"هذا الفصل الثالث والعشرون وليس الثاني والعشرون الرجاء الانتباه على ترتيب الفصول في هذه الرواية.."
الفصل الثالث والعشرين
:- ماذا تفعلين بالضبط ؟؟
كانت أصابعها تحط بالضبط فوق عضلات بطنه المسطحة عندما سمعت صوته الخشن يفاجؤها ..
في خضم انشغالها بما تفعله .. لم تشعر بأنفاسه تتغير تحت لمساتها .. بخفقات قلبه تزداد عنفا أثناء إنصاتها إليها .. رفعت عينيها إليه لتلتقيا مباشرة بالبريق القوي في عينيه الخضراوين اللتين انعكس فيهما ضوء القمر القادم من النوافذ المشرعة .. حيث كانت أنسام الخريف الباردة تتجاوزها لتتلاعب في الستائر الرقيقة ..
للحظات ساد الصمت وهي تنظر إلى وجهه الوسيم المتعب .. إلى التحذير في العينين اللتين بدتا مصدومتين تماما برؤيتها تلمسه .. لحظات كانت تشعر فيها – ويا للدهشة – بالقوة .. وهي تلامس هشاشته وضعفه تحت تأثير لمساتها .. وهديل لم تشعر في حياتها كلها بقوة كتلك التي اعترتها في هذه اللحظة ورجل بصلابة جواد الشاطر يظهر ترقبه وتوتره مما تفعله .. وكأنه يقبع تماما تحت رحمتها هي ..
بدون أن تقول شيئا .. انتزعت نفسها من مكانها حيث كانت نائمة بين جذعه وذراعه .. إلا أنها لم تغادر السرير كما حسبها وهو يحبس أنفاسه تفعل .. بل رفعت نفسها بما يكفي كي تنظر إليه من علو وكأنها تتحداه أن ينكر تأثيرها عليه .. وكيف يفعل .. وهي تبدو وكأنها شخصية خيالية خرجت بالضبط من إحدى قصائد هوميروس الإغريقية .. شعرها الكثيف يتدلى فوق إحدى كتفيها كشلال من الذهب .. عيناها تلمعان بطريقة لا يذكر أبدا أنه قد رآها من قبل .. وكأن هذا الكائن المتلاعب .. الطاغي الأنوثة .. الشديد الثقة بتأثيره ... هو هديل الحقيقية .. تلك التي دفنتها سنوات وسنوات من القمع العائلي ثم ظلم زوج معدوم الضمير .. تلك التي قيدها المجتمع حين وضعها في خانة منبوذة فأصبح كل ماتفعله محسوبا عليها .. تلك التي عاشت ست وعشرين عاما بدون أن تعيش منها شيئا حقا ..
بدون إنذار ... أحنت رأسها لتطبع قبلة في المكان الذي كانت تلمسه أناملها .. فانتفض جسده بعنف ولمسة شفتيها الناعمة تجعل رغبة وحشية تفور وتغلي في كل خلية في أعماقه .. رغبة كللتها مشاعر كان يكبتها داخل قلبه لسنوات ... مشاعر قد آن الأوان ليترك لها العنان أخيرا .. أتراه يستطيع ... رباه أتراه يستطيع ؟؟ .. هل هي واعية لما تفعله به ؟؟؟ أم أنها واقعة تحت تأثير حلم سيء آخر غير واعية لما كانت تخاطر به بإيقاظها إياه بهذه الطريقة ..
تعالى لهاثه وهو يقول بصوت أجش :- أتعرفين ما تورطين نفسه بك ؟؟
ظلت عيناها عالقتين بعينيه بتعبير حبس أنفاسه .. قبل أن تطبع قبلة أخرى .. ثم أخرى .. في خط تصاعدي نحو صدره .. لمسة شفتيها كانت أشبه برفرفة أجنحة عصفور صغير في نعومتها .. إنما في حرارة جمرة ملتهبة سرت في كامل جسده معذبة إياه .. عندما أصبح وجهها على مرمى أنفاسه العنيفة كان قد فقد كل قدرة له على التماسك ... أمسك بها بقوة وهو يدفعها لتسقط فوق السرير ويعتلي جسدها في حركة واحدة ليحاصر هوأنفاسها اللاهثة هذه المرة .. قال بصوته الذي ضخمته العاطفة :- لقد سبق وأخبرتك بأنني أنا من سأسألك حين تطلبين يا هديل ... إلا أنني يجب أن أتأكد أولا من أنك تطلبين فعلا .. بأنك لا تهلوسين بعد حلم سيء أيقظك .. بأنك لن تكرهيني إن أخذت الدعوة التي تقدمينها لي على محمل الجد .. لأنني إن تجرأت وقبلتك الآن وهو ما أكاد أموت لأفعله .. فإنني لن أجد القوة أبدا لأن أتوقف .. أخبريني الآن يا هديل .. أخبريني الآن ... هل تطلبين ؟؟
لا .... الجزء الخائف والنافر من تاريخهما المعقد هتف بقوة داخل عقلها ليسكته ذلك الجزء المتمرد والذي تعب ومل من القيام بدور المتلقي طوال حياتها .. من انتظارها دائما لأن يلقي الآخرين نحوها بالفتات .. لقد آن الأوان كي تأخذ .. كي تحصل على ما تريد .. كي تطالب بما تريد .. وما تريده في هذه اللحظة بغض النظر عن الغد أو ما يأتي بعده هو جواد نفسه .. همست بصوت كان رغم خفوته حاسما في هدوء الغرفة المشحون :- نعم ..
وكأنه خاف إن تردد تراجعت .. أخفض رأسه كما الصقر حين يرصد فريسته .. وقبلها ..
أنت تقرأ
تبكيكِ أوراقُ الخريف(الجزء الرابع من سلسلة للعشق فصول)مكتملة
Romanceرواية بقلم المبدعة blue me الجزء الرابع من سلسلة للعشق فصول حقوق الملكية محفوظة للمبدعة blue me