اللي قلته من شوية، بس انت اللي اصريت أني اتكلم و أنا ماكنتش حابة
شيفاي:- بالعكس أنا مش مضايق أنك اتكلمتي و أنك وضحتيلي الصورة، لو ماكنتيش اتكلمتي كنتي هتفضلي تعبانة و خايفة و متوترة، اللي المفروض يعتذر هو أنا، أنا ظلمتك كتير و أنتي ماتستحقيش كل اللي عملته فيكي ده. أنا مش طالب منك تسامحيني ولا تغفريلي اللي عملته فيكي بس طالب منك فرصة، محتاج فرصة واحدة أعيشك حياة أحسن من اللي كنتي بتتمنيها، حياة أكون ليكي فيها الأم و الأب و الصديق و الأخ و الزوج، حياة أكون فيها مصدر سعادتك بدل ما كون مصدر تعاستك، حياة افرحك فيها بدل مخليكي تعيطي، حياة أبقي سند ليكي فيها مش عدو قاهر ليكي، عاوز ابقي سبب لضحكتك مش سبب لدموعك، عاوز أبقي أول حد تجري عليه تشكيله مش تشتكي منه، عاوز أبقي حد تثقي فيه و تطمنيله مش تخافي منه. عاوز أبقي الشخص ده بالنسبالك يا أنيكا. خدي كل الوقت اللي أنتي محتاجاه و اختبريني زي ما تحبي بس متحرمنيش من الفرصة دي، فرصة واحدة أصلح فيها اللي عملته معاكي و مع غيرك، أبقي ابن كويس ارعي أمي اللي اهملتها طول السنين اللي فاتت و أبقي أخ كويس لأوم و بافيا اللي عيشتها طول السنين اللي فاتت أدفعها تمن ذنب مش ذنبها و أبقي أبوكي و صديقك قبل ماكون جوزك و اعوضك سنين العذاب اللي عشتيها مع أبوكي و أيام الظلم و الوجع و الألم اللي عشتيها معايا، عاوز أبقي سبب ضحكتك و سعادتك و راحتك و امانك زي ما كنتي سبب ضحكة كل فرد في البيت ده بس أنتي إديني فرصة يا أنيكا. خليني أوريكي حاجة كويسة مني بدل كل الوحش اللي شفتيه مسيطر علي شخصيتي بس هي فرصة، فرصة اخلق بيها ذكريات حلوة بينا بدل الذكريات الوحشة اللي سيطرت علي كل مكان و كل ركن اتجمعنا فيه
أنيكا و هي متأثرة بحديث شيفاي:- الكلام سهل بس النتيجة هتبان من الأفعال، كلامك جميل بس يا تري هتعرف تطبقه، أنت الشخص اللي كنت بتتكلم عنه من شوية ده و عاوز تبقي هو فده شخص مختلف تمامًا عن اللي شفته و قابلته و اتجوزته و عشت معاه و مش هتبقي هو في يوم و ليلة، انت محتاج وقت طويل، مستعد تبقي فعلًا البني أدم ده يا شيفاي؟!!!
شيفاي:- عمري ما حسيت أني كاره نفسي و كاره شخصيتي قد دلوقتي بعد ما سمعت كلامك اللي قلتيه و بعد ما استرجعت كل اللي عملته معاكي و مع أمي و مع أخواتي، حتي لما كنت أعد مع نفسي و أفتكر أنا في إيه حلو في حياتي عملته مبلاقيش، لما بقف قدام المراية مبشفش غير شخص تافه، مستهتر، مالوش قيمة ولا له لازمة، أوعي تفتكري أني كنت سعيد باللي بعمله فيكي، بالعكس كنت كاره كل لحظة بأذيكي فيها بس كان في جرس علي طول اسمعه يقلي فوق أنت مبتغلطش، كمل في طريقك، كمل في انتقامك، طلعها برة بيتك و برة حياتك، متحسسش أبوك أنه انتصر عليك و أنه فرض اختياره عليك، ائذيه دلوقتي ذي ما اذاك زمان، أنا أبويا ده كان أكتر واحد بحبه زمان يا أنيكا، مكانش أبويا بس، كان صاحبي و كان كل حاجة عندي، كنت مبسوط أوي بيه و بمركزه و بنجاحه في شغله و كل حاجة بيعملها، كان مثلي الأعلي، كان حلمي ابقي ناجح زيه بس علي قد حبي و تقديري ليه زمان علي قد ما بقيت أكرهه دلوقتي و بندم علي كل لحظة حبيته فيها، بندم أني إبنه و أنه أبويا و لما فكرت اأذيه كان لازم أفكر في أكتر حاجة هتوجعه بجد لو ضربته فيها اللي هي سمعته،  سمعته اللي بقيت عنده أهم مننا إحنا شخصيًا، عشان كده بدأت أعرف ستات و اكون متعمد أنه يتقبض عليا أو أعمل أي حاجة عشان أبوظ سمعته. و لما حب يعالج الموضوع مفكرش فينا برضه فكر في نفسه، أنا قلت هيقرب مني و يكلمني في مشاكلي و نحل الأمور، صحيح كنت هتقل عليه شوية و اتهرب منه و اتعبه شوية لحد ماسامحه بس كنت عاوزة اتأكد أني لسة مهم عنده و أن مهما حصل هنفضل احنا ولاده أهم من أي حد و أن وجود مراته الجديدة مش هيغير حقيقة إننا ولاده أهم حاجة في حياته بس حب يعالج اللي بعمله بجوازي، بعدني عنه أكتر ماكنت بعيد عنه قبل كده، للدرجة دي كان اناني فكر أن الجواز هو اللي هيحللي مشكلتي، أنا كنت محتاجه هو، محتاج أتكلم معاه، محتاجه يعرف أنا عملت كده ليه و مشيت في الطريق ده ليه الطريق ده ليه، هو مش بس اتجوز علي أمي، هو اهملنا احنا كمان لحد ماحياتنا اتدمرت، نسينا و نسي كل حاجة متعلقة بينا و أنتي مجربة الاحساس ده و عارفة الاحساس بيه بيبقي وحش ازااي، جربتي الأهمال برضه، كل ما كان إهماله لينا بيزيد كان كرهي ليه أنا كمان بيزيد و اللي مضايفني
أكتر أنه مش حاسس بده، عشان كده بكرهه و بكره أي حاجة منه، أنا مكرهتكيش أنتي يا أنيكا، أنا كرهت أنك جاية من طرفه بس، لما كنت بأذيكي، كنت بشوف نفسي بأذيه هو مش أنتي، بعذبه هو مش أنتي، صدقيني دي الحقيقة، أنا معنديش عدو في الدنيا غير أبويا و مراته، هما دول السبب في كل الوحش اللي حصلي. كل ما كنت بأذيكي أنتي كنت بحس بنار بتحرقني أنا بس علي طول جرس الانتقام يدق و يعميني و يخليني أكمل في الطريق اللي بدأته.
أنيكا:- و أديك شفت يا شيفاي نتايج انتقامك مين اللي دفعها، جايز أكون مش أنا الهدف اللي كنت ماسكله السلاح و جاهز تصوب عليه بس أنا كنت الطُعم اللي استخدمتوه للوصول لهدفكم، أبوكي استخدمني كطُعم لحماية سمعته و أنت استخدمني طُعم للانتقام منه و عشان تخليه يدفع التمن بس هو مدفعش تمن حاجة لو أنت مش واخد بالك، اللي دفع الفاتورة كانوا ناس تانية خالص مأذنبوش في حقك بالعكس ناس كانوا بيحبوك بجد.
شيفاي بندم:- أنا آسف
أنيكا:- خلاص يا شيفاي كفاية كلام عن الماضي لأن للأسف الكلام مش هيعالج الألم اللي سببه ماضي كل واحد فينا و مش هيغير اللي حصل فبلاش نتكلم عنه أحسن من فضلك، يلا عشان تاخد دواك و تنام دلوقتي، الوقت اتأخر.
شيفاي:- هتديني فرصة؟!
أنيكا:- خليها بظروفها و الأيام هتثبت.
اصطحبت أنيكا شيفاي إلي الفراش و جعلته يجلس ثم أعطته الدواء خاصته و كانت ستغادر و لكن شيفاي امسك يدها و قال
شيفاي:- ممكن تفضلي قاعدة معايا لحد مانعس؟! عاوز أنام و أنا باصص في عيونك دول، عاوزك تكوني أخر وش أشوفه قبل مانام
استجابت أنيكا و جلست علي المقعد و كانت ستسحب يدها منه و لكنه ظل متشبسًا بها رافضًا تركها و كأنه يريد ضمان أن أنيكا لم تتركه حتي ينام فاستسلمت و ظلت تنظر له و هو مازال ممسكًا بيدها حتي وجدت شيفاي قد أغمض عينيه و ذهب في ثبات عميق لتبقي تنظر له و كأن يوجد جاذبية تجاه شيفاي حيث لم تستطع أنيكا إبعاد نظرها عنه بل ظلت تنظر لملامح وجهه و هو نائم و كانت تري وجهه الملائكي الذي يشعرها و كأنه طفل صغير متعلقًا بوالدته و خائف أن تتركه، كانت تشعر أنها أمام شخص آخر غير ذلك الذي تزوجته، شخص متشبسًا بأي فرصة لجعله يتغير و يبدأ حياة جديدة كانت أنيكا هي تلك الفرصة. فاقت أنيكا من شرودها ثم سحبت بيدها برفق و قامت من جانب شيفاي ثم ذهبت لغرفة بافيا فوجدتها نائمة، فاقتربت منها و جلست بجانبها لتنام و لكنها أخذت بعض الوقت لتستسلم النوم حيث ظلت تفكر في شيفاي و في حديثه معها و استعداده للتغير من أجلها حتي استسلمت للنوم منتظرة أحداث الغد
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

 ماذا يخبئ القدر؟حيث تعيش القصص. اكتشف الآن