الفصل الخامس والثلاثون
خرج من منزله يضم سترته الثقيلة حول جسده علها تخفف بدفئها برودة الجو الشديدة في هذا الوقت المبكر من اليوم.. وصل لدراجته النارية ليقف مستندًا بجسده عليها.. ثم فرك بكفيه يدفئهم قليلًا قبل أن يتناول هاتفه من جيب بنطاله يتصل بأحد الأرقام.. فتجيبه صاحبة الإتصال:
- الوو........ صباح الفل ياخالتي........ في نعمة والحمد لله المهم البنات صحيوا؟.......... تمام ياخالتي فطريهم بقى وجهزيهم عقبال انا مااشق ريقي بلقمة من عربية الفول اللي في اَخر الشارع ......... وبعدين بقا ياخالتي متزعلنيش منك هما كدة كدة في طريقي يبقى ايه لزوموا بقى المواصلات والزحمة؟ حمد لله المكنة شديدة وتتحمل المسافات.......... تمام بس حاولي تجهزيهم بسرعة عشان مايتأخروش على ميعاد المدرسة ........ ربنا يرحمه ويبشبش الطوبة اللي تحت راسه يارب......... ماشي سلام ياخالتي
انهى المكالمة واستدار بخطواته لكي يقطع الشارع ليصل للعربة في اَخره التي سيتناول طعام افطاره عليها.. ولكنه توقف محله حينما لمح شبح الجسد الصغير ملثم الوجه وهو يتلفت حوله بخوف كي يصل لوجهته بخطوات مسرعة.. ابتسم بزاوية فمه وهو يتناول الهاتف مرة ليتصل برقم اَخر:
- الوو .....ايوة ياعم علاء انا مازن....... معلش بقى ان كنت صحيتك بدري اوي بس المعلومة دي ماينفعش تستنى........ سعد دخل الحارة قدامي دلوقت متلتم زي الحرامية وزمانه وصل بيتهم .............بسرعة بس والنبي تعالي عشان اللحق انا مشواري واوصل البنات اخوات حودة الله يرحمه لمدارسهم ........... تمام وانا هتابعك بالتليفون ........... تسلم يارب .
اغلق الهاتف ليفرك مرة أخرى كفيه مبستمًا بحماس في انتظار المعركة!
............................
خرجت من غرفتها لتجد والدها ووالدتها وعمتها فوزية على منضدة الطعام يتناولون وجبة الإفطار في انتظارها.. القت التحية بوجه عابس وهي تجلس بجوارهم على أحد المقاعد :
- صباح الخير ياجماعة
رددوا خلفها التحية وهي انكبت تتناول طعامها بغير شهية.. شاكسها أبيها:
- ماتفردي يابت بوزك اللي قالباه كده عالصبح من غير سبب ولا يكون في سبب؟
ردت محرجة :
- يوه يابابا هايكون في إيه يعني ؟ عادي .
أردف بابتسامة ساخرة:
- عادي برضوا؟ ولا يكونش زعلانة مع سي علوة يابت وانا مش داري؟
ازداد عبوس وجهها والذي اكتمل بحمرة الخجل التي زحفت لوجنتيها.. تدخلت فوزية :
- يالهوي عليك ياشاكر.. ماتهمد بقى ياخويا وماتكسفش البنية.. اللي يينها ويين خطيبها دي خصوصيات ملناش احنا فيها.
مصمصت سميرة بشفتيها:
- خصوصيات ايه بلا نيلة.. دا العيال من ساعة ماخطبوا بعض والمصايب شغالة ترف على ادمغتنا بالكوم.. مرة بحادثة حسين وكملت بالزعلة الكبيرة لعلاء ووالده.. اموت واعرف ايه اللي بينهم.. مش ناوية برضوا تتكلمي يافجر؟
تاففت ناهضة :
- تاني ياماما السؤال ده ماقولتلك ماعرفش.. انا رايحة اجهز عشان احصل شغلى بقى.
رددت سميرة من خلفها :
- برضوا انتي ماتعرفيش ياست الابلة! اقطع دراعي ان ماكنتي عارفة وبتستهبلي.
لكزتها فوزية :
- ماتسيبها ياولية هو انتي هاتموتي لو معرفتيش؟
فتحت فاهها لترد ولكن سبقت فجر وهي تهتف على والدها فجأة قبل الدلوف لغرفتها:
- ماتمشيش يابابا قبل ماتاخدني توصلني معاك.. عشان علاء اتصل وقالي انه خرج بدري على مشوار مهم .
دوت ضحكة ساخرة من شاكر وهو يتلاعب بحاجبيه:
- ايوة بقى قولي.. يبقى عشان كدة قالبة وشك يا أبلة فجر.
دبت أقدامها على ألارض بغيظ قبل ان تذهب لداخل غرفتها متاففة.. تساءلت سميرة بفضول:
- يااخويا انه مشوار دا اللي يخرجه بدري كدة والساعة مجابتش سبعة الصبح؟
............................................
توقف على مدخل الحارة بسيارته التي قادها بسرعة شديدة حتى يصل.. وجد مازن في انتظاره بجوار دراجته البخاربة وبجواره اخوات حودة.. اسرع اليه وهو يترجل من باب السيارة قائلًا:
- حمد لله انك وصلت عشان اللحق اوصل انا البنات لمدراسهم .
تابع وهو يقترب من أذنه يهمس:
- وكويس عشان تحصله قبل مايمشي.
سأله بهمس هو الاَخر وبأطراف اصابعه يمسح على شاربه بتحفز:
- هو فين دلوقتي؟
- خرج من بيتهم جري على ورشته من يجي عشر دقايق بس.. يعني يدوبك تلحقه .
اربت بكفه على اكتاف مازن قبل أن يتحرك قائلًا :
- تمام يابطل.. اتحرك انت بالبنات وانا هشوف شغلي .
- ربنا يقويك .
تمتم بها قبل ان يذهب مهرولًا نحو الفتيات.. كم ود الأنتظار ليرى بنفسه عقاب الخائن ولكنه لن يتقاعص عن تأدية واجبه في توصيل الفتيات.. وبعدها يعود على الفور ليرى وليضحي بيوم من العمل .
...............................
أنت تقرأ
عينيكى وطنى وعنواني
Romanceشعرت وكأن ألارض تدور بها ... انقباض قلبها لم يهدأ منذ الصباح .. منذ ان أخبرها والدها .. بالساكن الجديد في الشقة المقابلة لشقتهم كيف ستجاور هذا البغيض ؟ وهذه الذكرى القديمة تعود امامها الاَن .. فى ابشع صورها .. بمجرد النظرة فقط .. فى وجه من احرق صدره...