سارت يوتانا مقيدة الذراعين مع مجموعة الرجال ذوي الدروع والذين قادوها عائدين للمدينة ذات الأسوار العالية التي رأتها فور تجاوزها السلسلة الجبلية.. لم تكن المدينة تبدو لها من مبعدة بهيجة المنظر مع أسوارها العالية، وبالقدر ذاته لم تكن تبدو من قرب أكثر جمالاً وأقل كآبة عما كانت عليه من بعد.. بعد السور الخارجي الذي عجّ بالعديد من الحراس الذين يرتدي بعضهم الدروع، وبعد بعض المباني التي تراصّت قرب السور فيما بدا لها كمستودعاتٍ مختلفة الأغراض، وهذا بدا لها من البوابات العالية التي تتوسط البناء ومما لمحته عبرها.. قادها الطريق الذي تسير عليه نحو أقرب الأحياء من المدينة والذي ظهر أمامها بمنازله المتلاصقة وأزقته المظلمة وبتكدس البشر في طرقاته وبسوقٍ مزدحم احتل أحد الشوارع واكتظ بالبشر.. سار بها الرجال عبر عدة أحياء من المدينة وهي تتأمل ما حولها بفضولٍ ودهشة.. لم ترَ في أرض الملاذ إلا القرى التي تتفاوت في مساحتها وحجمها.. لكن أكبر قرية تضمّ جزءاً بسيطاً من البشر الذين يسكنون هذه المدينة.. والرائحة الخانقة التي طغت على المكان لم تشمّ يوتانا مثلها قط بهذه الكثافة..بعد بعض الوقت، تساءلت يوتانا وهي تلاحظ أن سيرهم تطاول أكثر مما يجب "إلى أين تأخذونني؟.. ما الذي ارتكبته لتقتادوني بهذه الصورة؟"
أجابها أحد الرجال "تمهلي ولا داعي لهذه الأسئلة.. نكاد نصل.."
رفعت بصرها حيث يشير، فلاحظت ذلك البناء الذي يعلو بقية المباني في المدينة.. كان ارتفاعه يصبغه بمهابةٍ واضحة، سقفه من القرميد الأحمر بينما أغلب منازل المدينة ذات سقف خشبي عادي، وجدرانه زيّنت بنقوش متفرقة، وعبر بضع درجات ارتفعت بهم عن الأحياء القريبة وجدت يوتانا نفسها تدلف من بابٍ خشبي ضخم تحفه من الجانبين نوافذ ملونة ترتفع بارتفاع قامة الإنسان..
كان الاختلاف واضحاً بين هذا البناء وبين باقي مباني المدينة، وكان الاختلاف أكثر وضوحاً في الداخل.. لم ترَ يوتانا قط بيتاً مبهرجاً من الداخل كهذا البناء.. ظل تعجبها واضحاً على ملامحها وهم يقتادونها لوجهةٍ لا تعلمها.. وبعد أن اجتازوا عدة ممرات وصلوا لغرفةٍ واسعة بها عدة مكاتب ومقاعد خشبية، ولها أبوابٌ عديدة لتسهيل الوصول إليها من جوانب المبنى المختلفة.. ومن جانب الغرفة، تقدم منهم رجلٌ في أوسط عمره، يرتدي ملابس تنافس المنزل في البهرجة.. بدا لها واثقاً من نفسه مع مسحة غرور واضحة في عينيه وهو يقف معتداً يستمع لشرح أحد الرجال المفصل عما جرى خارج أسوار المدينة، ويدقق النظر في يوتانا من رأسها لأخمص قدميها.. ولما أخبره الرجل بعثورهم على يوتانا خارج المدينة أثناء قتالهم بعض الغيلان، تقدم الحاكم منها ونظر لها نظرةً لا تحمل أي رفق قائلاً بلهجةٍ حيادية "من أي البشر أنت؟.."
نظرت له يوتانا بانزعاج مدمدمة "من أي البشر أنا؟!.. ما معنى هذا؟.."
قال الحاكم وهو يدور حولها يتفحصها "عثرنا على العديد من البشر في رحلات الحرس خارج المدينة، لكن هيئتك لا تشبه هيئاتهم إطلاقاً.. فالخوف والذعر لا يبدوان عليك، جسدك معافىً وبصحةٍ وافرة، ملابسك جديدة، والثقة في عينيك لا تدل على أنك عشت خارج المدينة قط.."
أنت تقرأ
العين الثالثة
Fantasyالعين الثالثة.. هل هي عينٌ حقيقية؟ هل هي قدرةٌ خاصة؟.. أم هي نقمة؟.. في هذا العالم المعزول عما سواه.. وبين هؤلاء البشر الذين لا يعلمون تاريخهم.. ولا يعلمون ما يراد لهم.. هل تغدو العين الثالثة منفذاً للكشف عما يحيط هم؟.. وأخيراً.. لمَ اكتسبت (أرض الم...