الفصل ٢٥

432 14 8
                                    

تركت أنيكا كلًا من شيفاي و أوم يتمتعا بدفئ والدتهما و قضاء الوقت الذين قد امتنعوا عنه لعدة سنوات، كان كلاهما جالسًا بجانبها يبنعم بدفئ عناقها و كانت تلك أفضل لحظة يقضيها الثلاثة، حيث كانت بينكي تحلم باليوم الذي ستستعيد به أطفالها، حلمت باليوم الذي ستعانقهم به، كانت تريد مشاركتهم في جميع مراحل حياتهم و هما يكبران أمام عينيها و لكن القدر لم يمنح المرء كل ما يريد حيث لم تحظي بينكي بفرصة مشاركتهما تلك اللحظات و لكن ها قد أتي اليوم الذي تجلس فيه و هي محتضنة أبنائها. كان كل واحد منهما جالسًا علي جانب و والدتهما فاتحة ذراعيها لهما تضمهما و كأنها تمنحهما كل المحبة الذان قد حُرما منه و كان شيفاي و أوم يتمنيان لو إن تلك اللحظة لم تنتهي للأبد و لكن علي الرغم من سعادتهما إلا أن كلًا منهما كان مازال يشعر بالحزن و أن تلك اللحظة لا يمكن أن تكتمل من دون إعتذار و مصارحة ربما ليستطيعا بدء بداية جديدة مع والدتهما. قام أوم و شيفاي و جلسا أمام والدتهما و مسك أوم  يدها و أخذ يتحدث معها
أوم:- ماما، لازم أتكلم مع حضرتك عشان اخلص من الحمل الكبير اللي حاسس أنه كابس علي قلبي. عاوزك تعرفي أني عمري في حياتي ما نسيتك بالعكس أنتي كنتي علي طول موجودة قدامي، منظرك مكانش بيفارق عيوني، بس عارفة كان إيه المنظر!؟ كان منظرك و أنتي قاعدة قدامي علي الكرسي المتحرك و أنا واقف متكتف مش عارف أعمل حاجة، حتي مش عارف اجبلك حقك من الشخص اللي كان السبب في الحالة اللي وصلتلها دي، كنت بحس بالعجز كل ماشوفك كده، كنت ببعد عنك عشان كنت كل ما شوفك كده كان بيبقي هاين عليا أنزل أقتل الشخص اللي وصلك للحالة اللي أنتي فيها دلوقتي، كنت كل ماشوفك أتخيل نفسي بقتل والدي، كنت بكون عاوز أنزله اقف قدامه و أقله ليه عملت كده، كنت كل ماغمض عيني أشوفك و أنتي في المستشفي و حالتك خطيرة، و أشوفك و أنتي داخلة علينا بالكرسي المتحرك و حتي هو عمره ماعملك زيارة واحدة يطمن عليكي ولا راعي العشرة اللي كانت بينكم و لا رعي أن اللي عملت حادثة دي تبقي أم ولاده. كنت بشوف نفسي عيل صغير مالوش لازمة و هو مش قادر يجيب حق أمه. كنت ببعد عنك عشان مسمحش لنفسي أبقي قاتل أبويا و لأني مش قادر أشوف عجزك قدامي و لا استحمل عجزي قدامك، بس كنتي علي طول علي بالي، كنت بعد الأيام اللي هاجي أنام فيها في حضنك، بس كان نفسي و أنا داخل عليكي أبقي راجل بمعني الكلمة مش عيل، أنا كنت بكبر و لسة شايف نفسي عيل، كانت سنة جديدة بتضاف لعمري و تعدي عشان تيجي السنة اللي بعدها و أنا واقف محلك سر، كنت بفضل قافل علي نفسي و أنا قاعد في أوضتي مش عاوز أشوف حد بس عقلي معاكي، أقول يا تري هي عاملة ايه؟ أكلت ولا لسة؟ طب بتاخد ادويتها؟ طب مستحملة المكان اللي هي قاعدة فيه؟ ده حتي مجابلكيش أوضة محترمة تعضي فيها، ده كان مقعدك في أوضة شبه المخزن في حين أن الست اللي كانت متحملش حتي بأوضة من الأوض اللي في البيت هنا هي اللي أخدت مكانك و بقيت الكل في الكل في غمضة عين، كنت فاكر أن بحبستي دي أكون  برتاح و بريح اللي حوليا و ببعد عني وسواس اللي بيوزني أقتل والدي و عشان أتغلب علي إحساسي ده كان لازم أبعد،و أخدت عهد علي نفسي أني مش هروح لأمي غير وأنا راجل. صحيح اتأخرت منا محققت وعدي بس دلوقتي أنا بقيت راجل و الفضل في ده بعد ربنا في أنيكا مرات أخويا اللي غيرت مفاهيم كتير كانت غلط في عقلي و كانت سبب في أني أوفي بوعدي لنفسي. في الأول أنا ماكنتش حاجة كنت هتستحملي تشوفيني ولا حاجة يا أمي؟! كنتي هتستحملي تشوفينا بنضيع؟ كنتي هتستحملي غضبي يعميني و أبقي قاتل أبويا؟! لو أنتي كنتي هتستحملي تشوفينا مكسورين عشان أنتي أمنا أنا ماكنتش هستحمل، حالتنا مكانتش أحسن حاجة عشان تشوفيها، كل واحد مننا ضاع و مشي في طريق ماكنتيش هتحبي تشوفينا ماشيين فيه. مكانش ينفع تشوفينا كده، مكانش نبقي حمل عليكي تعولي همه فوق كل الحاجات اللي أنتي عايلة همها. عارفين أنك كنتي علي طول بتفكري فينا و في حالنا و إحنا بعاد بس صدقيني لو كنا قربنا كنت هتتعذبي بسببنا، ماكناش هنجبلك غير العذاب و وجع القلب و عولان الهم و إحنا ماكناش هنسمح بده. بس دلوقتي إحنا جينا، صحيح حالتنا و حياتنا مبقتش أحسن حاجة بس بقيت أحسن من الأول بكتير و ده كله بسبب أنيكا مرات شيفاي اللي من ساعت ما جت هنا و هي بتدور علي البايظ و تصلحه. بس تأكدي إننا بنحبك أوي و بعدنا عنك كان لراحتك مكانش  قصدنا عذابك بالعكس ده كان عذاب لينا إحنا. سامحينا يا أمي، سامحينا.
كان شيفاي جالس هو الأخر يستمع لحديث أوم و هو يتذكر ضياعه و افضال أنيكا عليه الذي أصبح يدين لها بإنقاذ عائلته و ليس إنقاذه هو فقط و بالتأكيد كان يستعيد شريط حياته معها و قسوته عليها بلا رحمة ليلاحظه أوم و كذلك والدته ثم أمسكت بيده و كانت نظراتها تسأله عما يفكر به و لكن شيفاي لم يستطع التحدث فقط ارتمي بين زراعي والدته و أخذ يبكي و يبكي و كأنه يخرج همومه الذي لاقاها طوال فترة حياته الأن لتخشي عليه والدته و اخذت تضمه و تستقبل بكاؤه لتحزن علي حالة ابنها و تعلم أن يوجد هم كبير في قلبه يريد الإفصاح عنه و لكنها تركته يعبر عن حزنه بالطريقة التي تريحه و هي حزينة علي ابنها اما أوم فكان يعلم أنه يبكي لسببين أولهما اشتياقه لوالدته التي حرم من رؤيتها لفترة طويلة و ثانيًا ذكره لأنيكا و كا فعلته مع العائلة و تذكر شيفاي لعنفه معها، مر الوقت و نام الأخان بجانب والدتهما و كانت بينكي تنظر لهما لتفرح بتواجد أولادها معها و أخذت تنظر لهما و كأنها تشبع نظرها من منهما تعويضًا لفترة غيابهما عنها.
كانت أنيكا جالسة في غرفة بافيا تقرأ إحدي الكتب عندما دخلت عليها بافيا
بافيا:- غريبة!! أنتي موجودة هنا أنا افتكرتك عند ماما بينكي بتأكليها و قاعدة معاها أصلك مش عوايدك تيجي بدري، علي طول تيجي بعد مابنام
أنيكا:- لا مانا مأكلتش ماما بينكي النهاردة 😃
بافيا بإندهاش:- نعم!! أومال ايه ودتلها صينية الأكل و سبتيها!!؟
أنيكا:- لاء في حد تاني تولي المسئولية دي النهاردة و قاعد بيأكل مما بينكي دلوقتي
بافيا:- و مين الحد ده أن شاء الله؟!
أنيكا بابتسامة:- ولادها. شيفاي و أومكارا
بافيا بتفاجؤ:- بتتكلمي بجد!! هما قاعدين مع والدتهم دلوقتي!!
أنيكا:- أيوة
بافيا:- يا بنت الأيه، عملتيها إزاي دي!!
أنيكا:- أنا معملتش حاجة، أنا فجأة لقيتهم بيقولولي عاوزين نشوف والدتنا و فعلًا راحوا معايا و لما لقيتهم مشتاقين لبعض قلت اسيبهم يتمتعوا باللحظة دي و يشبعوا من والدتهم اللي فضلوا غايبين عنها طول السنين اللي فاتت دي. ده أنتي ماشفتيهمش جريوا عليها ازاي أول ماعنيهم جت في عينيها، كانوا عاملين زي العيال الصغيرين مش رجالة بشنبات، بس الفرحة اللي شفتها في عين مادام بينكي ساعتها كانت كفيلة أنها تفرح قلب أي حد. للحظة افتكرت والدتي و كنت إزاي بجري عليها لما برجع من المدرسة و كنت أفضل قاعدة في حضنها مزهقش، أنتي عارفة حضن الأم ده بيبقي زي مخبأ كده، مخبأ بتجري تستخبي فيه و عمر ماحد هيقدر يخرجك منه. لما كنت من المدرسة مضايقة كنت بجري علي حضنها احكلها، مش عارفة أذاكر اجري علي حضنها، جبت درجة حلوة اجري علي حضنها، أرجع من المدرسة أجري علي حضنها، قبل مانام أجري علي حضنها و بعد ماصحي كمان، حتي لما ماتت... ماتت و أنا في حضنها 😭😭
بافيا:- الله يرحمها حبيبتي. خلاص بقي متعيطيش طب أقلك حاجة، أنتي محظوظة أوي، ااه بأمانة، عشان كان عندك فرصة تنامي في حضن مامتك، أنا بقي مش قادرة أفتكر امتي ماما أخدتني في حضنها، ده أنا تقريبًا قعدت في حضن ماما بينكي أكتر ما قعدت في حضن ماما، حتي لما كان يبقي عندي مشكلة أو محتاجة اعيط كنت أروح لماما بينكي نش لأمي أنا اللي ولدتني و المفروض ارحلها هي، كانت علي طول تقولي مش فاضية طب بعدين طب مش دلوقتي و لما لقيت الموضوع بيتقرر مرة بعد مرة قلت بلاها من الأول و مبقتش أروح أكلمها، لقيت ماما بينكي فاتحالي درعاتها و مرحبة بيا و أنا ماكنتش أقدر أقول لا فقبلت أنا كمان افتحلها قلبي و أشاركها همومي. حتي ماما اللي هو مجاتش تسألني مختفية فين طب كنتي عاوزة تقوليلي إيه ولا حاجة من دي كانت بتعملها، أوقات كنت احس ناسية أني بنتها أو أنها مخلفة اصلًا عشان كده كتير تلاقيني مش مسانداها و ضدها في حاجات كتير و أولهم كرهها لأخواتي و رفضها قربي منهم، دي الحاجة الوحيدة اللي بحسها مدققة أوي فيها و مصحصحلها، و الحاجة الوحيدة اللي بتقولي عليها لأ، ممنوع أقرب من ماما بينكي أو ولادها، كرهها ليهم وصلها تعمل حاجات مكنتش أتوقع أنها تعملها
أنيكا باستغراب:- حاجات إيه؟!
بافيا:- ......
أنيكا:- بافيا، حاساكي مخبية عني حاجة، هي مامتك حاولت تأذي شيفاي أو أوم، بافيا صارحيني
بافيا بارتباك:- مافيش حاجة يا أنيكا انا قصدي أن أمي بتكره شيفاي و أوم جدًا بس مافيش حاجة تانية🤷‍♀️ يلا ننام بقي اليومين اللي جايين ورانا حاجات نعملها عشان عيد ميلاد جوري، تصبحي على خير
اعتدلت بافيا لتنام مولية ظهرها لأنيكا و كأنها تتهرب منها هكذا، و لكنها تعلم جيدًا أنها فتحت باب الشك لدي أنيكا التي امتلأ عقلها بعدة أسئلة تعرف أنها لن تجد إجابات لها إلا لدي بافيا أو والدتها جومان.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

 ماذا يخبئ القدر؟حيث تعيش القصص. اكتشف الآن