الفصل الخامس والعشرون

3.6K 126 5
                                    

الفصل الخامس والعشرين






كالمجنون حين يفقد كل الخيوط التي تربطه بالتعقل ... عندما يتلاشى التفكير تماما من حساباته فلا يكاد يرى أمامه سوى الرغبة الجارفة والمؤلمة بالانتقام ... اندفع نحوها و أصابعه الطويلة والبارزة المفاصل مشهرة في وجهها وكأنها تهم بتمزيق وجهها ..
لم يسبق لأمل أبدا أن رأته فاقدا للسيطرة على أعصابه بهذه الطريقة ... لم تجده متوحشا .. مجنونا ... فاقدا لكل ذرة من آدميته بهذا الشكل ... حتى عندما كان يصفعها في الماضي وهو ما لم يحدث كثيرا ... كان يفعلها ببرود كان يثير جنونها .. لم تعد إلى وعيها وقدرتها على الحركة إلا عندما وصل إليها ... وأحاط عنقها الدقيق بأصابعه بإحكام وهو يدفعها نحو الجدار يحاصرها به .. يرفعها عن الأرض فلا تكاد قددميها تجدان صلابة تقفان عليها ... أصابعه القاسية تعتصر عنقها بغية انتزاع الحياة منها ...
اتسعت عيناها وهي تجاهد لتلتقط أنفاسها .. عيناه البغيضتان والفائضتان بالكراهية والحقد كانتا تسلبان منها القوة وهما تأسران عينيها .. وهما تعدانها بالفناء التام ... بالخسارة التامة ..
أغمضت عينيها لتجد صورة طارق الضاحك أمامها ... وهو يعدها بالأمان .. بالسعادة .. بأنه لن يسمح لأحد بأن يؤذيها .. وقد وثقت به في حين ما كان عليها الثقة إلا بنفسها
عادت إليها كلمات عصام القديمة ( إن لم تتمكني من الدفاع عن نفسك ... فلا تتوقعي من شخص آخر أن يفعل )
( لن تستعيدي حياتك حتى تتخلصي من جميع أشباحك ... واحدا واحدا )
ورفعت خليل كان أولها ... أول أشباحها .. وأول امتحاناتها ... الرجل الذي عذب أمها ... وقتل والدها .. ثم سلب منها حياتها ...
الغضب منحها القوة حتى ووعيها يصارع كيلا يضيع مع عجزها التام عن التقاط أنفاسها ... بطاقة لم تعرف من أين استمدتها ارتفعت ركبتها إلى أعلى بقوة ارتخت أصابعه على إثرها من فوق عنقها فسقطت على قدميها من جديد وهي تسعل بقوة وتشهق محاولة استعادة أنفاسها ..
أسندت نفسها إلى الجدار وهي تراه يتلوى شاتما إياها بأقذر النعوت فلم تتوقف ... إما الآن أو أبدا ... ما من فرصة أخرى .. خطت نحوه متعثرة .. فرفع رأسه إليها وهو يمد يده نحوها عاجزا عن الإستقامة بعد .. بطيئا بحيث تمكنت بسهولة من تفادي قبضته ... إما الآن أو أبدا .. بتصميم لم تدرك أنها امتلكته .. دست قدمها بين ساقيه ليتعثر ويسقط أرضا .. وقبل أن يفوق من سقطته كانت تقف عند رأسه بالضبط .. تركل وجهه بكل ما امتلكت من قوة وغضب احتشدا عبر السنوات كي ينفجرا خلال هذه اللحظة ... ركلت وجهه بحذائها ... مرة .. بعد مرة ... بعد مرة ... ولم تتوقف حتى سكن عن الحركة والدماء تغطي أنفه وفمه .. وقفت للحظات تلتقط أنفاسها خلالها محدقة فيه ... غير مصدقة وجوده في تلك اللحظة فاقدا الوعي عند قدميها ... لم تمنح نفسها فرصة التراجع .. مالت فورا لتبحث بين جيوبه عن مفتاح لقيودها ...وعندما وجدته ... كانت القيود خلال لحظات تحيطان بمعصميه وراء ظهره ...
تراجعت إلى الوراء متعثرة .. حتى استندت إلى أبعد جدار عنه ... ثم انزلقت تجلس على الأرض وهي تشعر بالاستنزاف الجسدي والعاطفي ... لقد انتهى الأمر أخيرا ... وبقدر ما كان الأمر مريحا ... كان صادما لها حتى أحست بكل أطرافها ترتعش ذهولا مما حدث لتوه ... رفعت هاتفها الذي وجدته ضمن جيوبه أيضا... واتصلت بأول رقم خطر ببالها ... انتظرت حتى سمعت صوته يهتف باسمها بلهفة ... فاغرورقت عيناها بالدموع وهي تقول بصوت مرتعش :- عصام ....... هلا أتيت لأخذي ...
عندما أنهت المكالمة ..... وعاد السكون من جديد يحيط بها من كل جانب
... أجهشت في البكاء .. إلا أن الإسم الذي كان يتردد بين شهقاتها لم يكن اسم عصام ..



تبكيكِ أوراقُ الخريف(الجزء الرابع من سلسلة للعشق فصول)مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن