الفصل الحادي عشر
- إللي بيني وبينك فاتن!
لم يهتز او يرتد للخلف مجفلًا بعد سماعه الإسم أو حتى تأثر وجهه الجامد كما توقع خيالها الطفولي.. بل كل ماحدث هو أنه فغر فاهه قليلًا مضيقًا عيناه وهو ينظر إليها بتفكير.. ثم ما لبث ان قال بهدوء:
- فاتن بنت بدر عوض الصعيدي؟
- ياااه! ولحقت تفتكرها بالسرعة دي؟ دا انت كتر خيرك حقيقي.
- بغض النظر عن سخريتك دي .. بس دا شئ عادي وواضح أوي كمان من نظرة واحدة لاختك شروق.. انا شكيت في قربكم ليها.. ولما سألت كويس عنكم عرفت انها بنت عمتك .
تسارعت انفاسها واتسعت عيناها وهي تهز برأسها بعدم استيعاب حتى صرخت بوجه:
- كنت عارف إنها بنت عمتي وجاي تتقدملي كدة بمنتهى السهولة ..يابجاحتك ياأخي.. ياجبروتك ياأخي .
نظر اليها بقوة قائلًا بحزم :
- بجاحتي وجبروتي في إيه بقى عايز أفهم؟ واحدة كنت بحبها وعايز اتجوزها.. ومحلصلش نصيب ما بينا وكل واحد فينا راح لحاله.. إيه بقى إللي يمنعني إني اتجوزك انتي حتى لو كنت اختها مش قريبتها؟!
اَلمها هذا البرود في كلماته فضحكت بسخرية مريرة وقالت :
- فعلًا إيه صحيح إللي يمنع إن تكسر قلب واحدة وتدمرها؟ وبعدها تعيش حياتك عادي وتتجوز بنت خالها كمان؟ بنت خالها اللي شوهت في نظرها كل نظريات الحب والقصص الخيالية في العشق بعد ما شافت بعينها أعز واحدة عندها وهي بتترجاك في المحل بتاع والدك وانت بتذلها وتطردها بكل افترا ..بعد ماانتهت صلاحيتها عندك وبقت حمل تقيل عليك....
قاطعها فجأة متسائل :
- إستني عندك .. هو انتي اللي كنت واقفة برة المحل بيونيفورم المدرسة في يوميها؟
اردفت بحزن :
- كنت ساعتها في تالتة اعدادي وانا عايشة في العالم الوردي بتاع فارس الأحلام والقصص الرومانسية اللي كانت بتحكيها فاتن عنك واكنك فارسها المغوار قبل ماتغدر بيها وترميها زي الكلبة في الشارع بعد ماخدت غرضك منها وسيبتها تواجه مصيرها لوحدها .
تغضن وجهه بالغضب وهو يسألها بتوجس :
- انتي بتقولي إيه؟ وغرض إيه إللي بتتكلمي عنه ؟ هو انتي فهمتي إيه بالظبط؟ انا كنت بطردها عشان خيانتها ليا بعد ما اكتشفتها بنفسي.
بعدم سيطرة دفعته بقبضة يديها تهتف :
- انتي كمان هاتشوه صورتها في عيني بعد مادمرتها وسيبتها بالجنين إللي في بطنها.. انت إيه ياأخي؟ ماعندكش ذرة ضمير ولا إحساس.
اطبق بكفيه على قبضتيها التي كانت تضرب بها على صدره يمنعها من الوصول اليه وهو يهتف جازًا على أسنانه ..يحاول السيطرة على تشنجها امامه:
- إسمعي مني الأول وافهمي اللي هاقولوا كويس.. دي اول مرة اسمع فيها ان فاتن كانت حامل.. انا كل اللي اعرفه إنها سافرت مع اهلها ورجعوا على بلدهم في الصعيد.. بعد انا ماقطعت علاقتي بيها نهائي.. يعني ماتحملنيش ذنب انا معملتوش .
هتفت بقهر ودماعتها تسح على وجنتها وهي مازلت قبضتيها في يده :
- هي ماكنتش تعرف غيرك ولا حبت حد غيرك ..عشان يستغلها حد تاني زي انت ما عملت كدة بالظبط..ودلوقتي جاي تنكر قدامي بكل بجاحة عشان كداب وجبان .
هزازها بقوة قائلًا باستنكار :
- انا مش كداب ولا خاين..عشان اتهرب من مسؤليتي لو غلطت مع واحدة..لكن كمان مش غبي عشان اسامح في الخيانة..فاتن بنت عمتك خانتني وانا شوفتها بنفسي مع اعز اصحابي وعلى سريره.. يبقى هو اللي غدر بيها وسابها مش انا .
هدات حركتها فجأة ولكن ظلت رأسها تهتز بالرفض وهي تردد بإصرار:
- انا لا يمكن اصدق حرف واحد من إللي انت بتقولوا ..عشان انا اكتر واحدة كنت شاهدة على حبها ليك ..اللي كان بيصل لحد الجنون.. إنت اللي خونت واتخليت عنها لما سيبتها تواجه أهلها وتتحمل الذنب لوحدها.
افلتها فجأة يشير بأصابع يده على جانبي رأسه قائلًا بانفعال:
- انت إيه يابنتي؟مُصرة على اللي في دماغك وبس.. من غير ما تسمعي ولا تفكري حتى.. لما انا غررت بيها وغلطت معاها.. سكتت هي ليه بقى ومابهدلتش الدنيا ولا بلغت والدي حتى؟ ممكن بقى تجاوبيني؟
- عشان أكيد كانت خايفة منك ومن والدك وعلى سمعة أهلها فى المنطقة.
ضرب بكفهِ على ظهر الأخرى وهو يسألها بنفاذ صبر:
- طب سيبك مني ومن أهلي.. خلينا في أهلها هي بقى.. واجهتهم ليه لوحدها وماقلتلهمش عني؟ مدام انا اتخليت بجبني زي مابتقولي.. يبقى على الأقل والدها الصعيدي الحر ..مش هايسكت عن حق بنته ولا هايسيب اللي غلط معاها بقى .
قالت بتعب:
- أهو والدها الصعيدي الحر ده..خد بنته وعيلته كلها وسافر على الصعيد وسابلك الدنيا بحالها .
رفع كفيه امامها في الهواء كإشارة :
- تمام اوي كلامك كدة.. انا مستعد يابنت الناس..اروح لها في قلب بيتها وقدام ابوها كمان.. أسألها واواجها وان طلع الحق معاها يبقى استاهل انا اللي يحصلي بقى من والدها وعيلتها هناك .
- تروحلها فين ؟
سألته بابتسامة باهتة وتابعت بمرارة:
- بعد السنين دي كلها عايز تواجهم؟ ماهو خلاص بقى ماعدتش ينفع..عشان صاحبة القضية نفسها ماتت بالجنين إللي في بطنها وسرها اندفن معاها كمان.
جحظت عيناه وشحب وجهه بشكل مخيف.. وكان هذا هو نهاية الحديث العاصف بينهم قبل ان تذهبت من أمامه وتركته ينظر في أثرها متسمرًا مكانه على سطح المبنى.
...........................
أنت تقرأ
عينيكى وطنى وعنواني
Romantikشعرت وكأن ألارض تدور بها ... انقباض قلبها لم يهدأ منذ الصباح .. منذ ان أخبرها والدها .. بالساكن الجديد في الشقة المقابلة لشقتهم كيف ستجاور هذا البغيض ؟ وهذه الذكرى القديمة تعود امامها الاَن .. فى ابشع صورها .. بمجرد النظرة فقط .. فى وجه من احرق صدره...