الفصل الثالث
- خارج كده ورايح فين ياحسين ؟
التف بجسده على صاحبة الصوت مجفلًا وعيناه اشتعلتا غضبًا من جرأتها في سؤاله .. فقال بنزق :
- وانتي مالك انتي عشان تسأليني؟
خطت امامه وسط الصالة بمئزرها الحريري والذى اظهر سيقانها اسفل المنامة التي غطتها بالمئزر فقالت بنعومة مستفزة:
- يعني الحق عليا اني بسأل عشان اطمن ومقلقش عليك لو اتأخرت .. دا السيد الوالد موصيني اوي اني اَخد بالي منك واراعي راحتك .
كبح جماح نفسه بصعوبة عن الرد عليها بما يليق بها وهو الذي اشتهر دائمًا بحلمه وطيبته السمحة لكن مع هذه المرأة المتبجحة و التي اخذت مكان والدته .. سيطير كل ما تعلمه ونشأ عليه هباءًا ...قال مابين اسنانه:
- وانتي واخدة بالنصيحة قوي ..عشان كده خرجتي من اوضتك بسرعة توقفيني قبل ما اخرج من باب البيت وتسأليني ..طب راعي الأصول الاول والبسي حاجة عدلة بدل ما انتي واقفة كده قدامي بالروب والقميص.
قالت بخجل مصطنع وهى تلملم أطراف المئزر:
- يووه عليا دا انا مخدتش بالي.. بس انت مش غريب ياحسين..انت ابن جوزي ..ربنا يحفظه ويخليه.
حاول السيطرة على حركة فكه وصدره يصعد وبهبط مع تنفسه بخشونة وقال :
- بقولك ايه يااسمك ايه انتي.. انا مش قابل سؤالك ولا قابل حتى كلام معاكي وتاني مرة اياكي اشوفك لابسة كده بالمنظر ده قدامي سمعاني .. عن اذنك بقى .
استدار عنها يخرج بسرعة صافقًا باب المنزل بقوة لدرجة اهتزت بها الجدران .. تخصرت تنظر في اثره ضاحكة وهي تتمايل بخطواتها ..حتى توقفت امام مراَة معلقة فى الحائط .. تنظر إلى صورتها الجميلة بتفاخر وهي تتلاعب بشعرها العسلي بفعل الاصباغ وملامح وجهها التي زادتها المساحيق جمالاً فوق جمالها .. يليق بها الثراء وهي تستحق بعد حياة مليئة بالعوز والشقاء والإهانة والإستغلال .. ولكن يبقى شئ واحد فقط ينقُصها .. ينقصها هو ..هو فقط !!
.................................حينما دلف الى منزله والذي بالصدفة وجد بابه مفتوحًا كان محبطاً لسبب غير مفهوم له .. فمنذ ان راَها أمس بشرفتها وهي اخذت حيزاً غير هين بتفكيره طوال الليل فى جمالها الخاطف ..وهي واقفة بشرفتها وشعرها يتطاير حولها .. مشهد يغري اعظم الرسامين لتسجيله وياليته كان شاعراً حتى ليصفه بالكلمات .. فيأتي الصباح لتصدمه بمعاملتها المتعجرفة والمتكبرة.. فأطاحات بالباقي من عقله طوال اليوم .. حتى انه تمنى بشدة رؤيتها الاَن بشرفتها وهو عائد للبناية او حتى صدفة كالتي حدثت صباحاً .. فتأتي المفاجأة ليراها الاَن بغرفة نومه !!
لم تصدق عيناه رؤيتها فى البداية وهي جالسة على ركبتيها تتناول علبة دواء اسفل المقعد بمشهدٍ اغراه لحبس انفاسه حتى وقفت والتفتت اليه لتشهق مخضوضة .
- ايه شوفتي عفريت قدامك؟
قالها وعيناه تلاحق ملامح وجهها المزعورة من رؤيته بتسلية شديدة .. ظلت لبعض اللحظات فاغرة فاهها بصدمة وهي تحدق بعيناها عليه متلاحقة الانفاس ..ثم مالبثت ان تستعيد رشدها لتهتف عليه بقوة :
- ايه ياجدع انت؟ داخل زريبة ..مش تتنحنح الأول ولا تعمل اي حركة ؟
قال ببساطة:
- واتنحنح واعمل صوت او حركة ليه؟ انا داخل بيتنا اللي بالمناسبة لقيت بابه مفتوح .
صاحت بعنف وقد فقدت السيطرة على اعصابها:
- اه ..ودا يخليك بقى تقف تبص على جارتك من غير خشا ولا حيا .
ضيق عيناه بتفكير قائلًا :
- انت بتتكلمي عن ايه بالظبط ؟ عن وقفتي فى البلكونة امبارح لما شوفتك وتنحت ثواني ابصلك من غير قصد ولا ودخولي دلوقتي أؤضتي وانا شايف بنت جميلة وزي القمر فيها .. وبرضوا اتسمرت من المفاجأة وماقدرش اتكلم ولا طلع اي صوت .. بس يكون فى علمك انا في المرتين ملحقتش برضوا ابصلك كويس عشان تبقي عارفة .
توسعت عيناها بذهول من جرأته واجاباته الغير متوقعة فقالت بعدم استيعاب:
- انت بتقول ايه؟
صمت قليلًا محدقًا بعيناها التي أثارت نظرتها رجفة بداخله فقال بابتسامة ساحرة :
- بصراحة مش عارف .
فجأة انتابها شعور بالصدمة والإرتباك دون سبب معلوم ..فهذا الرجل الخطير حتى في ابتسامته البسيطة .. هو قادر على زلزلة كيان اجمل النساء واقواهم .. فما بال فاتن !
قالت بتعب لإنهاء الجدال معه :
- طيب حضرتك ممكن توسعلي عشان انا عايزة اروح بعلبة الدوا دي للست التعبانة جوا ..ممكن ؟
- امي انا تعبانة .
قالها بجزع قبل يختفي من امامها سريعاً بالذهاب الى والدته كي يراها ويطمئن عليها .. همست فجر غير مصدقة ما يحدث:
- يانهار اسود ..دا ايه هو ده ؟ياعيني عليكي يافاتن .
...................................
أنت تقرأ
عينيكى وطنى وعنواني
Romanceشعرت وكأن ألارض تدور بها ... انقباض قلبها لم يهدأ منذ الصباح .. منذ ان أخبرها والدها .. بالساكن الجديد في الشقة المقابلة لشقتهم كيف ستجاور هذا البغيض ؟ وهذه الذكرى القديمة تعود امامها الاَن .. فى ابشع صورها .. بمجرد النظرة فقط .. فى وجه من احرق صدره...