١٤. الحصن الآمن

32 3 0
                                    



اندفع المحاربون نحو القلعة بهجومٍ موحّد من عدة اتجاهات بعد أن غادروا مخبأهم في الغابة القريبة.. لم تكن المسافة الفاصلة بين الغابة وبين القلعة بعيدة، لذا قطعها المحاربون فوق ظهور أحصنتهم في وقتٍ وجيز بما لم يسمح للغيلان بالتأهب لقدومهم، رغم أن صراخهم العالي قد جذب الانتباه إليهم بالفعل منذ البدء..

في الوقت ذاته لم يكن الموقف الذي وجد شاسار وإيّان نفسيهما فيه ساراً، لكنه لم يكن غير متوقعٍ بالضرورة.. تراجع الإثنان خطوةً للخلف والغول الذي يحمل المطرقة يتقدم منهما قائلاً بجذل "أكاد أقسم أنني أشم رائحة بشري.. لن يغضب الأول لو التهمت أحشاءه.. أليس كذلك؟"

قال غولٌ آخر وهو يتقدم خلفه "كيف تعرف ذلك؟.. هذان الإثنان كانا معنا منذ عدة أشهر ولم يبدُ على أحدهما أنه ليس غولاً حقاً.."

حاول إيّان كسب بعض الوقت وهو يقول "بالطبع نحن مثلكم.. ما الذي هيأ لكم أننا لسنا من الغيلان؟"

قال غولٌ آخر انحنى لتفحص رئيسهم الذي ظل ساكناً في موقعه على الأرض "إن كنتما غيلاناً أم غير ذلك.. هذا لا يجيب أسئلتنا بخصوص تسللكما لهذه الغرفة وقتلكما الرئيس.."

تساءل شاسار بحذر وهو يلقي نظرةً سريعةً عبر النافذة خلفه "نحن لم نتعمد أن نؤذي الأول على الإطلاق.."

نهض الغول واقفاً وقال بلهجةٍ مستنكرة "الأول؟.. هل فقدت عقلك أخيراً؟"

كان ذلك جواباً كافياً لشاسار الذي جذب إيّان للخلف، بينما تحرك الغول الآخر رافعاً مطرقته وهو يهوي بها نحوهما.. اندفع شاسار نحو النافذة دون تردد جاذباً إيّان معه، وبينما هوت المطرقة بقوةٍ عنيفة وضربت الأرضية الخشبية في الموضع الذي كانا يقفان فيه منذ لحظات، فإن شاسار وإيّان هويا من الطابق الثاني بتسارع دون أن يخفف سقوطهما أي شيء.. تعالى صياح يوتانا في اللحظة ذاتها التي سقط فيها الإثنان على بعض الصناديق الخشبية التي كانت مصفوفةً تحت النافذة، والتي لمحها شاسار عندما ألقى نظرة السريعة عبر النافذة.. تهشمت الصناديق بضجيجٍ مرتفع، وسقط الإثنان وسط الأخشاب المتناثرة ومحتوياتها التي لم تكن أقل قسوةً على جسدي الغولين من الصناديق ذاتها.. لم يشعر الإثنان بأي ألمٍ بطبيعة الحال، لكن السقوط قد أثر بطبيعة الحال على جسدي الغولين وجعل حركتهما أبطأ وأكثر صعوبةً من السابق.. ظلت يوتانا تحلق عالياً تراقب ما يجري خارج القلعة بين المحاربين والغيلان، وما يجري داخلها حول شاسار وإيّان.. فلمحت شاسار ينهض جاذباً إيّان من ملابسه قائلاً "لنبتعد.. لابد أن ذلك الغول العنيف سيلاحقنا بإصرار.."

رغم السقوط العنيف، لم يلتفت بقية الغيلان في الساحة وعلى السور إليهما وقد انشغلوا بهجوم المحاربين عليهم.. رغم أن المحاربين لا يتجاوز عددهم عشرون رجلاً، لكن هجومهم في مجموعاتٍ من خمسة أفراد موزعةٍ على طول السور جعل تركيز الغيلان يتشتت بينهم محاولين الخلاص منهم قبل وصولهم لأسفل السور ومحاولة اقتحامه.. لكن جادا ورجاله لم يكونوا يهدفون للاقتراب من السور في هذه اللحظة، إذ اكتفوا بالهجوم من مبعدة بسهامهم وهم يناورون على ظهور الأحصنة متفادين سهام العدو ورماحه..

العين الثالثةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن