الفصل الثاني
لا خيار
بعد اجتماع مهم استغرق منه أكثر من ساعتين .. سمح صلاح لكبار موظفيه بالانصراف أخيرا .. راقبهم وهم يغادرون مكتبه .. وقد تركز اهتمامه نحو حافظ سعيد وهو يتحدث غلى أحد زملاءه أثناء تخطيه الباب مبتسما دون أن يدرك بأنه منذ هذه اللحظة .. قد فقد كل امتيازاته كأحد أقدم موظفي الشركة .. وأن جميع تحركاته باتت مراقبة .. قريبا سيمسك به بالجرم المشهود .. وسيجعله يتمنى لو أنه لم يولد
فور أن اختلى بنفسه أخيرا .. حل ربطة عنقه مستجديا بعض الهواء .. ونهض من مقعده في اللحظة التي دخلت فيها آية قائلة :- هناك آنسة تطلب مقابلتك وتنتظرك منذ ساعة كاملة أن تسمح لها بالدخول
اتجه نحو الثلاجة الصغيرة التي بدت من الخارج أشبه بخزانة عادية .. وأخرج منها زجاجة من الماء وهو يقول :- من تكون ؟
:- اسمها لندا سليمان .. تقول بأنك ستتذكرها فور سماعك له
قطب بعد أن أخذ جرعة كبيرة من الماء البارد .. والتفت إليها قائلا بفتور :- لم أسمع به قط
:- ماذا علي أن أفعل معها ؟
قال بضيق :- أنت تعرفين الإجراء المعتاد في الحالات المماثلة .. آخر ما أحتاج إليه هو فتيات منبوذات لا أذكرهن تبكين أمام مكتبي
كادت ترد عليه بلهجة لاذعة ( لماذا تنبذهن إن لم تكن قادرا على تحمل تذمرهن ؟)
ولكنها اكتفت بالقول بانزعاج :- لم تبد لي من ذلك النوع
قال متهكما :- لا تبدو إحداهن من هذا النوع على الإطلاق .. أحتاج إلى ربع ساعة قبل أن تحولي إلي أي مكالمة .. أو أن تسمحي لأي أحد بالدخول
ثم اقترب من النافذة متجاهلا إياها مما جعلها تخرج بإحباط .. أشعل سيجارته وغرق في أفكاره مما جعله يجفل بسبب ضجيج قادم من خلف باب مكتبه .. تبعه دخول عاصف لفتاة سمراء صغيرة الحجم .. لحقت بها آية وهي تقول بغضب :- انتظري يا آنسة ..
التفت نحوهما هاتفا بصرامة :- ما الذي يحدث هنا ؟
وقفت لندا أمامه رافعة نحوه عينيها الذهبيتين بتحدي .. بينما أطلت نظرة عاجزة من عيني آية وهي تعتذر صامتة .. استدار هو نحو الفتاة مواجها قامتها الضئيلة .. فكان أول ما خطر في باله وهو يتفحصها .هو أن من الغريب اجتماع هذا الغضب والتمرد المرتسمين بوضوح على الملامح الناعمة .. والعينين اللامعتين .. مع مظهرها الشبيه بمظهر قطة سيامية وديعة .. شعر فاحم السواد يرتفع فوق رأسها بتسريحة تجمع بين الأناقة والأنوثة .. بملابس رسمية .. أنيقة .. بدت متناقضة مع سنها اليافع .. عرف بأنه لم يسبق له أن قابلها قبل الآن .. فهو ما كان أبدا لينسى هذا المزيج الغريب من الأنوثة والطفولة والغضب .
رغم مظهرها المربك .. قال بصرامة :- من أنت ؟ .. وكيف تجرؤين على اقتحام المكان بهذه الطريقة ؟
الشجاعة التي أحست بها لندا قبل لحظات ودفعتها لاقتحام المكان .. تبخرت مرة واحدة فور رؤيتها للرجل الذي جاءت بهدف مواجهته ...
لم يسبق لها أن قابلت ( صلاح النجار ) قبل الآن .. كانت تعرف عنه ما يتداوله الناس في كل مكان .. الوريث الثري .. المخيف بسلطته وصرامته .. الذي اعتاد سحق أعداءه كما تسحق الحشرات بحذائه الأنيق ..
كل هذا لم يوقفها عندما استقلت سيارة أجرة في إسراف متهور هذا الصباح .. بنية رؤيته والتحدث إليه .. والآن .. وهي تنظر إليه على بعد خطوات قليلة منه .. تجمدت مكانها .. وعقد لسانها .. وأخذ الخوف يزحف على طول عمودها الفقري بسبب الرجل الذي بدا رغم ربطة عنقه المحلولة .. والإرهاق الواضح على وجهه الوسيم .. كان يبدو أشبه بنمر مفترس لن يتورع عن الانقضاض عليها في أي لحظة ممزقا إياها إلى قطع .
في الواقع هي لم تتخيل رؤية شاب في أوائل الثلاثين .. ذي وسامة مدمرة .. يصرخ كل جزء منه بالرقي والنبل الموروث .. لم يكن بطول شقيقها عادل .. إلا أنه كان يحمل هيبة وقوة جعلته يبدو أمام عينيها أكثر قوة وخطورة من أي رجل قابلته في حياتها
شعر داكن شديد النعومة .. ملابس في غاية الأناقة لاءمت تماما جسده الرشيق القوي .. ما سمرها مكانها حقا .. عيناه ..
بلونهما الرمادي .. ونظرتهما الباردة والقاسية .. والمخيفة .. شعرت برغبة عارمة في الهرب بعيدا .. وقد أحست إلى أي حد هي ضعيفة وصغيرة وتافهة .
ثم تذكرت كلمات منى .. والقرار الذي اتخذته مساء الأمس .. هي لن تكون ضعيفة بعد الآن .. استجمعت شجاعتها .. ورفعت رأسها لتقول بشجاعة :- أنا شخص ينتظر في الخارج منذ أكثر من ساعة دون أن يسمح له بالدخول لمقابلة السيد صلاح النجار العظيم .. ليصرف بعد ذلك بكل برود وكأنه شيء لا يستحق الاعتبار
كست القسوة ملامح وجهه .. وزحفت نظراته الباردة فوقها ممشطة هيئتها من رأسها حتى أخمص قدميها بطريقة جعلتها ترتعد وتحس بالدونية .. تحركت أمامه بعدم ارتياح .. في حين قال ببرود :- أنت هنا بدون موعد مسبق يا آنسة .. وأنا لا أمتلك وقتا أضيعه مع شخص لا أعرف .. أو حتى أهتم لأمره .. شخص لا يتحلى بأي قدر من آداب الحديث .. أو الاحترام لمكان وجوده .. أو حتى لقيمة الآخرين .
احمر وجهها إدراكا لفظاظتها وتهورها الكلامي .. والذين خرجا منها عفويا بسبب التوتر الذي سببه لها هذا الرجل ببروده وجفاءه
قالت بتوتر :- أنا آسفة .. ربما أكون قد بالغت في إظهار ضيقي بعد فترة طويلة من الانتظار .. كان علي التحدث إليك .. وأنت لم تترك لي خيارا آخر
كان يقف أمامها بنفس الشموخ .. ينظر إليها من علو باستكبار واستخفاف مما ضاعف من ضيقها وتوترها .. قال أخيرا بنفس البرود :- أنا لا أعرفك يا آنسة .. وقد وضحت لك سكرتيرتي بأنني لا أستقبل أحدا على الإطلاق بدون موعد مسبق .. وأنت لا تستحقين أن أجعل منك استثناءا .. تستطيعين العودة في وقت لاحق .. ومهما كان ما جاء لك إلى هنا اليوم .. فأنا متأكد بأن سكرتيرتي ستكون قادرة تماما على مساعدتك .
استدار عنها بدون أي اعتبار في اللحظة التي شعرت فيها لندا بيد آية على كتفها تحثها على طاعته والخروج معها .. ولكنها لم تكن مستعدة للاستسلام بهذه السهولة .. ليس وهو يعاملها بهذا الاحتقار الواضح .. الذي جعلها تزيح أصابع آية وتقول بغل من بين أسنانها :- أنت مخطئ يا سيد صلاح .. فأنت الوحيد القادر على مساعدتي .. كما أنك لا تجهل من أكون كما تدعي .. بل تعرفني حق المعرفة .. قبل عام واحد تقريبا .. كنت تتصل بهاتفي المحمول عدة مرات يوميا في بعض الأحيان بهدف معرفة آخر تفاصيل علاقة ابنة عمك بخطيبها الذي كنت اعمل لديه في ذلك الوقت
لم تتحرك عضلة واحدة في وجهه القاسي وهو يجمد مكانه للحظات .. ثم يعود ليستدير نحوها ببطء شديد .. لم تخطئ لندا اللون الرمادي الذي زحف فوق بشرته التي لوحتها الشمس .. وذلك البريق القوي في عينيه المخيفتين .. ساد الصمت لدقيقة كاملة .. تبادلت خلالها النظرات بصلابة مع الرجل الأعلى شأنا .. والذي قال أخيرا دون أن يزيح عينيه عنها :- اتركينا وحدنا يا آية
أسرعت السكرتيرة المرتبكة بالانسحاب مغلقة الباب خلفها بإحكام .. تاركة لندا تواجه مصيرها وحدها .. أحست لندا بشجاعتها تخونها مجددا وهو يرمقها بتلك النظرات الباردة .. قبل أن يتحرك الفم القاسي أخيرا بشبه ابتسامة ساخرة وهو ينظر إليها بازدراء قائلا :- انظروا من جاء فجأة لزيارتنا ؟ .. الجاسوسة الصغيرة الشديدة الفعالية .. ماذا كان اسمك ؟
احمر وجهها غضبا من طريقته الساخرة في التقليل من شأنها .. رفعت ذقنها الصغير وقالت بتحدي :- اسمي هو لندا سليمان .. وإن كنت أنا جاسوسة صغيرة كما تسميني .. فأنت يا سيد صلاح من دفعني لاستراق السمع والتجسس على ما كان يدور بين السيد هشام وخطيبته
صمت دام لثوان قبل أن يقول بهدوء شديد :- أنا لم أجبرك على فعل أي شيء .. لقد قابلت مبعوثي وعرض عليك ثمنا مجزيا مقابل خدماتك .. كان بإمكانك الرفض .. ولكنك لم تفعلي .. لم تتمكني من مقاومة إغراء المال
أحست بالحرج والغضب بسبب صحة كلامه .. عام كامل وهي تعيش غارقة في نتائج فعلتها تلك .و قالت بتوتر :- لولا ظروفي الصعبة لما أخذت من مالك قرشا واحدا
تحرك ليدور حول مكتبه .. فراقبت مبهورة رشاقة خطواته والثقة الكبيرة في كل حركاته .. الطريقة التي جلس فيها على مقعده الجلدي الكبير باسترخاء .. مسندا مرفقيه كل إلى أحد مقبضي المقعد .. مشبكا يديه أمامه وهو ينظر إليها بتمعن .. أدركت فجأة بأنها تحبس أنفاسها ... فأسرعت تأخذ نفسا عميقا كي تستعيد شيئا من تماسكها .. بينما قال هو ببرود :- دعيني أخمن .. ظروفك الصعبة هي ما جاء بك هذا الصباح .. أليس كذلك ؟ .. ما الذي تريدينه إذا يا آنسة لندا ؟ المزيد من المال ؟ .. للأسف أنا لا أقدم تبرعاتي لكل من يطرق بابي .. وأنت بالتأكيد لا تستحقين إحساني
احمر وجهها مانعة نفسها من الصراخ في وجهه منكرة أي غاية لها منه ومغادرة المكان على الفور وإلى الأبد .. إلا أن ذكرى عادل المحبط في البيت .. ووالدتها المريضة .. والمصاريف التي لا تنتهي ,, جعلتها تثبت أمامه وتقول بصلابة :- أريد وظيفة
ضيق عينيه محدقا بها .. معذبا إياها بصمته لطويل قبل أن يقول :- لابد أنك تهذين
هتفت بغضب :- لن أتحرك من هنا إلا بوظيفة .. لقد طردني السيد هشام من عملي فور انكشاف أمري .. رفض منحي رسالة توصية .. وتسبب في رفض معظم الشركات المحترمة توظيفي .. لقد قضيت العام السابق انتقل من وظيفة تافهة إلى أخرى حتى سئمت .. أنت من تسبب بطردي من عملي .. وأنت من سيعوضني عنه
بعد أن أنهت كلامها .. تنفست بعمق غير مصدقة لأنها قد نطقت أخيرا بما تريد .. إلا أن توترها قد ازداد عندما أطلق الرجل الجالس أمامها ضحكة ساخرة لم تصل إلى عينيه وهو يقول :- أنت حقا فريدة من نوعك .. من الأفضل أن يكون ما تفوهت به الآن مجرد مزحة سخيفة لأنني لا أدين لك بشيء .. أنت من أوقع نفسه في شر أعماله عندما وافقت على العرض الذي قدمه رسولي إليك .. كان عليك أن تخمني العواقب المحتملة لخياراتك .. والآن أنت وحدك من عليه تحملها
تناول سماعة الهاتف قائلا دون أن ينظر إليها :- لقد ضيعت ما يكفي من وقتي يا آنسة .. تعرفين طريقك نحو المخرج
راقبته وهو يطلب رقما ما وقد اجتاحها اليأس الكامل .. هل خسرت فرصتها الأخيرة ؟ .. هل كتب عليها ان تستمر في المعاناة واحتمال أشباه مديرها السابق والاستدانة المتكررة من عمتها ومنى من دون علم والدها .. لتغطية مصاريف علاج والدتها ؟ .. وتعريض عادل للمزيد من الضغط ؟
أحست فجأة بأنها قد تعبت .. تعبت من قسوة الحياة وتقلباتها عليها .. أرادت أن تشعر ولو لفترة قصيرة بالراحة والأمان والطمأنينة .. أن تستعيد ذلك الإحساس بالسكينة الذي كان وجود والدها حولها يمنحها إياه
وجدت نفسها تهتف بصوت مختنق :- سألجأ إلى الصحافة
ارتفع الرأس الأنيق نحوها فجأة .. واشتدت الأصابع الطويلة حول سماعة الهاتف بينما أطلت نظرة مخيفة من عينيه وهو يقول ببرود :- ماذا قلت ؟
قالت بيأس :- سأنشر قصتي في الصحف .. وسيعرف الجميع كل شيء عرفته عن ابنة عمك خلال عملي السابق .. عن وصية والدها .. وخطبتها المزيفة .. عن تجسسك عليها و .......
هب فجأة من مكانه مقاطعا إياها هاتفا بوحشية جعلتها تنتفض :- افعليها وسأكون قاتلك
هزت رأسها رافضة التأثر بعنفه وقالت بصوت رغم حدته خرج منها مهتزا :- لم تترك لي خيارا آخر .. أنا أحتاج إلى وظيفة .. وأنت الوحيد القادر على تقديمها لي
ألقى الهاتف من يده .. ودار حول مكتبه .. سار نحوها بخطوات جعلتها تنكمش وتتراجع إلى الخلف خائفة .. إلا أنه أسرع يقبض على معصمها بأصابع فولاذية منعتها من الهرب .. وجعلتها تشهق ألما زهي ترفع رأسها إليه مذعورة من قربه الشديد والمهدد
كانت هناك طاقة عنيفة وعدائية تفوح من كل عضلة متشنجة في جسده النحيل والقوي .. اتسعت عيناها الذهبيتان ذعرا وهي تتجمد أمامه مذهولة وعاجزة .. كالذبابة عندما تعلق في شباك العنكبوت
قال من بين أسنانه ببغض جمد الدماء في عروقها :- أتريدين وظيفة ؟ .. وأي وظيفة تناسب مؤهلات مبتزة حقيرة .. جاسوسة لعينة لا مأمن ....
قطع عبارته فجأة وهو يحدق في وجهها المذعور بجمود .. عقد حاجبيه .. واختفى الغضب ليحل محله التفكير العميق .. وأمام عينيها الذاهلتين .. برقت عيناه بشدة جعلت قلبها يخفق بقوة توجسا .. عندما تركها فجأة وقد استعاد ذلك الهدوء المخيف الذي استقبلها به .. وكأن نوبة الجنون الغاضب التي أصابته قبل لحظات لم تحدث قط .. ابتعد عنها قائلا :- أنت محقة
حدقت به بدهشة .. بينما تجاهل هو ارتباكها وقال :- لقد فقدت وظيفتك بسببي .. ومن حقك الحصول على أخرى بديلة
قالت باضطراب :- حقا ؟
عاد ليجلس خلف مكتبه مسترخيا فوق مقعده .. فبدا لها كالنمر الشبعان الذي افترس لتوه غزالا كاملا بمفرده .. قال بهدوء :- راجعي مكتب شؤون الموظفين صباح الغد .. وستستلمين وظيفتك على الفور
عندما لاحظ ترددها وتشككها .. قال متسائلا :- ما الأمر ؟ .. أما عدت تريدين العمل لدي ؟
أسرعت تقول :- بلى .. أريد .. ولكن ..
قاطعها :- حسنا .. ها قد حصلت على ما تريدين بالضبط
لم تعرف لندا سبب شعورها بعدم الارتياح .. بدا لها وكأن الثقة بهذا الرجل الذي تحول فجأة من وحش كاد يفترسها بلا رحمة .. إلى رجل متفهم .. غير محمودة العواقب ..
ولكنها لم تكن تملك خيارا إلا التمسك بكلمته .. فتمتمت :- أنا آسفة على انفعالي الشديد وقلة تهذيبي
قال بهدوء :- لا بأس .. كلنا نتعرض للضغط أحيانا فنفقد أعصابنا
رمقته بنظرة شك صريحة وهي تعتذر مجددا .. وتنصرف
فور مغادرتها .. استدعى صلاح سكرتيرته التي أسرعت تلبي دعوته بقلق .. فاجأها بسؤاله :- متى كانت آخر مرة منحتك فيها إجازة ؟
قالت بجفاف :- لم يسبق أن فعلت
لوى فمه بابتسامة صغيرة ثم قال :- أنت في إجازة غير محددة المدة ابتداء من الأسبوع القادم
جمدت مكانها للحظات تحدق فيه بدون تعبير .. ثم قالت ببرود :- هل تطردني يا سيد صلاح
قال بنفاذ صبر :- أي جزء من كلمة إجازة لم تفهميه ؟
:- الجزء المتعلق بالمدة غبر المحددة .. لا أصدق حقا أنك تتخلى عني بعد عملي الطويل معك .. 3 سنوات يا سيد صلاح .. 3 سنوات
قال بصرامة :- أنا لا أتخلى عنك يا آية .. ستغيبين لمدة أسبوع أو أسبوعين على الأكثر لغرض في رأسي .. ثم تعودين بعدها سكرتيرتي المفضلة .. وأكثر الأشخاص الذين أعتمد عليهم هنا
صمتت قليلا وهي تنظر نحوه بريبة .. قبل أن تهتف صراحة :- أنا لا أثق بك
أطلق ضحكة عالية جعلت آية ترتجف مرغمة تأثرا .. فصلاح النجار لم يكن من النوع الضاحك على الإطلاق .. وعندما يترك العنان لنفسه كما فعل لتوه .. تتبدل هيئته الصلبة الباردة ويظهر ذلك الجانب الساحر الذي يجهل الكثير من الناس وجوده
نهض من مكانه وسار حتى وقف أمامها مستندا إلى حافة مكتبه قائلا بمودة نادرة :- أنت تعرفين بأنني أمنحك أنت ورشاد ثقتي التامة .. لن أتخلى عنك أبدا مهما حصل
قالت بتوتر :- وكيف ستتدبر أمرك خلال الفترة القادمة .. من سيحل مكاني أثناء غيابي
قال بغموض :- لا تخلو الشركة من الموظفات ذوات الكفاءة .. لن تمانع إحداهن في الحلول مكانك لفترة مؤقتة ... سمعت بأن سكرتيرة حافظ سعيد ذات مهارة عالية .. ماذا كان اسمها ؟
مجرد ذكره للاسم .. جعل آية تدرك بأن رئيسها قد بدأ بتنفيذ مخططه في الإيقاع بحافظ سعيد .. ورغما عنها .. بدأ الخوف يتسلل إلى قلبها وهي تسأله بتردد :- سيد صلاح .. ما الذي تخطط له ؟
رفع نحوها عينيه البراقتين .. اللتين بدتا لها بمكر نظرات الثعلب وهو يترصد لفريسته .. وعرفت بأن حافظ سعيد سيعض أصابعه ندامة لأنه فكر ذات يوم بتحدي صلاح النجارانتهى الفصل
الكاتبة بلومى