٤. ذئبٌ وحيد

39 3 1
                                    



انحنى ديرام على جسد يوتانا الساكن وهزه بشيء من القوة منادياً إياها.. ولما رفضت الاستجابة له رغم محاولاته اعتدل واقفاً يزفر بشدة واستياء.. بعد كل ما جرى في الليلة السابقة، استسلم ديرام لتعبه وغفي لبضع ساعات ليستيقظ على الصمت والسكون التام في منزله.. لم يستجِب إيّان لندائه لوقتٍ طويل ليكتشف بعدها أنه تسلل من نافذة غرفته حاملاً سلاحه وهدفه واضحٌ وضوح شمس الصيف.. انتاب القلق الشديد ديرام بعد اختفاء إيّان، وانطلق باحثاً عن يوتانا خشية أن تكون قد رحلت برفقة شقيقها.. ورغم الراحة القصيرة التي شعر بها عند رؤيتها في غرفتها وقد حسبها نائمة في البدء، ها هو يجدها غائبة عن وعيها.. لقد غادرت بدورها باستخدام عينها الثالثة، وربما كانت برفقة إيّان في تلك اللحظات خلف الحدود المحظورة دون أن يعبأ أحدهما بسؤاله عن رأيه في هذا الأمر..

زفر ديرام عابساً وقلقه يتضاعف بغياب ابنيه بعد أن غابت زيهار بتلك الطريقة المريبة.. فهل يغادر بدوره بحثاً عنهما؟.. قطع تفكيره صوت شهقة قوية عندما اعتدلت يوتانا في جلوسها وهي تنظر له بعينين متسعتين وأنفاسٍ متلاحقة.. فاقترب منها ديرام متسائلاً بغضب مكتوم "ما الذي جرى يا يوتانا؟.. أين إيّان؟.. لقد طلبت منكما ألا تتهورا دون أخذ رأيي، وها أنتما تخالفاني بعد ساعاتٍ قليلة فقط.."

صاحت يوتانا دون أن تعبأ بلومه "أبي.. إيّان في خطر.. يجب أن نذهب لإنقاذه حالاً.."

وقفزت واقفة وملامحها تفضح الذعر الذي تشعر به، مما دلّ ديرام على مقدار الخطر الذي يواجهه إبنه في تلك اللحظات.. لكنه استوقفها قبل أن تتصرف قائلاً بتقطيبة "إياك والحراك من هذا المنزل.. لن أسمح لك باتخاذ أي خطوة قد تشكل خطراً على حياتك.. يكفي ما نحن فيه الآن.."

تشبثت يوتانا بملابسه صائحة "لكن إيّان يحتاج إلينا.. لا أدري ما الذي جرى له في هذه اللحظات، لقد حاولت العودة بأسرع ما أستطيع.. ولو حاول ذلك الرجل الخلاص منه...... فلا أدري ما يمكننا أن نفعله.."

استوقفها ديرام متسائلاً بعبوس "رجل؟.. أي رجلٍ ذاك؟"

وضعت يوتانا يدها على جبينها قائلة بصوت مرتجف "لا أدري.. رجلٌ غريب.. هيئته المخفيّة عني وتصرفاته الأغرب تثير توجسي.. لقد كاد يوقع بي وأنا في جسد الغراب.. لا أدري كيف فعل ذلك لكن لابد أنه هو سبب ما جرى لي فقد انقطع التأثير فور أن هجم عليه إيّان.."

ونظرت لديرام بعينين قلقتين مضيفة "وإيّان كاد يسقط في هاوية عميقة.. لكني لم أملك أن أمد له يد العون ولم أجد ما أفعله إلا العودة لجسدي كي نتمكن من الرحيل برفقة بعض الرجال بحثاً عنه.."

فعلق ديرام وهو يستدير ليغادر غرفتها "لابد أن لذلك الرجل يداً في اختفاء زيهار كذلك.."

العين الثالثةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن