في ذلك المكان الواسع وعلى طاولة تجلس عليها فتاتان لوحدهما صدرت ضحكة ساخرة من أحدهما لثواني من قول الآخرى قبل أن تقطعها بنبرة باردة غريبة بالنسبة لصديقتها: ماذا تقصدين بأنني جميلة ريتا ؟! ما الجميل أساساً بعينان مختلفتان؟! الأولى رمادية أقرب للسواد والثانية عسلية مائلة للأخضر بشكل مريب؟! وهذا جعلني للأسف منذ أن كنتُ صغيرة أرتدي عدستان بنيتان مزعجتان يعذبن عيناي!
ريتا بارتباك فهي لم تقصد فتح الموضوع لصديقتها وهي تعلم بكمية حساسيتها للأمر: لكن أنظري لوجهك الأبيض المدور وشعرك الطويل الناعم والذي يصل لخصرك.
نيرمين وقد رفعت إحدى حاجبيها باستنكار مشيرة لوجهها: تقصدين لونه الأبيض الشاحب كالأشباح أم ظن الناس أنني مصابة بمرض زهاق.. هزاق.. بهاق.. هواق.... الذي لا أعلم ما هو لكنني لستُ مصابة به بالتأكيد.
ريتا بنبرة علمية محركة نظارتها: تصحيح اسمه البرص وهو ليس مرضاً هو فقط نقص البشرة والجلد لصبغة الميلامين التي تعمل على.....
نيرمين مقاطعة كلامها الذي لن ينتهي إلى الصباح: توقفي يا أيتها الطبيبة المزعجة.... والآن لنعد لموضوعنا الأساسي وبالتحديد عن شعري الطويل والناعم ذو الخصلة البيضاء ولو كان شعري أسوداً كنتُ لأضع خرافة أنها هبة لأكون متميزة عنِ الجميع لكنَّ شعري بالفعل لونه عسلي مما يجعلني أصبغها دائماً وباستمرار!!!
ريتا بدرامية مربتة على شعرها بلطف: توقفي عنِ التذمر من شكلك أنا أعلم بأنَّ لا أحد ينظرُ إليكِ من الشباب لهذا أنتِ تنتحبين باستمرار إليّ و... (توقفت عنِ الكلام عائدة لمقعدها عندما لمحت نظرتها الحادة ثُــمَّ حمحمت لتتابع كلامها) احِم احم وأنا لم أصبح طبيبة بعد بقي لي على الأقل سنتين لكن أنتِ هذه سنتك الرابعة والأخيرة في كلية العلوم والآثار التاريخية.
عند قولها الكلمات الأخيرة عادت لطبيعتها المرحة ولمعت عيناها بسعادة لتذكرها بأنَّ محاضرة اليوم ستكون عن أحد الملوك الأقوياء النادرين والذي لا أحد للآن يعلم أي شيء شخصي عنهم لذا بدأت بجمع أغراضها بسرعة بعد أن ألقت نظرة خاطفة على ساعتها.
نيرمين باستعجال: بقي لمحاضرتي القادمة عشرون دقيقة يجب أن أستعد جيداً فموضوع اليوم شائق..... أراكي لاحقاً، أنهت كلامها خارجة من الكافيتيريا بركض كعادتها دوماً غير مبالية بالنظرات المستغربة والساخرة التي تتلقاها.
حركت ريتا ماصة عصير الفراولة الخاص بها بارتياح عندما رأتها عادت لنشاطها ثُــمَّ نظرت إلى الطريق بشرود من خلال الزجاج العاكس....
إن أردنا الصراحة فصديقتها نيرمين في غاية الجمال..... متوسطة الطول وقوامها رشيق ومثالي لكن لا أحد يجرؤ على الاقتراب منها رغم مرحها الدائم حسب ما ترى....
البعض يراها غريبة أطوار والآخرون مختلة عقلية فلا يجرؤن الاقتراب منها أكثر من ثلاثة أمتار.
أنت تقرأ
لعبة الزمن
Historical Fiction".... وهكذا نسج القدر مبتغاه إلى نهايته المحتومة... " صوت دكتور المحاضرة تردد بهدوء في أنحاء القاعة حيث كان أغلبهم نائمين عداها.... نظرها مركز عليه تدون كل كلمة يقولها في عقلها فالذي يتكلم عنه الدكتور قدوتها وبطلها.... ذلك الملك الذي حكم العديد من...