أنهي أومكارا حديثه مع شيفاي ثم صعد لغرفته تاركًا شيفاي جالسًا في الحديقة بمفرده و لكنه لم يمكث كثيرًا حيث عاد هو الأخر إلي منزله و كان سيدخل غرفته و لكنه توقف أمام غرفة بافيا و كان مترددًا أن يدق باب غرفتها أو يتركها الأن و يعود إليها صباحًا و لكنه كان يريد الاطمئنان على أنيكا، كان يري أنه أن لم يطمئن عليها الأن، فلم يتمكن من النوم طوال الليل ، لذلك اتخذ تلك الخطوة و أخذ يدق علي باب غرفة بافيا و انتظر قليلًا حتي فتحت
بافيا:- نعم؟
شيفاي:- كنت عاوز اطمن علي أنيكا
بافيا:- هي لسة نايمة ماصحيتش، و معتقدش أنها هتصحي اصلًا النهاردة، الدكتور قال أنها هتفضل نايمة للصبح بسبب الحقنة اللي ادهالها
شيفاي:- طيب، ممكن لما تصحي الصبح، تبقي تطمنيني عليها
بافيا:- غريبة، أنت يهمك حالتها و لا صحتها في إيه؟ ما ده كله حصلها بسببك، دلوقتي عاوز تطمن عليها!!
شيفاي:- بافيا وحياتك أنا مش مستحمل، عارف اني أنا السبب في اللي حصل كله، بس من فضلك كفاية أنا مش ناقص
بافيا:- تصدق أن أنيكا لسة بتعمل جمايل و تنفذ وعود حتي و هي نايمة و مش واعية للي بيحصل حواليها
شيفاي:- مش فاهم، قصدك إيه؟
بافيا:- لو فاكر قبل كده، كنت أنا اللي بشحت الكلمة سواء منك أو من أخوك، كنت أكلمكم باحترام و بلطف و إنتوا كنتوا تكرهوا حتي التعامل معايا أو الرد عليا و دلوقتي شيفاي بيخبط علي باب أوضتي لأول مرة و بيكلمني بلطف و ندم كمان لأول مرة، و ده كله ماكانش هيحصل طبعًا لولا مرض أنيكا
شيفاي:- علي العموم انا طمعان في إنك تطمنيني عليها لما تصحي، أكيد مش هتبقي حابة تشوف وشي بعد اللي عملته و كمان أنا مش هوريها وشي عشان حالتها ماتسؤش أكتر من كده. تصبحي على خير
بافيا:- استني يا شيفاي، تعالي معايا عاوزة أوريك حاجة
ذهب شيفاي مع بافيا أينما تريد فتفاجأ أنها أخذته إلي عرفة والدته
شيفاي:- أنتي جبتيني هنا ليه؟
بافيا:- اطمن، مدام بينكي تلاقيها نايمة دلوقتي و كده كده أنا ماجبتاكش عشان تكلمها هي، أنا جيتك عشان حاجة تانية
شيفاي:- إيه هي الحاجة ديه؟!
بافيا:- هي مش حاجة تتقال، حاجة تتشاف، افتح الباب و أنت هتفهم قصدي
لم يستطع شيفاي فهم غاية بافيا من إحضاره لغرفة والدته و لكنه استمع لها و فتح باب الغرفة لتصيبه رعشه و ينصدم عندما رأي غرفة والدته نظيفة باختلاف أخر مرة رأها، بالطبع لم يتذكر المرة الأخيرة التي زار بها والدته، فقد كان صغيرًا و لكنه لم يستطع نسيان شكل الغرفة من قبل، كانت أشبه بمستودع أو مخزن قديم أو ربما غرفة تابعة لمنزل مهجور لا يوضع بها سوي الأشياء القديمة أو التي لم يعد الشخص بحاجة إليها و هذا ما لم يتحمله، حيث اعتُبرت والدته شيء لا قيمة له و لذلك قامت جومان بإلقائها بداخل تلك الغرفة خصيصًا لتوضح لوالدته مكانتها و لتذكرها أنها اتخذت مكانها و أنها أصبحت بدون فائدة و لا أحد يريدها و ربما هذا ما جعله يمتنع عن زيارة والدته، كان لا يتحمل رؤيتها جالسة في ذلك المكان، كان لا يريد أن يشعر أنها جالسة تحت أمر أحد أو شفقة من جومان التي تتظاهر بأنها قد تطوعت و أبقت زوجة زوجها الأولي هنا و لكنه يري الأن غرفة نظيفة و مرتبة لا تختلف كثيرًا عن باقي غرف المنزل، أخذ شيفاي يجول بعينيه في أرجاء الغرفة حتي وقع نظره علي والدته المتسطحة علي السرير، غارقة في نوم عميق لتدمع عيني شيفاي، لقد اشتاق لها، لعناقها، لغنائها، لحديثها، للقصص التي كانت تقصها عليه، اشتاق لكل لحظاتهم سويًا.
بافيا:- مستغرب صح!!! أكيد بتقول مين اللي عمل في أوضة والدتك كده؟ مين اللي عمل اللي كان واجب عليك أنت و أخوك تعملوه؟ مين اللي اهتم بيها و رعاها و خلاها قاعدة في مكان يليق بيها؟
شيفاي:- أنتي اللي عملتي كده؟
بافيا:- كنت عارفة اني أنا أول شخص هييجي علي بالك، بس للأسف لاء، كنت فاكرة إن الرعاية بتبقي بالأكل و الشرب بس عشان نضمن للشخص أنه هيعيش، ماهو مافيش شخص بيعيش من غير أكل ولا مياة ولا نوم، بس مخطرش علي بالي موضوع الأوضة دي، و أن الظروف و طبيعة الجو اللي الشخص عايش فيه بيبقي لهم تأثير عليه، لحد ما أنيكا جت.
أيوة يا شيفاي، كنت مقررة ماقلهاش حاجة عن الأوضة دي بس هي كانت فضولية و كانت مصرة تعرف في إيه في الأوضة، و لما عرفت أنها مامتك اهتمت بيها و بقيت تجبلها علي طول الأكل و خليتني انقلها من الأوضة لغاية مانضفتها و خليتها زي ما أنت شايف قدامك كده، نضفت و شالت و نقلت اللي ملوش لازمة للمخزن تحت لحد ماخليتها أوضة ملوكي. عارف يا شيفاي، ساعات بحس أن أنيكا كانت بتشوف صورة والدتها قدامها و ده اللي كان مخليها تهتم بوالدتك و عملت اللي أنتوا معملتهوش معاها. أنا مش جيباك عشان اهنيك، أنا بس جبتك عشان تشوف بنفسك كان في إيديك ايه و خسرته و كان المفروض تشكر ربنا كل ثانية علي اللي في إيدك و مش في إيد غيرك، و تشوف كنت بتعمل معاها إيه و في نفس الوقت هي عملت معاك إيه
كان شيفاي كلما يستمع إلي بافيا، يحزن أكثر و يلعن نفسه علي ما فعله، لم يترك شيئًا إلا و فعله بها في ذات اللحظة التي كانت ترعي بها عائلته. كيف يكفر عما فعله بها، فلو اعتذر منها ملايين المرات لم يكن كافيًا، إذا ظل عمره كله يدفع ثمن ما فعله، لم يوفيها حقها. ماذا فعل؟ رحل شيفاي و ترك بافيا ثم دخل إلي غرفته و جلس في الظلمة يبكي و هو يري شريط ظلمه لأنيكا يمر أمامه حتي رفع نظره و رأي الركن التي كانت تنام به، و السرير الذي كان ينام عليه، هو ذات السرير الذي أوهمها أنه يقيم علاقة عليه، كل يوم، كان ينام هو بأرتياح عليه، في حين كانت هي تنام علي الأرض غير مهتمًا لعظامها التي لم تتحمل برودة الجو، و رغم ذلك كانت لا تشكو، كان يستغل صبرها عليه و يزيد من خطأه في حقها، قام شيفاي و اتجه إلي ذلك الركن حيث كانت تنام أنيكا و وضع رأسه علي الأرض ليتذوق ما تذوقته تلك المسكينة من ذل و إهانات و أخذ يبكي و يشهق بقوة و هو يردد "سامحيني يا أنيكا" ليظل هكذا بعض الوقت حتي غفي محل ما جلس.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
أنت تقرأ
ماذا يخبئ القدر؟
Romanceهل يمكن للمال أن يدمر حياة الأشخاص؟ هل يمكن لشخص فقد حبه لعائلته و أصبح لا يعرف معني الحب أن يقع في حب فتاة يومًا ما؟ هل سيأتي اليوم الذي يجد فيه الشخص راحته بعد الظلم الذي تعرض له ؟الجميع يسعي خلف المال فهم يعتقدون أن المال هو المتعة الحقيقية في ه...