تجمد شاسار وقتاً طويلاً رآه أبدياً وهو يحدق بوجه يوتانا المتغيّر ورجفة شفتيها بعد أن نطقت تلك الكلمات.. رائحةً بشرية.. هذا ما تيقنت يوتانا منه، وما أدركت معناه بعدها مباشرة..وإزاء صمته التام، خفضت يوتانا بصرها وجسدها يرتجف بقوة بحيث انعكس على صوتها وهي تضيف "لابد أنها ذات الرائحة التي شمّتها الغيلان في تاداني فبادرت للهجوم عليها.. وهي رائحةٌ لم أشمّها قط في حياتي.."
لمس شاسار كتفها قائلاً بحيرة "كيف يمكن أن يحدث هذا؟.. أنت آراسيّة.."
لطمت يده بعيداً وصاحت باكية "بل أنا غول.. أصبحت كذلك رغم أن الأمر تأخر كثيراً ولم تكن بوادره واضحة.."
وخفضت وجهها مضيفةً بأسى "لا أدري متى سأصبح غولاً كاملاً، ومتى سأبدأ باشتهاء لحم البشر.. لكني أرجوك يا شاسار.. أرجوك لا تنسَ وعدك لي في زنزانة القلعة.."
مد شاسار يديه وأحاط وجهها براحتيه رغم محاولتها الابتعاد عنه.. كانت تخشى اللحظة التي تصبح فيها غولاً دون أن تدرك ذلك.. تخشى اللحظة التي تهجم فيها على أعز من تملك وتتسبب بموتهم أو إصابتهم.. وقد أدركت لحظتها أن شاسار بالفعل أعز عليها من أن تسمح له بهذا المصير.. لكن شاسار لم يتخلّ عنها وهو يواجه عينيها قائلاً بحزم رغم نظرات اليأس في عينيه "وتظنين أنني سأمد يدي لك بسوء؟.. لن أجرؤ على ذلك حتى لو أصبحتِ غولاً فعلاً.."
قالت يوتانا بمرارة "وما الذي يمكنك فعله في هذه الحالة؟.. هل ستتركني لهذا المصير؟"
قال بإصرار "على الإطلاق.. سأعيدك لأرض الملاذ.. إلى القلعة التي غادرناها منذ أمد.. وأنا متأكدٌ أنني سأعثر على إجابات أسئلتي هناك.."
قالت يوتانا بيأس "وماذا لو حاولت التهامك قبل وصولنا؟"
مسح دموعها مشفقاً وهو يتأمل ملامحها بصمت.. لم يكن مشفقاً فقط على يوتانا لما تعانيه من اضطرابٍ ويأسٍ بالغين.. بل يشفق على نفسه بالقدر ذاته لاحتمال أن يخسرها قبل أن تحقق وعدها له.. قبل أن تكون له.. وقبل أن يعرف معنى السعادة بقربها معه.. ولأنها ارتبطت في ذهنه بالأمل، لذا لا يمكنه على الإطلاق أن يمد يده لها بأي سوء.. ولن تفهم يوتانا هذا الأمر قط فهي لا تعلم أنها تحتل الجزء الأكبر من قلبه وعقله معاً..
سمعا صوت إيّان يقول بشيء من الاستياء "حتى لو كنت شاكراً لها إنقاذها حياتك، ألا ترى أنك تبالغ برد فعلك؟"
سحب شاسار يديه ملاحظاً الضيق على وجه إيّان وهو يقترب منهما، بينما لم تتمالك يوتانا نفسها وهي تجهش بالبكاء منطويةً على نفسها.. فأسرع إىّان نحوهما ورفع شاسار من مجمع ملابسه قائلاً بغيظ "ما الذي فعلته أيها المأفون؟"
أنت تقرأ
العين الثالثة
Fantasyالعين الثالثة.. هل هي عينٌ حقيقية؟ هل هي قدرةٌ خاصة؟.. أم هي نقمة؟.. في هذا العالم المعزول عما سواه.. وبين هؤلاء البشر الذين لا يعلمون تاريخهم.. ولا يعلمون ما يراد لهم.. هل تغدو العين الثالثة منفذاً للكشف عما يحيط هم؟.. وأخيراً.. لمَ اكتسبت (أرض الم...