١. أعينٌ ثلاث

161 4 0
                                    



فوق السهل الواسع الذي تخللته مجموعات من الشجيرات والأشجار المنفصلة، حلق نسرٌ عريض الجناحين ذهبي الريش بسلاسة وهو يحرك جناحيه بدفعة قوية بين فينة وأخرى مواكباً التيار الهوائي الذي يعينه على التحليق.. حلق النسر وهو يمد بصره للأرض متأملاً بعينيه الذهبيتين تفاصيلها بحثاً عن أي حركة ولو كانت خافتة.. مال جانباً بعيداً عن بعض الأشجار التي تخفي ما تحتها، وحلق نحو السهل الممتد الذي تغطيه الحشائش الطويلة صفراء اللون والتي التمعت بنور شمس هذا النهار..

صدرت حركة خافتة من بين الحشائش قبل أن يسود الصمت التام في ذلك الجانب من السهل.. ثبّت النسر عينيه على تلك البقعة وبصره الحاد يتأمل تفاصيل المكان، قبل أن يدور دورة صغيرة في الهواء وهو يوجه بصره نحو جانبٍ من المكان حيث انتصبت بعض الأشجار والشجيرات الكثيفة التي تحجب ما خلفها عن هذا السهل..

لم يحاول النسر الانحدار نحو موضع الحركة، والتي لمح بوضوح وسطها أذنا أرنبٍ حاول التماهي مع الحشائش بعيداً عن عيني صياده.. وعوضاً عن ذلك، انطلق سهمٌ من تلك الشجيرات شق الهواء بسرعة خاطفة قبل أن يستقر في بطن الأرنب الذي انتفض للصدمة والدماء تنبثق من موضع الجرح قبل أن يسقط جانباً بصمت وجسده ينتفض انتفاضة خافتة..

تعالت صيحة انتصارٍ قصيرة من تلك الشجيرات، فيما انتفض النسر وحرك جناحيه بقوة قبل أن يستدير ويرفرف بعيداً وهو يطلق صيحة عالية تردد صداها في المكان.. ومن بين الشجيرات، اندفع جسدٌ صغير الحجم عبر السهل بخطوات سريعة قبل أن يصل لموقع الأرنب فيحمله من أذنيه ويرفعه عالياً صائحاً بانتصار "لقد تغلبت عليك.."

برز شخصٌ آخر من تلك الأجمة وسار نحو الموقع ذاته بخطوات واسعة قائلاً "صياحك لم يترك في السهل طريدة إلا حذرها منا.. ألم يدُر ذلك بذهنكِ قط يا يوتانا؟"

اقترب من الفتاة التي حملت الأرنب بيدها ونزعت السهم من جسده قائلة "وما المهم؟.. هذا لن يعوقنا على الإطلاق.."

اقترب الشاب متأملاً ملامح الفتاة المسرورة بتقطيبة لم يملكها، فيما قالت الفتاة بفخر "أرأيت؟.. لستَ بحاجةٍ لتعليمي كيفية اصطياد الطرائد.. وها أنا مع أول تجربة لي قد حصلت على طريدتي.. ما دمتُ أتقن استخدام القوس والسهم، فهذا كافٍ بالنسبة لي.."

واستدارت عازمة العودة للموضع الذي تركا أشياءهما عنده، لكن الشاب أمسك ذراعها واستوقفها متأملاً عينيها الواسعتين ببراءة واضحة.. كان انعقاد حاجبيه دليلاً على ما يشعر به من ضيق، فقالت يوتانا "أأنت مغتاظٌ لأنني هزمتك واصطدت هذه الطريدة قبلك؟.. لو كنتُ أدري بذلك لما بادرت باستعراض مهاراتي بهذه الصورة يا إيّان.."

قال إيّان دون أن يفلتها "هل اصطدتِ هذا الأرنب بمعاونة عينك الثالثة؟"

العين الثالثةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن