الفصل الثاني عشر
حدث كل شئ بسرعة خاطفة.. حينما هجم علاء بقبضته على وجه عصام.. تدارك الاَخير نفسه سريعًا قبل أن يسقط أرضًا. . فوقف يقاومه وهو يصيح عليه بالهمجي والمتسرع امام صرخاتها واستهجان رواد المقهى وفضولهم.. ليزداد الاَخر شراسًة بهجومه والسباب ببعض الالفاظ النابية.. لم يتحملها عصام.. فرد على هجومه وتحولت لمشاجرة بالأيدي بين طرفين نديين.. بأجسادهم الضخمة وهي واضعة يدها على فمها بحرج.. حاول عمال المقهى فض المشاجرة فتقدمت تشارك بتردد معهم بصوتها علّ أحد هؤلاء الثيران يسمعها ويعي خطورة الموقف ووضعها معهم ولكن لا حياة لمن تنادي حتى ازداد حنقها منهم وهي تصرخ عليهم .. فحدث مالم يكن بالحسبان حينما أتتها ضربة بقبضة أحدهم على رأسها أسقطتها أرضًا فاقدة للوعي.. دون أن تدرى من أين اتت؟ منهم ام من أحد عمال المقهى.. سمعت بعض الأصوات وهي تصرخ عليها باسمها جزعًا قبل ان تشوش الرؤية امامها حتى أصبحت ظلمة قاتمة غرقت بها ولم تشعر بشئ بعدها.
- قسمًا بالله لو حصلها حاجة ماهاعتقك؟
- ليه ياحبيبي؟هي الضربة كانت من إيدي انا ولا إيدك انت ؟
- وكان مين السبب بقى مش انت؟
- هه.. صحيح فعلًا..اللي فيه عيب مايروحش منه ولو بطلوع الروح .
- وبعدين بقى معاك ياجدع انت؟ أنا ماسك نفسي عنك بالعافية .
- هه...وان ما سكتش هاتعمل إيه بقى؟
- دكتور عصام ..المريضة ابتدت تفوق
قالها الطبيب المتخصص بمقاطعة ليفصل الجدال المحتدم بينهم ..يتفحصها جيدًا وهي تستعيد وعيها رويدًا رويدًا .
رمشت بعيناها عدة لحظات حتى تمكنت من الرؤية جيدًا.. اول ما رأته كان سقف الحجرة الابيض.. وهي تحاول التذكر أين هي؟ وما الذي أتى بها هنا ؟ فتفاجأت بزوج من الرؤس تطل عليها من الأعلى..
- ها ..إيه الأخبار ياأنسة فجر؟
- عاملة إيه يا أبلة فجر؟
اندفعت الدماء بعروقها فورًا من رؤيتهم فتغضن وجهها غضبًا منهم.. حينما مرت أمامها المشاهد سريعًا التي سبقت سقوطها..
- انتوا تاني ؟ ...اااه .
تفوهت بها وهي تحاول النهوض بجذعها .. فتفاجأت بيدٍ تمنعها وصوت صادر بالقرب منها يقول :
- حاسبي يااَنسة .. الحركة العنيفة ممكن تضرك ..
مالت برأسها ناحيته فوجدته شابًا صغير بملابسه البيضاء ونظارة طبية تغطي على عيناه العميقة .. فدارات عيناها على باقي الحجرة لتعي بفطنتها أين هي؟ رفعت رأسها إليهم قائلة بجزع:
- أنا إيه إللي جابني هنا ؟ هو انا حصلي إيه بالظبط؟
- حصل خير يا حصل خير.
قالها الطبيب الشاب وهو يساعدها على الجلوس على تختها الطبي ..فدنى اليها عصام برأسه قائلًا برقة:
- انا أسف جدًا يا أنسة فجر على اللي حصلك ..بس اديكي شوفتي بنفسك اللي دخل علينا زي القطر .
دفعه علاء ليلتصق بالحائط قائلًا بتهديد:
- احترم نفسك وماتخلنيش اتعصب عليك في قلب المستشفى بتاعتك وقدام الدكتور اللي شغال تحت إيدك .
تمتم الطبيب بحنق وهو ينظر اليه:
- شغال تحت إيده؟!
هز عصام برأسه مستنكرًا وهو يخاطب الطبيب:
- معلش ياعمرو ..امسحها فيا انا.. اصله مابيعرفش يتعامل مع بني ادمين خارج محل الأدوات الصحية بتاعه .
زمجر بغضب :
- بقولك احترم نفسك.. انا ماعنديش خُلق لاستفزازك ده .
- تاني برضوا.. طب انا عايز اشوف هاتعمل إيه؟
- اااه.. دا انت فرحان بقى انك في منطقتك وعايز تعمل عليا نمرة لما اتهجم عليك.
- انا مش محتاج اعمل نمرة واقدر اخلص لوحدي.
- ياراجل.
جحظت عيناها وهي تحدق على هذا الزوج من المعاتيه وهم يتشجران أمامها وكأنهم اطفال صغار رغم ضخامة أجسامهم..تمتمت بذهول :
- يانهار اسود.. هو انا إيه اللي ورطني مع جوز المتخلفين دول؟
همس بجوارها الطبيب المبتسم بصوتٍ خفيض:
- هو انتي شوفتي إيه بس؟ دول من ساعة ما دخلوا المستشفى بيكي وهما على حالة الجنان دي واكنهم جوز ديوك بلدي.. بصراحة دي اول مرة نشوف فيها الدكتور عصام تربية الخواجات بالهيئة دي .
- طيب هو انا حصلي إيه؟
قالتها وهي تتحسس بيدها على جبهتها المتألمة.. نظرت بجزع نحو الطبيب وهي تشعر بملمس الرباط والشاش الطبي.. سارع هو لطمئنتها:
- ما تقلقيش يااَنسة دول كام غرزة صغيرين نتيجة البطحة.. وان كان على الم الصداع فدا بس مع حمل الوقعة.
- يانهار اسود.. هو انا كمان اتبطحت وراسي اتخيطت ؟
عاد الإثنان على صوتها المفزوع.. فقال علاء بوجه عاتب وجامد:
- معلش بقى ياأبلة فجر.. انا وربنا ماكنت اقصد ولا كنت واخد بالي منك حتى .. بس الحق عليكي بقى من الاول .
اشارت بسبابتها نحو نفسها قائلة بذهول:
- الحق عليا انا ؟ طب ليه؟
هم ليرد ولكن أوقفه صوت عصام الحاد وهو يهتف على الطبيب.
- روح انت اعمل مرور على بقية الحالات في المستشفى ياعمرو.
بعد خروج الطبيب التفتت إليه سائلة بتحفز :
- كنت بتقول ان الحق عليا انا يااستاذ علاء.. ممكن افهم بقى ليه الحق عليا؟
- انا فاهم ليه؟ هو يقصد عشان قعدتك معايا؟ على طرابيزة واحدة مع بعض في كافيه.
زمت شفتيها وهي تحدق بعيناها عليه.. تستشف صدق المعلومة.. فتأكدت من عيناه المتهربة ووجهه العبوس.
فقال بخشونة وهو ينظر ناحيتها وناحية عصام :
- تعرفي الراجل ده منين عشان تقعدي معاه؟
- وانت مالك؟
صدرت منها بدون تفكير حفزت شياطينه نحوها.. فود لو يطبق بكفيه على رقبتها كي يُعاقبها على غباءها معه.. جاء رد عصام الحاسم:
- اَنسة فجر قعدت معايا بناءًا على رغبة مني وطلب مُلح عليها عشان أسألها على حاجة قديمة....تخصني .
خرجت الاَخيرة بتردد.. فتح علاء فمه بضحكة متهكمة خالية من المرح.. فقال:
- عارفها انا الحاجة القديمة واللي تخصك دي.. بس ياترى بقى هي عارفة؟
- مش عايزة اعرف حاجة..انا عايزة امشي .
قالتها بتعب وهي تعصر عيناها بألم .. دنى إليها عصام يتفحصها بقلق :
- إيه مالك يا اَنسة فجر؟ هو انتي الصداع شد عليكي؟
هتف عليه علاء بقوة وهو ينزع كفه على رأسها:
- شيل إيدك عنها ياجدع انت؟ هو انت افتكرت نفسك دكتور بجد ولا إيه؟
تمتم بذهول :
- في إيه يابني؟ هو انت مجنون ؟
صاحت عليهم وهي على وشك الانهيار:
- الله يخرب بيوتكم انتوا الجوز ..عايزة امشي عايزة امشي .
...............................
أنت تقرأ
عينيكى وطنى وعنواني
Romanceشعرت وكأن ألارض تدور بها ... انقباض قلبها لم يهدأ منذ الصباح .. منذ ان أخبرها والدها .. بالساكن الجديد في الشقة المقابلة لشقتهم كيف ستجاور هذا البغيض ؟ وهذه الذكرى القديمة تعود امامها الاَن .. فى ابشع صورها .. بمجرد النظرة فقط .. فى وجه من احرق صدره...