الفصل الحادي والثلاثون

14.5K 590 7
                                    

الفصل الواحد والثلاثون

مضيقًا عيناه ورأسه تتحرك بعدم استيعاب.. ملامح وجهه شاحبة وعيناه التي تتنقل ما بين الفتى وعصام وابيه.. تُظهر بوضوح مدى صدمته في صديق عمره او ما اعتبره هو كذلك بغباءه.. خرج صوته اخيرًا بتشتت :
- انت بتقول إيه؟ ازاي يعني ؟ وليه ؟
جاء رد مازن بعفوية:
- بقولك الا انت سمعته بنفسك ياعم علاء .. انا امبارح ضربت اللي اسمه سعد وفتحت دماغه عشان اوقفه قبل ما يغز حقنة الهوا في دراع عم حسين ويقتله.
- ازاي دا يعني ؟ وإيه السبب اللي يخليه يعمل كدة؟ ولا انت عايز تألف من دماغك وخلاص؟
خرجت منه هادرة وكان الرد من مازن بقوة :
- انا مبألفش من دماغي واللي بقولوا دا حصل ساعة ما انت نزلت تصلي في الجامع اللي تحت وسيبتوه هو لوحده  و الدنيا ليل والحركة خفيفة في المستشفى.
كتم شهقته بكف يده الكبيرة على فمه وعيناه التي اتسعت بزعر.. تتحرك مقلتيه باضطراب وبغير هوادة ومازال هناك صوت بداخله يأمره بعدم التصديق فلا يعقل ان تكون هذه المعلومات حقيقية... قال بحدة :
- انت كداب ياللا.. وانا مش ممكن اصدق أي حرف ولا أي كلمة قولتها.. الواض دا كداب ياعصام .. اطرده ولا مشيه أحسن.
زفر عصام بقوة وهو يشيح بعيناه عنه وكان رد مازن :
- لا بقى انا مش كداب ياعم علاء.. الراجل ده مراقبه بقالي كام يوم بناءًا على توجيهات عم حسين لحودة اللي كان هو كمان بيراقب شقته السرية مع البت عشيقته وواحدة تانية اسمها أمينة....
قاطعه بعنف صارخًا:
- أمينة!!!
- أيوة أمينة ياعم الحج.. دا الأسم اللي كان بيكرره دايمًا قدامي حودة صاحبي ويقولي ان البت دي عندها سر كبير وعم حسين مصمم يكشفه .
كمطارق من حديد... تضرب فوق رأسه كلمات هذا الصغير والتي يلقيها امامهم بتلقائية دون الشعور بخطورتها.. انه يذكر أمينة وسعد بجملة واحدة وعشيقة سرية أيضًا.. فما الذي يربط حسين معهم أيضًا ولماذا يقدم سعد على قتله .
نطق اَخيرًا أدهم ذو الملاح المغلفة والغامضة باقتضاب:
- انت عرفت مين هي عشيقته ؟
- لا ملحقتش اعرف مين عشيقته.. عشان ساعتها انا كنت براقبه عند محطة البنزين وكان هو راجع من دمياط لما اتصل بيا حودة وقالي انه خلاص هو وعم حسين هايكشفوا الحقيقة ونبه عليا اني اتصل بيه ابلغه قبل ما يتحرك سعد والسواق بتاعه .. بس للأسف سعد هرب بعربية الخشب وملحقتش اللحقه......
نهض عن مقعده صارخًا :
- انت بتقول عربية خشب ؟
خلفه ردد أدهم بعد أن نهض هو الاَخر وهو يضغط على حروف كلماته:
- انت متأكد من كلامك ده يامازن؟ دا كلام يطير فيه رقاب؟
نهض هو أيضًا يواجههم بثبات وهو يجيب:
- طبعًا متأكد من كل حرف بقوله.. وحتى اسأل الدكتور عصام انا اديتلوا الحقنة اللي اخدتها من الكل...... ده قبل ما اخرجه زي القتيل من غرفة العناية بتاعة عم حسين؟
التف الاثنان نحو عصام الذي وضع بدوره الحقنة امامهم على سطح المكتب فقال وهو يومئ لهم بعيناه عليها:
- تقدروا تاخدوها وتتأكد بنفسكم من البصمات اللي عليها غير طبعًا بصمات مازن .
تحرك ادهم بغضب أعمى يقول :
- وانا لسة هاتأكد؟ دا انا هسيح دمه ابن نشوى النهاردة .
خرج ذاهبًا من أمامهم بخطواتٍ مسرعة رغم كبر سنه .. علاء والذي لم تستطع قدماه على حمله سقط منهارًا على مقعده :
- يعني انا كنت مغفل طول السنين دي ياعصام ؟ وبغباء عقلي ادتلوا الفرصة النهاردة كمان عشان يكمل اللي بيعملوا ويخلص على اخويا؟ طب ليه يعمل معايا كدة؟ انا أذنبت معاه في إيه ؟ عشان يأذيني في أقرب ماليا؟ ليه ياعصام؟ ليه؟
ود عصام لو يخرج مابعقله من افكار واستنتاجات نحو هذا المدعو سعد او حتى يذكر علاء ببعض المواقف الصغيرة لهم بالجامعة والتي كانت تُظهر بكل وضوح الخلل النفسي لهذا الشخص المريض بحقده ولكنه أشفق على علاء.. فيكفيه هذه الصدمة الكبيرة فيمن اعتبره صديق عمره وجاره .. ويكفي ان انزاحت اَخيرًا غشاوة عيناه وليكتشف هو بنفسه بعد ذلك صدق ظنه .
.................................

عينيكى وطنى وعنواني حيث تعيش القصص. اكتشف الآن