الفصل السابع عشر

3.5K 65 1
                                    



الفصل السابع عشر
الحقيقة المرة

سألت جودي بتوتر :- هل أنت متأكدة ؟
قالت الطبيبة بصبر من اعتادت قلق وتوتر العرائس الجدد :- طبعا متأكدة .. الفحوصات والتحاليل كلها تؤكد أن لا شيء على الإطلاق يمنعك من الحمل .. لا داعي لكل هذا القلق
قالت جودي بحيرة :- إلا أنني لم أحمل بعد دكتورة ..
:- أنت ما زلت عروسا .. لا تقلق المرأة عادة أو تلجأ إلى التدخل الطبي والأدوية إلا بعد مرور سنتين على الأقل على زواجها .. وأنت حتى لم تتمي العام
:- ولكن ...
قاطعتها الطبيبة قائلة بنفاذ صبر :- مدام جودي .. أنت لا تعانين من أي مشكلة .. وبالتالي لا داعي لقلقك .. ليس هناك ما تقومين به حاليا سوى الانتظار .. والحمل سيحدث من تلقاء نفسه
قالت جودي بريبة :- وماذا إن لم أحمل حتى بعد مرور سنتين ؟
:- عندها نقوم ببعض الإجراءات التي سنتحدث عنها في أوانها .. طبعا زوجك يجب أن يخضع للفحص بدوره ثم ....
قاطعتها جودي قائلة بانزعاج :- لا يعاني زوجي من أي مشكلة
:- هل أنت متأكدة ؟ .. هل أنجب أطفال من زواج سابق ؟
:- لا .. ولكن ..
قالت الطبيبة بشيء من الاستهزاء :- ولكنه رجل .. والرجال لا يمكن أن يعانوا من العجز .. صحيح ؟ .. حسنا أنت مخطئة .. ونسبة وجود العقم لدى الرجال ليست بالقليلة .. كما أخبرتك .. الأمر سابق لأوانه .. وحتى ذلك الحين .. كل ما عليك فعله هو الاسترخاء .. ونسيان الأمر .. وطبعا .. جر زوجك إلى السرير بكثافة خلال فترة الإباضة
احمر وجه جودي وهي تشكر الطبيبة الوقحة متعهدة بعدم العودة إلى عيادتها رغم سمعتها الجيدة .. قادت شاردة الذهن وصولا إلى البيت وقد كان وصولها سالمة معجزة بحد ذاتها
رمت نفسها على أول أريكة في الصالة الكبيرة وهي تتنهد بعمق :- هل علي أن أقلق ؟
نظرت إلى الصورة المؤطرة التي تجمعها مع تمام والتي احتلت المنضدة المجاورة .. لقد التقطت هذه الصورة أثناء قضائهما شهر العسل في اسطنبول .. ما زالت تذكر ذلك اليوم الذي تاها فيه داخل المدينة حتى وجدا نفسيهما يسيران في أحد الشوارع السيئة السمعة
ابتسمت وهي تتذكر ضحك تمام على ملامح وجهها المذهولة وهي تحدق في النساء ذوات الملابس المثيرة .. اللاتي أخذن يمشين بخلاعة محاولات لفت الأنظار .. وفي النهاية .. طلب من إحداهن التقاط صورة لهما معا مما أغضبها .. وقد ظهر هذا بوضوح في الصورة .. كانت هي عابسة ترمق تمام بغضب شديد .. بينما كان هو يضحك غير قادر على التوقف ..
إنها ذكرى جميلة .. ككل لحظة قضتها مع تمام منذ زواجهما .. كل شيء جميل .. كل شيء مثالي .. حتى عندما يتشاجران .. فإن صلحهما يقربهما إلى بعضهما أكثر ..
ما الذي يخيفها إذن ؟ .. إنها لا تصدق السعادة الكبيرة التي حظيت بها وتعيشها منذ أشهر .. جزء منها يشعرها دائما أن سعادتها لن تستمر إلى الأبد .. فلا أحد على الإطلاق يظل سعيدا على الدوام .. إنها سنة الحياة .. وهي خائفة للغاية مما يلي كل هذه السعادة
عقلها يرسم لها السيناريوهات المتعددة والمختلفة .. تارة تجد تمام يخونها .. وتارة ترى أماني تبكي وتعسة .. وأحيانا تفكر بصلاح وتقلق من حياته الخالية والموحشة .. أما كابوسها الأكبر .. فقد كان عجزها عن منح تمام أطفالا .. هل يعقل أن تحرم من أكبر نعمة في الوجود ؟ .. نعمة الأمومة ؟
سمعت صليل مفاتيح تمام وهو يدخل المنزل .. فاعتدلت تنظر إليه وهي تقول :- لقد عدت باكرا
لاحظت قلقه وهو يقول :- أتصل بك منذ ساعات وهاتفك مغلق .. ولا أحد يجيب في البيت .. لقد قلقت
كانت قد أغلقت هاتفها عند دخولها إلى عيادة الطبيبة .. ونسيت أن تعيد تشغيله .. ارتسم الحنان على وجهها وهي ترى شحوب وجهه .. نهضت إليه .. وسمحت له باحتضانها بقوة وهي تهمس :- أنا آسفة يا حبيبي .. خرجت لشراء شيء .. ونسيت هاتفي مقفلا
لم ترغب بإخباره عن زيارتها للطبيبة .. من ناحية .. لم تشأ أن تثير قلقه .. ومن ناحية أخرى .. كانت خائفة من معرفة رأيه في الموضوع إذ أنهما لم يتحدثا يوما عن تأخر حملها
قال بخشونة :- لا تفعليها أبدا مجددا .. أتفهمين ؟
هزت رأسها موافقة .. مستمتعة بحبه لها .. بقلقه الدائم عليها وكأنها أغلى ما يملك .. أحيانا تشعر بأنه لم يتجاوز أبدا ذلك الحادث الذي تعرضت له العام الماضي قبل خطوبتهما مباشرة .. ظل يعاملها وكأنها شيء هش قابل للكسر .. وما زال يشعر بالخوف من فقدانها ذات يوم
هل يعقل أنه يعاني هو الآخر من نفس مخاوفها ؟
همست وهي تقترب منه أكثر :- أفهم .. أفهم يا حبيب العمر
تساءلت جودي وهي تسير معه إلى الداخل محتضنة أصابعه بين أصابعها إن كانا سيتمكنان يوما من تجاوز مخاوفهما .. وتقبل فكرة أنهما بكل بساطة .. محظوظين للغاية بوجودهما معا

مرت من هنا الجزء الثانى من سلسلة للعشق فصول لكاتبة بلومىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن