الفصل الرابع
بداخل سيارة ابيها وهي جالسة في الكرسي الأمامي هتفت من النافذة الامامية وهو واقف امام الجزء الأمامي من السيارة القديمة يفحصها بعد عدة محاولات لتشغيل محركها ولم تفلح :
- وبعدين بقى يابابا؟ دي ناوية تدور فى يومها ده ولا احنا هانخدها مواصلات النهاردة ولا ايه بس ؟
هز رأسه شاكر بعدم رضا قائلًا بيأس :
- والله يابنتي مش عارف اقولك ايه ..بس شكلنا كده هانخدها مواصلات صح ؟
فُتح باب السيارة الخلفي وترجل منه ابراهيم الشقيق الصغير ذو السنوات العشر قائلًا باعتراض :
- يعني ايه يابابا هانخدها مواصلات؟ دا انا كدة اكيد هاتأخر ومش هلحق طابور المدرسة .
ترجلت خلفه فجر قائلة بحنق :
- ما انت السبب ياابرهيم فى التأخير ده بنومك التقيل ؟ يا ابني ده انا بقالي ساعة جاهزة ومستنياك وفي الاَخر انا اللي هالبس الجزا لو اتأخرت عن الحصة الأولى .
- صباح الخير ياعم شاكر ؟ هي العربية عملتها معاكم ولا ايه ؟
التفت الثلاثة على صوته وهو خارج من البناية .. رد ابيها بالتحية عليه وأكمل بشرح مايراه من عطل اصاب سيارته .. ارغمت فجر نفسها على عدم النظر اليه وهي تراه يقترب منهم متطوعاً للكشف عن العطل ثم عرضه النبيل ليُقلهم جميعاً معه ..التفتت بحدة رأسها رافضة عرضه الكريم :
- لا طبعاً انا مش موافقة اركب معاكم .. انا هاخدها مواصلات يابابا وانت براحتك بقى.. ياللا بينا ياابراهيم .
جذب ابراهيم يده من كفها صائحا :
- سيبى ايدي يافجر .. انا عايز اركب العربية مع عم علاء بدل ما اتبهدل فى المواصلات واتأخر .
حدقت اليه بتوعد محذرة:
- يعني امشي انا ياابراهيم وتدخل انت المدرسة لوحدك. ؟
هتفت ابيها من خلفها :
- وتمشي لوحدك ليه بس يابنتي ؟ ما العربية موجودة اهي وعلاء كتر خيره عارض ياخدنا في سكته وهو ماشي على مشواره.
اكمل علاء قائلًا ببرائة وعيناه تنطق عبثاً:
- مافيش داعي للكسوف والوالد واخوكي الصغير هايركبوا معاكي ياابلة فجر .
- ابلة !!
تمتمها بشراسة قبل ان يعاجلها ابيها بالقول حازماً:
- ماتخلصي بقى يافجر خلينا نتحرك ونلحق مصالحنا بدل الوقفة اللي من غير داعي دي .. دور عربيتك يابنى واحنا التلاتة هانركب معاك .
تلجمت عن الرد مصدومة وهي ترى ابيها يجذبها من ذراعها ويدفعها دفعاً فى الدلوف داخل السيارة .
....................................متابعة بعيناها مايحدث في الأسفل وهى ناظرة من الشرفة كانت شروق تضحك بمرح .. سألتها سميرة التي دلفت بالصدفة بداخل الغرفة :
- بتضحكي على ايه يابت ؟
اجابت مبتسمة وهي تتحرك لداخل تاركة الشرفة :
- على بنتك ياماما .. شكلها وجوزك بيزقها يدخلها غضب عربية علاء جارنا يهلك من الضحك .
سألتها مجفلة :
- وايه اللي هايدخلها عربية علاء يابت؟
- ياماما عربيتنا عطلت والمعلم علاء عرض على بابا وفجر وإبراهيم يوصلهم فى سكته ..لكن بنتك بقى مابطيقش علاء واكنها بتشوف عفريت لما تشوفه .
قطبت سميرة ذاهلة وهي تجلس على طرف الفراش :
- وايه اللى يخليها تكرهه بقى ؟ هي كانت تعرفه قبل كده ولا شافت منه حاجة وحشة؟
هزت اكتافها بعدم فهم وهي تجلس بجوارها :
- بصراحة مش عارفة .. يمكن مش قبلاه ودي حاجة عادية وياما بتحصل..حتى لو كانت مع واحد زي علاء ده اللي عامل زي نجوم السيما فى حلاوته .
قالت سميرة مستنكرة :
- بقى اختك مش قابلة علاء اللي كل بنات المنطقة هايموتوا على نظرة منه ؟ اما بت خايبة صحيح .. وانت بقى ياحلوة .. ايه اخبارك ؟
- اخبارك انا في ايه ياماما ؟
مالت سميرة برقبتها اليها قائلة :
- اخبارك مع اخوه حسين ياعين امك .. ولا انتي فاكراني مش واخدة بالي من نظراتكم لبعض وابتسامتكم اللي على الفاضية والمليانة.. دي حاجة باينة زي عين الشمس.
توردت وجنتيها وهي تعاود هز اكتفاها وابتسامة جميلة ارتسمت على ملامح وجهها فقالت :
- معرفش ياماما.. بجد معرفش .
وماذا بإمكانها ان تقول ؟ لقد مرت عدة ايام منذ أن رأته مجفلة على سلالم البناية يسألها عن شقة اخيه ووالدته .. وبعدها اصبحت تراه بشكل شبه يومي .. مرة بداخل السيارة المصطفة بالحي القديم وهو ينظر اليها فى المراَة وكأنه اعتاد انتظارها ..ومرة أخرى داخل البناية حينما كان يعاود الزيارة لوالدته.. حتى أصبحت هي متشوقة لرؤيته ومتلهفة للقاؤه
- انتي سرحانة في ايه يامنيلة ؟
انتفضت مجفلة على صيحة والدتها فقالت بارتباك :
- يعني هاكون سرحانة في إيه بس ياماما؟ انا هاقوم يدوبك بقى اللحق البس عشان احصل ميعاد الكلية .
نظرت في اثرها سميرة وهي تنهض عن التخت وتخرج سريعاً من الغرفة:
- بتتهربي مني انا ياشروق ماشي .. خيبة عليكي وعلى اختك ..بلانيلة .
.............................
أنت تقرأ
عينيكى وطنى وعنواني
Romanceشعرت وكأن ألارض تدور بها ... انقباض قلبها لم يهدأ منذ الصباح .. منذ ان أخبرها والدها .. بالساكن الجديد في الشقة المقابلة لشقتهم كيف ستجاور هذا البغيض ؟ وهذه الذكرى القديمة تعود امامها الاَن .. فى ابشع صورها .. بمجرد النظرة فقط .. فى وجه من احرق صدره...