٣. خلف الحدود

33 3 1
                                    



فتح باب المنزل بشيء من العنف فيما كانت يوتانا تقوم بصفّ الأطباق على الطاولة تمهيداً لقدوم بقية أفراد العائلة.. لم تنقضِ إلا ساعات معدودة منذ غادرت أمها المنزل، وقد قدّرت يوتانا أن الوقت قد حان لعودتهم دون شك.. وبالفعل، رأت إيّان يدخل المنزل يتبعه ديرام ومعه زيهار.. ولما رأت زيهار فاقدة الوعي وديرام يحمل جسدها الساكن بذراعيه، انتفضت يوتانا نفضة خافتة وهي تفلت طبقاً فخارياً سقط من يدها ليتحطم أرضاً بصوتٍ مسموع.. تغاضت عن الطبق الذي تحطم، وتجاوزت الحطام هارعة نحو الثلاثة وهي تهتف "ما الذي جرى لأمي؟.. أهي بخير؟"

قال إيّان وهو يبعدها عن طريق أبيهما "إنها بخير لا تقلقي.. هي فاقدة للوعي ليس إلا.."

نظرت له بقلق واضح متسائلة "ما الذي جرى؟.. هل هاجمها أحد الحيوانات؟.."

لم يجبها أحدهم وديرام يضع جسد زيهار على أريكة طويلة وسط المنزل، فانتبهت يوتانا في تلك اللحظة لوجود امرأة طاعنة في السن تسير خلفهما دون أن يكون لخطواتها أي صوت.. فضآلة جسدها وقصرها تجعل خطواتها شديدة الخفوت فتبدو كمن يطفو فوق الأرض بدل السير عليها بقدمين كبقية البشر.. قلبت يوتانا بصرها بين المرأة وبين وجه أمها الصامت رغم تشنجه الواضح، ثم لاحظت إيّان الذي جذبها لتبتعد عنهما مفسحة المجال للجدة نانا لتفحص زيهار.. فتساءلت يوتانا بقلق شديد "ما الذي جرى لأمي يا إيّان؟.. لم أرها قط بهذه الصورة.."

خفض إيّان رأسه نحوها هامساً "لحظات وستعرفين كل شيء.."

لم يكن ذلك جواباً كافياً، لكن ديرام تكفل بشرح ما جرى بصورة سريعة للجدة نانا كي تعرف أبعاد ما جرى لزيهار.. شعرت يوتانا بقبضة قوية تعتصر قلبها لدى إدراكها أن زيهار فقدت وعيها بعد أن استخدمت عينها الثالثة بمدة من الزمن.. هذا يعني أن وعيها لم يعُد لجسدها بعد.. وقد اضطر ديرام لإعادتها بعد أن يئسوا من عودتها إليه خوفاً من تعرضها للخطر مع حلول الليل وهم في العراء.. عندها جذبت يوتانا يد إيّان قائلة بهلع "كيف عدتم بها دون أن تعود عينها الثالثة؟.. هذا خطيرٌ جداً وتوابعه أكبر مما يمكننا تجاهله.."

علق ديرام دون أن يحوّل بصره عما تفعله الجدة "أدرك ذلك يا يوتانا.. لكن لم نقدر على البقاء في ذلك الموقع مع مغيب الشمس والخطر الذي يهددنا، ويهددها بالتالي، أقوى مما نقدر على دحره.."

همّت يوتانا بمجادلته باعتراض، لكن الجدة نانا قالت بصوتها المبحوح الذي حمل نفضة خفيفة لا إرادية "إنها بأفضل حالٍ كما تبدو لي.. لذا ليس عليكم أن تقلقوا لهذا الأمر.. الخطر الوحيد الذي تواجهه هو غياب وعيها عن جسدها لفترةٍ طويلة.."

ونظرت لديرام مضيفة "يجب أن تقوموا بإطعامها أقل القليل من الطعام بين وقتٍ وآخر لو لم تعُد لجسدها حتى طلوع شمس اليوم التالي.. لا يمكنكم أن تتركوها تقضي نحبها جوعاً.."

العين الثالثةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن