الفصل السابع والعشرون

3.6K 70 6
                                    

الفصل السابع والعشرين
أشباح لا تموت

لم تعرف لندا ما الذي أيقظها بالضبط عندما فتحت عينيها في منتصف الليل.. نظرت حولها ناعسة العينين .. متأملة الظلام المحيط بها .. مدركة تماما لبرودة الطرف الآخر من السرير والذي بات أمرا طبيعيا في الآونة الأخيرة .. ثم عادت تغلق عينيها ملتمسة السلام والراحة من التفكير في غيبوبتها ..
عاد ذلك الصوت المبهم لينبهها من جديد .. فرفعت رأسها بقلق هذه المرة .. عندما تحول الصوت المبهم إلى ضجيج متتابع غير مألوف .. انتفضت عندما دوى صوت تحطم بدا واضحا قدومه من الطابق السفلي .. فأسرت تلقائيا تستل هاتفها المحمول المرمي على المنضدة المجاورة .. وتحاول الاتصال بصلاح ..
لا إجابة على اتصالاتها .. بينما هي ترتجف وتعاود طلب الرقم متوسلة .. أرجوك .. أرجوك أجبني ..
الضجة في الطابق السفلي مازالت مستمرة ..وصوت خطوات عنيفة تجوب المكان يكاد يذهب بعقلها ... منذ شجارهما الأخير قبل أيام .. يتأخر صلاح كثيرا في العودة إلى البيت .. تكون نائمة غالبا عندما يدس نفسه إلى جوارها في ساعة متأخرة من الليل دون أن يتحدث إليها أو يلمسها .. وغالبا .. تستيقظ صباحا لتجد جانبه من السرير فارغا وباردا .. كما هو الآن .. وكأنه في تباعده وجفاءه لها .. يعاقبها .. على ماذا بالضبط ؟
همست مرتعشة وهي تعاود طلب الرقم :- صلاح ... أرجوك
أطلقت صرخة مكتومة عندما دوى صوت تحطم آخر .. أول ما خطر في بالها هو أن تختبئ داخل الخزانة .. ثم تخيلت المتسلل العنيف يصعد إلى الطابق العلوي ويحاصرها في الغرفة دون ان تجد مهربا .. فاتخذت قرارا فوريا .. وضعت روبا فوق قميص نومها الرقيق .. وتسللت خارجة من الغرفة بنية الهرب من المنزل بأي طريقة .. لمح لها صلاح مرة إلى أن إيقاعها بحافظ سعيد و إفقاد نديم فهمي عميله الأنفع.. كان ليعرضها لانتقامه لولا زواجها منه وانطوائها تحت جناحه .. لم تبالي أبدا بالفكرة ذلك اليوم .. فقد خطر لها أنها في أمان تام إلى جانب صلاح ..طبعا كان هذا خلال أسابيع زواجها الاولى عندما لم تتوقع أن تكتشف إلى اي حد هي فاقدة لأمانها معه
هل يكون المتسلل احد رجال نديم فهمي يستهدفها للانتقام من شخصها أو من صلاح ؟
ازداد الضجيج وضوحا وهي تقترب من أعلى الدرج .. جبنت لوهلة .. وكادت تعود أدراجها إلى الغرفة لتقفلها عليها من الداخل .. إلا أن شيئا ما جذبها في غمرة الأصوات الصادرة عن الصالة .. شتيمة ما بصوت خافت غاضب .. صيحة قصيرة تلاها صوت ما بدا كركلة لمقد ما
اقتربت ببطء .. ونزلت بساقين مرتعشتين الدرجات الاولى .. قبل أن تتسمر مكانها .. وهي تحدق بالرجل الذي أخذ يعيث في الصالة فسادا .. ركلا للأثاث .. ورميا للتحف بدون الاهتمام بقيمتها المادية والمعنوية .. وقد بدا في حالة سيئة بشعره المشعث .. وذقنه النامية ..وملابسه التي اختفى رونقها وكأنه لم يبدلها منذ أيام ..
همست بضعف :- صلاح
خذلتها ساقاها .. فجلست حيث تقف .. تنظر عبر القضبان الرخامية لسياج الدرج اللولبي .. حابسة أنفاسها خشية أن تصدر صوتا يجذب انتباه زوجها الذي بدا غريبا عنها .. وكأنها تراه للمرة الأولى
مرر يده عبر شعره .. ونظر حوله كالتائه وكأنه يجهل ما يفعله .. أو كمن فقد إحساسه بالمكان فلم يتعرف إليه .. ليعود الغضب الأعمى يحتل ملامحه الوسيمة .. فيتناول المصباح الأثري الذي اعتلى منضدة صغيرة جانبية .. ويرميه على الأرض بعنف محدثا دويا عنيفا جعلها تنتفض مكانها .. سدت فمها بأناملها كي لا تطلق صرخة لا إرادية .. عندما رفع رأسه ليطلق صرخة غضب بدت وكأنه قد أخرجها من أعماقه .. قبل أن ينهار فوق أقرب مقعد ممسكا برأسه بين يديه .. ويتحرك كمن يتلوى بألم لا يطاق .
بهدوء شديد .. ودون ان تصدر صوتا .. عادت لندا إلى غرفة نومها .. مغلقة الباب ورائها بحذر .. ثم جرت بسرعة لتتكوم على الأرض إلى جانب السرير البعيد عن الباب .. ضمت ساقيها إلى صدرها وهي ترتجف بقوة .. ثم أغمضت عينيها وسدت أذنيها كي لا تستمع إلى الضجيج الذي عاد يعذبها من جديد ... سالت دموعها غزيرة وهي تفكر بوالدتها .. وتتمنى لو تستطيع العودة إلى أحضانها ولو لدقائق .. علها تشعر بالطمأنينة التي غادرتها منذ دخل صلاح حياتها .. وقلبها ..

مرت من هنا الجزء الثانى من سلسلة للعشق فصول لكاتبة بلومىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن