الفصل الخامس
صدحت أصوات ألأغاني العالية بقوة تصُم الاَذان، وعُلقت اعقادُ الإنارة ذا الأشكال والألوان المختلفة اعلى المبنى وجانبيه .. لتُنبئ الجميع بافتتاح محل المعلم علاء ادهم المصري للأدوات الصحية .. يتلقى التهانى من أشخاص بعضهم يعلمهُم و اَخرين لا يعلمهم .. كان يرتدي حُلة بالون الازرق القاتم على جسده الرياضي الطويل فزادته بهاءًا وجمالًا ..يوزع البسمات على الوجوه المباركة كما يوزع الزجاجات الغازية والمشروبات الأخرى .. ولكن تظل عيناه عالقة بشرفتها التي هجرتها من ايام ..عسى ان تطل برأسها عليه فتشاركه فرحته ولو بوجهها العابس الجامد ..فيكفيه رؤيتها من بعيد رغم اشتياقه المضني لرؤية عيناها التى علقت بذهنه وأصبحت تتخلل أحلامه من وقت ان راَها بهذا القرب داخل منزله.. لكم يتمنى رؤيته الاَن ، لكم يشتااااق .
- معلم علاء .
اجفل منتبهاً على صوت شقيقه الصغير وهو يقترب منه بضحكة صافية فاتحاً ذراعيه :
- حبيب قلبي ..الف مبروووك.
بادله علاء العناق بفرحة مشددًا عليه بذراعيه :
- الله يبارك ياغالي .. وحشتنى ياض.
- وانت اكتر والنعمة .
تابع وعيناه تدور يمينًا ويساًر .. داخل المحل وخارجه :
- بس ايه ياعم الحلاوة دي ياعم ؟ لحقت تعمل الحاجات دي كلها امتى ؟
- طبعًا ما انت غايب عن زيارة والدتك بقالك اكتر من اسبوع.. هاتعرف منين بقى ؟
- يابني اضطريت اسافر الغردقة عشان مشكلة حصلت مع الوفد السياحي .. ما انت عارف الشركة ومشاكلها.
غمز بعيناه يقول بمشاكسة :
- ايوه ياباشا فكرتني بالسياح بقى والنسوان الحلوة .
- طب وانت تعرف عن اخوك كدة برضوا ياريس.. أنا مايملاش عيني غير بنت بلدي .
- حيبي انت حسحس تربية اخوك بجد ياض .
لف عليه بزراعه يدفعه للأمام قائلًا :
- تعالى بقى افرجك على المحل من الداخل عشان تشوف اخوك وافكاره الجامدة.دا انت هاتنبهر .
.......................- مش ناوية بقى تقومي و تتفرجي ؟ دي الدنيا هيلمان بره .
رفعت عيناها عن شاشة التلفاز وهي جالسة على الاريكة الاثيرة ..قائلة بسأم :
- مش قايمة ولا زفت .. يعني هاشوف الهنا...اهي زيطة وخلاص.
- زيطة وخلاص !
اقتربت منها فدنت اليها برأسها تسألها :
- في ايه يابنتي؟ انتي مقفلة كده ليه ؟ بقولك هيلمان ناس رايحة وجاية وانوار ملعلطة فى الميدان كله .. دا بابا قاعد هناك وسط الرجالة اللي بتهني وماما من العصر مع الست زهيرة بتساعدها وواقفة معاها فى استقبال الستات اللي بتهنيها ولا ابراهيم دا كمان هو واصحابه بيرقصوا مهرجانات ولا اكنهم فى فرح بلدي ..
زفرت حانقة قبل ان تعود ببصرها ناحية التلفاز مرة أخرى :
- ربنا يفرح الكل ياستي ..انا مالي بقى ؟
مطت شروق شفتيها وهي تتحرك للأبتعاد بخطواتها :
- براحتك ياأختى .. على العموم انا رايحة اتفرج من بلكونة اؤضتك وبرضوا هارجع واحكيلك.. عشان اغيظك.
تنهدت بيأس من تلهف شقيقتها وابويها لحضور الافتتاح العظيم ورؤيته مع اصرار والدتها المستمر على رأسها بضرورة الذهاب للجارة أم المحروس لتهنئتها والعمل بالأصول...وكأنها تهتم ..فلتذهب الأصول الى الجحيم .. فهي ابدًا لن تعيد دخولها هذا البيت كما حجبت نفسها عن النظر بالشرفة رغم صعوبة القرار عليها .. ولكن يكفي ألا تلتقي بوجههِ البغيض .
...............................
أنت تقرأ
عينيكى وطنى وعنواني
عاطفيةشعرت وكأن ألارض تدور بها ... انقباض قلبها لم يهدأ منذ الصباح .. منذ ان أخبرها والدها .. بالساكن الجديد في الشقة المقابلة لشقتهم كيف ستجاور هذا البغيض ؟ وهذه الذكرى القديمة تعود امامها الاَن .. فى ابشع صورها .. بمجرد النظرة فقط .. فى وجه من احرق صدره...