الفصل الخامس عشر
خرجت يارا من مدرسة البنات شبه متعثرة وهي تستل هاتفها طالبة رقما بعينه بينما كانت تستعيد كلمات المعلمة المسؤولة عن تسليم البنات إليها بعد ظهر كل يوم دراسي
( لقد جاء والدهما وأخذهما قبل نصف ساعة من انتهاء الدوام ... قال بأنك لن تمانعي يا سيدة يارا )
تمتمت من بين أسنانها كابحة إحساسها العارم بالخوف والجزع :- هاني ... أقسم أن تدفع الثمن غاليا إن كان ما وراء فعلتك سوءا ...
رفعت الهاتف إلى أذنها وانتظرت وهي تقف أمام سيارتها باضطراب حتى سمعت صوته الخشن يقول بابتهاج :- يارا ... حبيبتي ... مرت فترة طويلة منذ شرفتني باتصال كهذا ... من العار أن تكون البنات هن السبب الوحيد لتذكرك لي
قالت كازة على أسنانها :- اسميهما ( لين وحنين ) ... حتى لو أقسمت لي يا هاني بأنك صحوت فجأة وتذكرت أبوتك لهما أخيرا بعد كل هذا الوقت فأنا لن أصدق بأنه سبب أخذك إياهما ...
:- ذكية جدا يارا .... ذكية جدا ... لا أعرف لماذا كنت أظنك خلال سنوات زواجنا أكثر ...... مممم .... لنقل سلبية وغباءً ... إذ كنت فاشلة تماما في الاحتفاظ باهتمامي ومنحي ما أريد ..
ثم قسا صوته وهو يقول :- بينما أجدك هذه الأيام بارعة للغاية في اجتذاب اهتمام وأنظار الرجال
فكرت بهستيرية .. ما الذي يتحدث عنه هذا المجنون .. قالت بانفعال :- استمع إلي جيدا يا هاني ... إن لم تعد البنات إلي خلال ...
قاطعها قائلا بفرح :- ستعدن إليك بالتأكيد ... لقد اشتقت إليهن ورغبت برؤيتهن لا أكثر ... أم أنك نسيت بأنني والدهما
قالت بأنفاس عنيفة :- أنا لم أنس ... أنت من نسي منذ حملت تلك المرأة الطفل الذي ترغب ... أين البنات يا هاني ؟؟
:- أين يمكن أن تكونا ؟؟ في منزلهما طبعا ... لقداستمتعتا كثيرا بإعادة استكشاف غرفتهما القديمة .. وألعابهما المهجورة .. لم لا تأت وتريهما ؟؟؟ إنهما بهجة للنظر .... كما كانت والدتهما عندما رأيتها قبل أيام في السوق ....... برفقة رجل غريب ..
أغمضت عينيها وهي تعد حتى العشرة متذكرة ذلك النهار حين التقت صدفة بعصام في المركز التجاري .. ثم قالت بصوت أجش مداهنة هاني :- ذاك لم يكن رجلا غريبا يا هاني ... إنه رجل أعمل معه وقد قابلته صدفة
:- كما كان تدخله بيننا صدفة أمام شركة أخيك ... صحيح ؟؟ رب صدفة ٍ .....
:- هاني ...
:- أنت تضيعين الوقت حبيبتي .... بينما أنتظرك أنا والبنات في بيتنا ... تأخري قليلا .. أو اتصلي بابن خالتك الفاسق .. ولن تجدي أحد عند وصولك ..
أنهى المكالمة بدون مقدمات فاغرورقت عيناها بدموع الهلع وهي تفتح باب السيارة .. عند إدارتها للمحرك رن هاتفها مجددا فردت بسرعة وهي تقول بصوت مضطرب :- لن أتصل به .... أنا في طريقي فإياك أن تأخذ البنات إلى أي مكان ...
:- يارا ..
لم يكن صوت هاني من ردد اسمها بقلق .. تدفقت دموعها وهي تقول منطلقة بالسيارة:- عصام ... أنا آسفة .. لقد وعدتك بأن آتي اليوم إلى الجمعية إلى أنني لن أستطيع
:- ما الأمر ؟؟ من أخذ البنات منك ؟؟
صوته الحازم لم يترك لها خيارا سوى الكلام باضطراب :- إنه هاني ... لقد أخذهما من المدرسة بدون علمي ... يستعملهما لإرغامي على التواصل معه بعد رفضي القاطع خلال الفترة الماضية .. يريدني أن أذهب إليه لنتحدث
أتاها صوته رافضا بعنف :- على جثتي .. أنت لن تقتربي من ذاك الحيوان أبدا بدون رفيق يحميك منه .. أخبريني أين أنت وسآتيك على الفور ..
قالت بصوت أجش :- لقد رآنا معا يا عصام .. ذلك النهار في المركز التجاري وهو ما أثار جنونه .. وجودك لن يزيد الأمر إلا تعقيدا ..
:- أخبري جواد إذن أو أفعل أنا ..
:- لا
أطلقت شهقة مكتومة وهي تجاهد للسيطرة على السيرة :- لا تفعل .. سيأخذهما بعيدا إن أدخلت جواد في الأمر .. أعرف بأنه سيعيدهما لي صاغرا عاجلا أم آجلا .. إلا أنني لن أخاطر بتسبيب مزيد من الأذى النفسي لهما .. يكفيهما ما عانتاه من اضطهاده في سنواتهما الأولى
:- يارا ..
:- عصام .. أرجوك ثق بي ... سأتعامل مع هاني بطريقتي أنا ..
أنهت المكالمة فجأة دون أن تترك له مجالا لحاولة إثنائها عما تنوي ... هذا عمل عليها أن تقوم به وحدها .. لقد آن لهاني أن يعرف بأنها كفرد آخر من عائلة منصور ... لا أحد بقادر على إرهابها ..
أنت تقرأ
تبكيكِ أوراقُ الخريف(الجزء الرابع من سلسلة للعشق فصول)مكتملة
Romanceرواية بقلم المبدعة blue me الجزء الرابع من سلسلة للعشق فصول حقوق الملكية محفوظة للمبدعة blue me