"بَعض الحقائِق لا تُسمع أَو تُرى، طالما تتبعُ المنطق فَهيَ قَابلةٌ للتصديق"
تُمسكُ فنجانََا من شايِ الياسَمين، مُزَرخَشََا بِتَفاصيلَ مُزهرة..
بينَما عازِفُ الكمانِ يَنشُرُ أَلحانَهُ الهادئةَ التي تَتَراقَص مَعَ نسائِم الهواء الدافئة، في وَسَطِ حَقلٍ من زُهورِ الأُقحوانِ المُبتلَّة بَعدَ مطرٍ خَفيف، مُنذِرةََ بِدخول الخريف..
- تُرى ما الأَحوالُ في القَصرِ الآن؟ مَن تَظُنينَه سَيَنتَصِرُ مارلين؟ الملكة؟ أَم إِليزابيث؟
أَنهَت سؤَالَها، لِتَلتَفِتَ إلى تِلكَ القانتَةَ خَلفَها، ذاتَ جَديلَتان سَوداويتين والعينانِ الزرقاوتين لِتُجيبَها- سَمِعتُ بأَن السيدةَ إليزابيث على فِراشِ الموت، أَهَذا يَعني أَنها خاسرة؟
- لا تَقتَرن الحياةُ أو الموت، بالفوزِ أو الخَسارة، إنَّهُ الأَثَر الذي تَتركه خَلفَك، يُمكِنُ أَن تَلحَقَكِ الخسارةُ وَأَنتِ تَجلِسينَ على كرسي العَرش، وَيُمكن أن ترقصي فَرَحََا لانتصاركِ تَحتَ التُراب، إنَّه الأَثَر!!
- إِذَن هَل تَرَكَت السيدةُ إليزابيث أَثَرََا؟
- يَجدُرُ بِها أن تَفعَل!
نَقَلَت بَصَرَها منَ السماءِ لِتُطالعَ كوبَ الشايِ في يَدِها تَرتَسِم على وَجهها ابتسامةََ راضيةََ تَملئ مَحياها
- ذَلِكَ الفتى حقََّا، اختياراته جَميلةٌ دائِمََا، كَرائِحةِ الياسَمين..*****
*****مستَلقيةٌ على سريرها تَلفِظُ أَنفاسَها الأَخيرة، وَمَعَ النَّظرَةِ الأَخيرة، لَ تَستَطِع ليزا كِتمانَ السر أَكثر..
- غريس، اسمعي ما أَقوله جيدََا، هذا سَيُقالُ مرَّةََ واحدةََ فَقَط..
منذُ خمسٍ وَعشرينَ عامََا، الملكة إليزابيث لَم تَكن إليزابيث، لَقد ارتَكبَت خيانةََ عظمى، كانَت السبب في مَوتِ الملكةِ ليلي، وَهِيَ السَّبب في حادثةِ الوَباءِ منذُ عشرينَ عامََا، هيَ أَيضََا السبب في مَوت والدك!! الطبيبُ هوب ألفونس..صَمْتٌ مُجَرَّدٌ منَ التَّعابير، انقَطَعَت الأَنفاسِ وَسالَت عبرَةََ تُرافِقُها عينان كارهتين للعالم والبَشرية..
- والدي؟! ما بِهِ والدي؟ أَلَم يَمُت والدي ووالدَتي بسبب الوَباء الذي اجتاحَ المملكة..
التَفتت ليزا لِتُقابِلَ عينا غريس الخاليةِ منَ الحَياةِ دائمََا، وَكأنها مدينة خاوية.. وَلَكنها لا تستَطيعُ كتمانَ ذَلك أَكثَر..
- لَم يَكُن هناكَ وَباءٌ منَ الأصل!!
أَلقَت ليزا عَليها الصَّدمَةَ دونَ النَّظَرِ لِوَجهها.. هيَ لَم تَجرُؤ!!
كانَت الآبارُ حَولَ القريَة حينَذاك مُسممةََ ببَكتيريا وَبعض العدوى منَ الخَنازير، هَذا ما جَعَلَ قَريَتَكُم يَجتاحُها الوباء، هيَ فَقَط أَلقَت كَذِبَةََ اجتاحَت المَملكَة لأُسبوعين، لِتُلقي كَذِبَةََ أُخرى، أَنَّ الوَباء قد حُل!!
وَبِكُلِّ أَسى الدنيا، أَخبَرَتها بالحَقيقةِ المرَّة..
لَم أَستَطِع كِتمانَ الحَقيقَةِ أَكثَر، كان وَلا بُدَّ من أَحد ما أَن يُخبرَك الحَقيقَة، وَآلَت الأُمورُ أن تَكونَ أَنا، أَنا التي تَمَنَّت أَلَّا تَكونَ هِيَ..

أنت تقرأ
خلف تل الرمان
Fantasy" إن كانَ الحبُّ بستاناََ، فاشهد أيها القلب أني زهرةٌ ذابلة" سأطوي صفحةََ جديدةََ، لأنساكَ وأنسى ذكراك، فلم يعد لأحد أحبه مكاناََ في قلبي.. نظرَت نظرةََ للوراء، تحفظُ بها ما بقيَ من ذكرياتها المتعلقة بهذا المكان.. لتديرَ وَجهها للمستقبل المجهول، و...