الفصل السابع عشر
لدقائق طويلة ظلت أمل تحدق في العلبة الصغيرة ذات الغلاف الورقي الذي بهت لونه بفعل الزمن ... داعبت أصابعها الشريط الورقي المعقود في المنتصف دون أن تجرؤ كالعادة على حل عقدتها .. بينما كانت عاجزة عن التفكير في أي شيء غير شجارها مع طارق ...
غيرته بالأمس ... تحكمه الغير منطقي ... كانا مستفزين للغاية بالنسبة إليها .. خاصة وهي تعرف بأنه قد كان قبل ساعات قليلة فقط برفقة هالة ... كانت قد سمعت الخالة ملك وهي تتحدث مع الخالة ليلى هاتفيا وتخبرها عن موعد طارق مع الفتاة الأكثر من مناسبة له .. طبعا كانت يارا هي من أخبرها بخروج طارق مع الفتاة المختلفة تماما عن تلك التي اختارها جواد .. طارق المثالي .. طارق العاقل والمتحكم ببنفسه ... طارق المسؤول ...
اشتدت أصابعها قسوة حول العلبة .. قبل أن تفتح الدرج الصغير للمنضدة المجاورة لسريرها وترميها داخلها .. كيف يجرؤ على التحكم بها بكل تلك الفوقية في حين أنه يخرج مع النساء ويخطط للزواج هو بنفسه ؟؟
مجرد التفكير به يتابع حياته ... يبنيها من جديد ... ينساها هي ..كفيل بجعل الغضب يأكل أحشائها أكلا ... كما تأكل النار أوراق الخريف اليابسة ... أمل لم تعد طفلة في الرابعة عشرة ... مشاعرها اتجاه طارق لم تعد مشاعر طفلة تتوق لرؤية القبول في عيني ابن خالتها الوسيم .. ما تريده أمل ابنة الواحد والعشرين مختلف تماما ... ما تريده هو كل شيء ... كل شيء ولا أقل من هذا .. لقد قطعت وعدا ذلك المساء .. وأوراق الخريف تتساقط فوقها .. تهب من حولها فتتطاير هنا وهناك .. وهي لن تكون أمل إن لم تنفذه ..
طرقات خفيفة على الباب أعادتها إلى الواقع .. ثم صوت يارا التي دخلت قائلة بابتسامة قلقة :- صباح الخير أمل ... أنت لم تتناولي الافطار اليوم
قالت أمل بهدوء :- لم أكن جائعة ... كما أن تناول الطعام مع الخالة ملك في الحالة التي تعاني منها اليوم لن يكون ممتعا ..
اقتربت يارا والاضطراب يبدو عليها وهي تقول :- هل تلومينها ؟؟؟ تخيلي ما تشعر به الخالة ليلى إذن .. أنا لا أصدق بان جواد يتزوج هديل في هذه اللحظة حقا
رمقتها أمل بنظرات باردة وهي تقول :- لماذا ؟؟؟ أتجدينها أنت أيضا غير جديرة بالعائلة ؟؟
ضحكت يارا بارتباك وهي تقول :- لا ... بالتأكيد لا .. أنا لا أفكر بهذه الطريقة .. ليس بعد الآن ... أنا فقط أحيي قوتهما .. وشجاعتهما في تحدي الجميع .. العائلة والمجتمع لأجل أن يكونا معا .. ألا تجدين الأمر رومانسيا ؟؟؟
كان الأمر أبعد ما يكون عن الرومانسية .. وأمل تعرف هذا دون أن تضطر للقاء هديل وسماع وجهة نظرها .. لقد كان جواد واضحا ... لا أحد إطلاقا سيحضر عقد القران باستثناء طارق وصديق قديم لهما .. وهي لا تلومه إذ تتخيل حالة هديل الآن ... لن تصدق حتى لو أقسمت لها هديل بأنها قد أغرمت بجواد بهذه البساطة وقررت الزواج منه ... كما لن تصدق أن جواد .. ابن خالتها الجامح والعنيد يتزوج بهذه السهولة ... الأمر أكثر تعقيدا بكثير مما يبدو .. لابد أن يكون كذلك مع شخصين معقدين كهديل وجواد ..
أنت تقرأ
تبكيكِ أوراقُ الخريف(الجزء الرابع من سلسلة للعشق فصول)مكتملة
Romanceرواية بقلم المبدعة blue me الجزء الرابع من سلسلة للعشق فصول حقوق الملكية محفوظة للمبدعة blue me