مضت ساعةٌ كاملة منذ نفذت يوتانا بجلدها من ملاحقة البشر في المدينة الحصينة، والصمت يعمّ المنطقة التي تحيط بالمدينة إلا من حفيف الأشجار وزقزقات بعض العصافير.. جلست يوتانا على صخرة تقع أسفل عدة أشجار كثيفة الورق تخفيها عن أعين الحراس المرابطين فوق الأسوار.. فمع شخصية كشخصية الحاكم، لا تستبعد يوتانا أن يتم الخلاص منها لئلا تزيد الغيلان المحيطة بالمدينة غولاً آخر.. لحسن حظها، لم يتجرأ الحراس لفتح البوابات محاولين اللحاق بها، ولم يجرؤ أحد السكان على التسلل عبر الفجوة للإمساك بها..طالت الدقائق ويوتانا جالسة في موقعها ذاته ترتجف برداً بسبب ملابسها المبللة والشمس التي مالت عن كبد السماء لا تبث ما يكفي من الدفء في هذا العالم.. زفرت بقوة محاولةً تدفئة أصابعها المتجمدة، ثم نهضت وتحركت في الموقع لبثّ بعض الدفء في أوصالها وهي تقلب بصرها فيما حولها.. كانت المنطقة حول المدينة أهدأ من باقي نواحي هذا العالم ولم تكد تلمح غولاً قربها على الإطلاق.. وبدا أن جهود الحاكم قد أثمرت بالفعل في حماية المنطقة.. لكن ما الذي سيفعله وقد ظهر الغول وسط المدينة الحصينة وبين سكانها؟.. هذا ما لم يكن في الحسبان على الإطلاق..
سمعت حركة خافتة قرب السور، فاستدارت بشيء من الأمل نحو موقع الفجوة.. عندها لمحت شاسار يتسلل عبرها بسرعة وينهض واقفاً يتلفت حوله بحذر.. رفعت يوتانا بصرها لأعلى السور بحثاً عن أي حراس قد يحاولون التدخل ومنعه من الهرب.. ثم عادت ببصرها له لتجده يتقدم من شجيراتٍ كثيفة قرب السور، ويستخرج فأسه الذي أخفاه فيها قبل أن يتسلل للمدينة لإنقاذها.. ثم لم يتمهل وهو يتقدم منها بخطواتٍ سريعة.. لاحظ على الفور شحوب وجهها وهي تنتظره، فعلق قائلاً "أكُلّ هذا الشحوب لخوفك عليّ؟"
قطبت قائلة "بل لاضطراري غسل ملابسي ووجهي بالماء في هذا الجو القارس.. لكن لمَ أبطأت كل هذه المدة؟"
أجاب "لم أستطع العودة لذات المكان بعد أن رآك السكان تتسللين خارجةً منه.. اختبأت في مبنىً آخر بعيداً عن الأنظار، ولحسن الحظ فقد تشتت السكان بسرعة بعد أن وصلتهم أخبار العثور على جثة جديدة لفتاة أخرى مقتولةً بذات الطريقة.."
قالت يوتانا بقلق "إذن كان ذلك غولاً فعلاً.. ما الذي سيجري الآن؟"
نظر لها معلقاً "ما بالك مفزوعة؟.. لقد فررنا قبل أن تحل الكارثة بها.. يجدر بك أن تكوني مسرورة.."
قالت يوتانا "لقد فررنا بالفعل.. لكن ألا نملك ما نفعله لإنهاء المصيبة التي بدأت في أحياء المدينة؟.. يمكنك استخدام عينك الثالثة للبحث عن الغول الذي ارتكب ذلك الجرم، وتعاون الحراس على الخلاص منه قبل أن يتسبب بالمزيد من القتلى بين السكان.."
أنت تقرأ
العين الثالثة
Fantasyالعين الثالثة.. هل هي عينٌ حقيقية؟ هل هي قدرةٌ خاصة؟.. أم هي نقمة؟.. في هذا العالم المعزول عما سواه.. وبين هؤلاء البشر الذين لا يعلمون تاريخهم.. ولا يعلمون ما يراد لهم.. هل تغدو العين الثالثة منفذاً للكشف عما يحيط هم؟.. وأخيراً.. لمَ اكتسبت (أرض الم...