الفصل الخامس عشر

16.5K 623 12
                                    

الفصل الخامس عشر

(الطرق العنيف على باب الشقة مستمر والصوت المزعج لجرس المنزل لا يصمت أبدًا وهو ينظر إليها بصدمة. حتى خرج صوته اَخيرًا قائلًا بتشتت:
- هو إيه إللي حصل بالظبط؟ وانتي إيه اللي جابك أوضتي وانا إيه إللي نايمني فيها أساسًا؟
كانت تهز رأسها بحركات غير مفهومة وتغمم بكلام لا يستطيع سماعه مع أصوات بكائها ونشجيها العالي .. كرر عليها سؤاله مرة أخرى بترجي:
- ابوس إيدك يافاتن فهميني.. إيه اللي حصل يابنت الناس ؟
خرجت كلماتها من وسط بكائها فسمعها بصعوبة:
- انا كمان... مش عارفة حاجة.. انا كمان مش فاهمة.. بس الأكيد..هو إني صحيت فجأة.. لقيت نفسي بالوضع وعرفت اني ضيعت .. ضيعت.
مع ازدياد الحركة العنيفة على الباب الخارجي نهض مضطرًا يرتدي ملابسه ولكنه دنى منها فجأة وهو يغلق ازارار قميصه :
- أبوس أيدك يافاتن فهميني طيب .. مدام انتي صحيتي قبلي يبقى إكيد فاهمة حاجة عني..  هو انا اللي اتهجمت عليكي يافاتن ولا قربت منك وانا مش داري كدة بنفسي ؟
رفعت رأسها اليه تنظر بعيناها التي ذبلت من البكاء ووجهها مغرق بالدموع و قالت بحدة:
- انا اول ما صحيت وحسيت بنفسي .. كان هاين عليا اولع فيك وكنت قايمة اجيب سكينة اغرزها في قلبك وانا مخي جايب فورًا ان انت اللي عملت كدة فيا.. بس اللي انقذك مني هي ريحتك .
- نعم!
قالها ببلاهة وعدم فهم .. فتفاجئ بها تجذبه من قماش قميصه تتشممها بأنفها فصاحت بوجهه :
- الريحة اللي هلت في مناخيري وانا بين الفوقان والنوم وكل حواسي متخدرة.. إلا حاسة الشم .. مش هي دي .. دي ريحة تانية..  شمتها انا كتير.. لكن مش ريحتك انت الغالية .. يعني مش ريحتك).

بوجهِ شاحب وصوتِ خرج بصعوبة وهي تبتلع في ريقها الجاف .. قالت ببعض التماسك رغم العواصف الهوجاء التي تضرب بشدة داخل عقلها:
- وإيه اللي حصل بعد كدة ؟
تتنهد بثقل قبل ان يجيب عن سؤالها وهو يحدق في الجالس بالقرب منها على الطاولة.. بوجهه الجامد وقد ذهب عنه حتى السخرية المريرة وكأنه عاد لقلب الأحداث رغم مرور السنوات .
- الأفندي دا يقولك علي اللي حصل .. لأني اتفاجأت بيه وهو بيقتحم علينا الشقة زي الإعصار وعلى أؤضة نومي تحديدًا كان محدد طريقه بالظبط.. وطربق الدنيا فوق دماغي انا والبنت الغلبانة .
التفتت رأسها اليه تنظر باستفسار فخاطبها بقوة قائلًا؛
- تفتكري يعني واحد ظبط حبيبته مع اعز صحابه وفي وضع زي ده.. هايبقى آيه رد فعله ساعتها؟
- اَذيتها!
- لا طبعًا انا ما بلمسش حريم انا بس هجمت على اخينا ده وفتحت مخه وهي بقى اعتبرتها مش موجودة ولا تستاهل تعبير مني أساسًا .
- بس هي كانت منهارة قدامك واترجيتك تصدقها ؟
- وانت لو مكاني كنت هاتصدقها ؟
اطرق عصام بحزن يعتصر قلبه فهز رأسه نافيًا :
- أكيد لأ .. انا مش ملاك .
ضرب علاء بقبضته على الطاولة وهو يقول ما بين أسنانه :
- ولما هو كدة؟ إيه لزوم المحن ده بقى والقصص الرخيصة اللي بتسمعهانا بقالك ساعة ؟
رفع عصام رأسه قائلًا بانفعال :
- بقى بعد إللي حاكيته دا كله وانت لسة برضوا مش مصدق يابني أدم انت ؟
- ياعم وانا إيه بقى اللي يخليني اصدق القصة الهبلة بتاعتك دي من الأساس؟ والدليل شوفته بعيني.. دا غير كمان انها طلعت في الاَخر حامل.. يعني فكك بقى من التمثلية البايخة دي.
اغمض عيناه يائسًا قبل أن ينقل أنظاره الى فجر الجالسة واجمة أمامهم .. تنظر إليهم بأعين خاوية.. فاقدة للحياة بهم .
- وانت كمان يا اَنسة فجر مش مصدقة برضوا كلامي رغم علمك بأخلاق بنت عمتك ؟
قالت بتعب :
- يا أستاذ عصام.. انا لا مصدقة ولا مكدبة ولا عدت فاهمة حاجة خالص .. انا حاسة نفسي واقعة في بير غويط دلوقتي والبير دا مالوش قرار.. ونفسي الاقي بقى مخرج من بحر الالغاز دة.. لكن مش عارفة.
- يعني برضوا مش مصدقة.. طب ما سألتوش نفسكم انتوا الاتنين.. هي ليه مجابتش إسمي قدام والدها بعد الدنيا ما اتطربقت فوق دماغها هي لوحدها؟
صمتت فجر وجاء الرد من علاء بتهكم كالعادة :
- ودا بقى يأكدلنا انك برئ ..صح ؟
- أسمع ياعلاء .. إنت لما دخلت علينا الشقة وضربتني وفتحت دماغي.. مكنتش فاهم ولا جاب مخي اي حاجة عشان  اعرف ارد عليك بيها.. انا ساعتها كنت مقدر حالتك.. بس اللي حصل بعد كدة خلاني فهمت..انت بعد ما مشيت فاتن اترعبت من منظري  والفضايح اللي كانت هاتيجيها من ورايا.. لبست هدومها ومشيت وسابتني.. انا بقى قدرت اتصل بوالدي ودخلت بعدها المستشفى ايام على ما خرجت لقيت البنت الخدامة اختفت نهائي وحاولت اوصلك انت وافهمك عن طريق سعد لكنك رفضت وبشدة .. كنت مشغول قوي على فاتن ونفسي اوصلها لكن اتفاجأت بخبر سفرها مع أسرتها على الصعيد  ..سألت عن عنوانها هناك وكنت مستعد اطلبها منهم واتجوزها .. لكن والدي خاف عليا بشدة من اهلها لما حكيتلوا الموضوع .. واصر انه يبعدني ويسفرني اكمل تعليمي في لندن وانا سافرت زي الجبان وسيبتها .

عينيكى وطنى وعنواني حيث تعيش القصص. اكتشف الآن