في اليومين التاليين، غاب شاسار وإيّان عن القرية أغلب ساعات النهار في رحلاتٍ طويلة بالعين الثالثة لاستكشاف القلعة وما حولها والتخطيط لكيفية التسلل إليها والوصول لبغيتهم بأقرب وقت ممكن.. فيما بقي بعض المحاربين يتقدمـهم جادا يخططون لهجومهم على القلعة استناداً للمعلومات التي زوّدهم بها شاسار في رحلاته تلك عبر جسده الذي بقي في القرية.. كانت قدرة شاسار على الحديث عبر جسده مهما ابتعد عنه بعينه الثالثة معيناً للمحاربين في وضع مخطط سريع للقلعة، حيث كان يخبرهم بكافة تفاصيلها أثناء مروره فوقها بجسد أحد الطيور أو الغربان وهو يتفحصها تفحصاً شاملاً..أما يوتانا فقد كانت تجلس جانباً في ذلك الموقع تراقب المحاربين ونقاشاتهم رغم أنها لا تقدر على التدخل في مخططاتهم بأي صورة.. رفضت عدة مرات دعوات كرمين لها لتشغل أوقاتها ببعض الأحاديث أو تشارك في الأنشطة التي تقوم بها الفتيات عادة في القرية..
ورغم أن ما دار بينها وبين شاسار في الليلة الأولى لوصولهم للقرية حريٌّ أن يدفعها لتجنبه، لكن يوتانا لم تكن من النوع الذي يهرب من المواجهة.. كل ما هنالك أنها طلبت منه مهلةً لاتخاذ قرارٍ صحيح دون ضغطٍ منه، وهو قد منحها ذلك.. فما الداعي للهرب منه؟.. بل هي أصبحت كلما رأته يعود من رحلاته بالعين الثالثة تجاه القلعة تثبت عينيها على وجهه بأمل ورجاء واضحين، لكن شاسار يبادر لإبعاد عينيه عنها قائلاً بإصرار "لا تحاولي التأثير عليّ يا يوتانا.. أنتِ لن تذهبي معنا هذه المرة.."
فتدمدم يوتانا حانقة وهي تضع وجهها على قبضة يدها وتكتفي بالاستماع لأحاديث المحاربين وخططهم بالاشتراك مع شاسار وإيّان.. كانت تصغي بكل اهتمام لعلّها تحتاج لهذه المعلومات بالفعل في اليوم المعيّن.. فمن يدري ما الذي قد يحدث يومها؟.. قد يجد شاسار أنه لا يستطيع الاستغناء عن عينها الثالثة رغم كل شيء..
في منتصف اليوم الثاني وجدت يوتانا العرافة تقترب منها وتجلس جوارها قائلة "يبدو أن اهتمامك بهذه المهمة لا يقل عن اهتمام الآخرين.. ما الداعي للجلوس هنا والإنصات لنقاشاتهم التي لا تنتهي؟.."
قالت يوتانا هازةً كتفيها "لو كان الخيار لي، لتقدمتهم في هذه المهمة دون رادع.."
فعلقت العرافة "دعي هذه المهمة لرجالها، واكتفِ بالابتهال للسماء لعودتهم سالمين.."
كتمت يوتانا التعليق الهازئ الذي كانت ستنطق به.. هي لم تقطع هذه المسافة كلها في أرض الغيلان لتكتفي بالدعاء والابتهال.. ثم تساءلت العرافة مغيرةً الموضوع "أخبريني عن الأرض التي أتيتم منها.. ماذا كان اسمها؟..... أرض الملاذ.. أليس كذلك؟.. كيف هي؟.. وكيف تعيشون في جوانبها دون أن تحاصركم الغيلان؟"
أنت تقرأ
العين الثالثة
Fantasíaالعين الثالثة.. هل هي عينٌ حقيقية؟ هل هي قدرةٌ خاصة؟.. أم هي نقمة؟.. في هذا العالم المعزول عما سواه.. وبين هؤلاء البشر الذين لا يعلمون تاريخهم.. ولا يعلمون ما يراد لهم.. هل تغدو العين الثالثة منفذاً للكشف عما يحيط هم؟.. وأخيراً.. لمَ اكتسبت (أرض الم...