الفصل العشرون

17.1K 643 17
                                    

الفصل العشرون

رفرفت بروموشها تحدق بهِ مذهولة وهي لا تستوعب جملته ولا تعرف سببها او معناها فسألته باستفسار:
- يعني إيه بقى اشبه والدتك في حاجات كتير؟
تنفس بعمق وهو ينظر الى عيناها بهذا القرب قبل ان يجيبها فوضع يدًا في جيب بنطاله والأخرى رفعها امامها ليشير لها بأصابع يده وكانه سيشرح لها معلومات مهمة غائبة عنها:
- شوفي ياستي.. بغض النظر عن انك تشبهي والدتي،في عزة النفس والتواضع والرقة كمان.. دا بقى في المميزات الشخصية.. اما بقى في الصفات.. فانت عليكي ضحكة زي اللي خرجت دلوقتي على قد روعتها وندرتها لما باسمعها من والدتي، فانا ببقى بشتاقلها ولا هلال العيد ..
احمرت وجنتاها خجلًا فاأسبلت عيناها في الارض حرجًا ولكنها رفعتها فجأة حينما سمعت وصفه الثاني:
- دا غير الغمزة بقى.
سألته مندهشة:
- غمزة ايه؟ انا ماعنديش غمازات .
رد بثقة:
- لا عندك.. لما بتضحكي من قلبك بتظهر واحدة في الناحية الشمال من وشك .
توسعت عيناها بذهول متزايد من معرفته الدقيقة لتفاصيل صغيرة عنها.. هي نفسها غافلة عنها:
- يعني كمان الغمزة الخفيفة دي في خالتي .
ضحك بمرح قائلًا :
- لا بصراحة انا امي معندهاش غمزات بس دي كانت ملحوظة انا خدت بالي منها وحبيت اعرفك بيها .
دبت بقدمها على الارض غيظًا تشيح بوجهها عنه حتى لا يرى ابتسامة ملحة على وجهها .. تابع هو بتسلي وهو يلاحق وجهها:
- بس دا ماييمنعش انك زي القمر وكتكوتة كدة زيها وعينيكي بقا...
لفت رأسها بانتباه حينما ذكر عيناها..فاأردف هو بصوتٍ دافئ:
- عنيكي دي من اول مرة انا شوفتهم فيها عن قرب ودا كان في شقتنا لو تفتكري الموقف اللي اتعصبتي عليا فيه.. لما بصيت فيهم يافجر حسيت كأنهم بحر وانا غرقت فيه او كإني اعرفهم من زمان من قبل حتى ما اتولد.. او كأنهم وطن وحسيت فيه بالامان .. شوفت في عيونك أني لقيت نفسي او لقيت عنواني اللي كنت بدور عليه بقالي زمن طويل.. في عيونك راحة قلبي اشتاقلها من سنين طويلة.. طويلة اوي يافجر .
توقف عن الكلام وهو يحدق بها وهي كانت غير قادرة عن النطق مأسورة او مسحورة من كلماته المفاجاة.. تبادله النظر ايضًا ولكن بحيرة.. فكان الصمت هو سيد الموقف بينهم.. حتى استفاق الاثنان على صوت نيرمين التي عادت من غرفتها اليهم فلم تتحمل اكثر من ذلك .
- هاتفضلوا واقفين مكانكم كدة كتير .
التفت اليها الإثنان مجفلان من حدتها فتابعت بلهجة اخف كي لاتفضح نفسها:
- اقصد يعني ان الشاي برد واحنا مستنينكم برة في الجنينة .
استدركت نفسها فجر فتحركت لتخرج على الفور.. أما علاء فاحتدت عيناه نحو نيرمين التي بادلته النظر بتحدي واشتياقٍ تفضحه حركة جسدها الذي يهتز أمامه.. عض على باطن وجنته يكتم غضبه قبل ان يطرق بعيناه ارضًا يستغفر ربه ثم انسحب للخارج خلف فجر وتركها هي في البهو وحدها .
..........................

خرجت فجر لداخل الحديقة الخلفية.. لتجد والدتها واباها واخيها إبراهيم على طاولة كبيرو تضمهم مع العم أدهم المصري الذي كان مستفردًا بشاكر في جانب،وحدهم يتسامران بالضحك والاصوت العالية وكانهم على معرفة قديمة ببعض.. بمجرد اقترابها منهم سألتها والدتها :
- كنتي فين الوقت دا كله يافجر؟
ازاحت فجر كرسي بلاستيكي لتجلس عليه بجوارها..قبل ان تجيبها وهي تجاهد لتداري ارتباكها وتوترها من كلمات علاء التي احدثت زلازل بداخلها:
- ما انااا دخلت الحمام ياماما.. ظبطت نفسي كدة شوية فيه .
- ظبطتي ايه بالظبط؟ انا مش شايفة اختلاف يعني .
قالتها سميرة بتشكك.. فتناولت فجر طبق من الحلويات لتنكفئ تأكل فيه بشراهة غير معتادة.. دون ان ترد عليها فهى كانت في حالة لا تسمح لها بالمزيد من الأحاديث.. همت سميرة لتسألهأ مرة اخرى بتصميم ولكنها توقفت حينما رأت علاء وهو يقترب منهم ايضًا.. فانتقلت عيناها اليهم بتشكك صامت..ازداد اكثر حينما رات رد فعل ابنتها وهي تدعي التجاهل وعدم النظر اليه رغم جلوسه الصاخب بالمرح بجوارهم ومناكفته لإبراهيم ومداعبته.
رفعت فجأة رأسها تسال والدتها:
- هما حسين وشروق فين ياماما؟ مش شايفاهم يعني؟
ردت سميرة على سؤالها بمغزى:
- حسين ياختي واخد شروق يفرجها على بقية الجنينة والأشجار اللي فيها.. خطاب بقى ويحقلهم يبعدوا عننا ويحكوا براحتهم .
شعرت فجر بعدم الإرتياح من إجابة والدتها التي تبدوا بداخلها رسائل مبطنة لها.. واكتمل الشعور حينما جلست بجوارهم نيرمين التي كانت تطلق سهام نظراتها نحوها بشكل يثير التوجس والأرتياب .
...............................

عينيكى وطنى وعنواني حيث تعيش القصص. اكتشف الآن