شهادة ميلاد

23 4 0
                                    

بَدا الجمود مسيطرََا عليها، لَم تَجد الكلماتُ مَنبَعََا للخروج منها، أحست وَكَأَنما طَلت سَحابةٌ سَوداءٌ على حياتِها..

كَلِمات الملكةِ ليسَت مزحَة..

صَوْتُ الملكةِ ليسَ مزحة..

ابتسامتها وَوَجهها لَم يكن مزحة..

وَهذا الموقف لَيسَ إلَّا تَجسيدََا لِحقيقةِ الملكة الشيطانية، حقيقةٌ ظَنَّتها غريس مُجرَّدَ مزحة..

- لِمَ تَفعَلينَ ذَلك؟! لِمَ أَنا؟!!
صَوتُها كانَ هادئََا، لَم تصرُخ، وَلَكنها بِكل يَأس كانت تتمنى أن تَنشق الأرضَ من تَحتها فورََا

- أُعيدُ ما هَدَمَه السابقون، لِأخرِس الشَعبَ الهائِج، إذا أَلهيناهم سَنسكتهم قَليلََا لِنُسَيطرَ على الوضع المضطرب هنا،
غالبيتهم يَظنون أننا لا نُبالي بِهم، لِيَبدَأوا ثَورةََ ضد النظام الملكي، وَيسقطوننا أَجمعين..

- إذن وَلِمَ أَنا؟ هَل أَنا كافيةٌ حَقََّا لِتَهدئةِ سِربٍ من الشعب الهائِج..
بَدَأت بَعضُ العَبَراتِ تَتسربِ مِن بَين جفون عَيناها، قَلبُها يَنبضُ بِخَوف مرتَعب.. تُكمل كلماتها بِشَهقاتٍ مرتعبة مضطربة..
هَل تَظنين أن ما تقولينه سَيَفي بالغَرَض؟! لقد كانَ مَلِكَهم المستقبلي، أَوَتَظنين أَن تحقيقاتكم سَتَكفي حاجياتهم، سَيُطالبون برُؤيتي وَجَري في شَوارع العاصمة، سَيَبصقونَ على وَجهي، وَيَسبونني لِيلصقوا بي العار، لن يَكتَفوا بِذَلك، وَلَكنهم سيستحلون رَجمي، سَيَعرِف الجَميع بِمَن فيهم قريَتي أَنني خَائِنة!! أَهذا شَيءٌ سَهلٌ بالنسبةِ لَكِ، أَخبريني جَلالة الملكة الموقرة!! المَلِكَة التي تَحتَضن شَعبَها بِأَجنحتها الملائكية، هل تَفعلين ذَلكَ وَأنت تأمرينني بِفعلِ ذَلك..

- غريس!!! هذا يكفي!! لَن يَحدث ما تقولينه أَبَدََا، ثِقي بي رَجاءََ، حَسَنََا..

حَاوَلَت غريس أَن تُسيطِرَ على أَعصابِها، أَكثَرَ قَليلََا فَقَط، حتى لا تَنفَجِرَ في وَجهِ الأخرى..
بَدَأَت في كَبحِ غَضَبها، لا تَستَطيع الانفجار الآن، كلَّما تَذَكرَّت شارلوك، تُؤنب نَفسَها، لَو أَسرَعَت قليلََا ذَاكَ اليَوم، هَل لَكانَ حَيََّا الآن..

- " شُكرََا لأَنني أَحببتك "، كانت آخر كلماته لي، كانَت السماء زَرقاء وَقد طغى الغبار عليها، وَصَوتُ الشاطِئ كانَ أعلى من دَويِ الرصاص في الأجواء، وَلَكن..
عندَما أَخبَرَني بِذَلك، استَطَعت سَماعه، في ذَلِكَ الوَقت، وَبِطريقة ما، أَصبَحَ صَوته عالٍ نوعََا ما، بالرَغم أن رِئتاه كانتا على وَشَكِ الموت، وَبِطريقة ما، شَعَرت بالسعادة، نَبَضَ قَلبي بالسعادة، إلا أنني كنتُ أبكي، لَقد أَحببت شارلوك، لَقد أَحَبَّت الخائنَة سُمُوَّ الأَمير، لِذا قَتَلَته!!
أَهَذا ما سَتَقولينه للشعب بالخارج؟!

خلف تل الرمانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن