تمهيد

283 6 6
                                    




ارتجفت المرأة وهي تمسك فأساً ثقيلاً في يدها بالكاد تتمكن من حمله..

تنصت لعواء الريح خارج العربة التي اختبأت بقلبها..

تنصت لحشرجةٍ مخيفة صدرت من موقعٍ غير بعيدٍ عنها..

ولما لمحت تلك اليد المخلبية التي أزاحت غطاء المدخل..

ولما لمحت الدماء التي غطت تلك المخالب..

ازدادت رجفة المرأة وهي تهمس بنبرةٍ باكية

"يا إله السماء.. ما الذي فعلته لأستحق هذه النهاية؟.."

❖ ❖ ❖ ❖ ❖ ❖ ❖ ❖ ❖

نظر الرجل بصرامة وحدة نحو الصبي الذي لم يتجاوز الثانية عشر من عمره..

قال له بحزم "عليك أن تراقبها يا بني.. عليك أن تراقب ذلك المكان بكل عناية..

لا يفلت أحد منهم من عينك.. ولا تغفل عن أي أمر مهما كان تافهاً..

عليك بإبلاغي بكل ما يجري هناك.. وكلما جئتني بأخبارٍ سارة، سأكافئك بما يسرّك..

كن حذراً يا بنيّ ولا تغفل عنهم على الإطلاق.."

❖ ❖ ❖ ❖ ❖ ❖ ❖ ❖ ❖

أطلقت الطفلة ذات السنوات الأربع ضحكةً عالية ووالدها يرفعها بذراعيه ويرميها عالياً قبل أن يتلقفها من جديد.. لم تدرِ ما سبب الفرحة الظاهرة على ملامحه..

لكن فرحته قد أشاعت فرحاً وسروراً في نفسها بالتبعية..

ولما استدار الأب إلى أم الطفلة التي جلست جانباً..

لم يكن له أن يغفل عن الدموع التي سالت على خديها..

فتساءل بحيرة "ما الذي يحزنك فيما جرى؟.. لقد أصبحت الطفلة مثلك..

لقد ورثت هذه القدرة المميزة منك.. فما المحزن في هذا؟.."

لم تجبه الأم وهي تمسح دموعها وتتظاهر بالابتسام..

لم تكن تلك ميزةً على الإطلاق..

بل نقمةً قد تتجرع الفتاة توابعها لما بقي لها من عمر..

❖ ❖ ❖ ❖ ❖ ❖ ❖ ❖ ❖

العين الثالثةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن