الفصل الخامس والعشرون

16.6K 615 7
                                    

الفصل الخامس والعشرون

خطت لداخل المنزل خلف زوجها وحريق صدرها مازل لم يهدأ ولم ينطفئ بعد.. بل ازداد اشتعالًا وهي تراقب تجهم زوجها وشروده معها طوال عودتهم بالسيارة.. وتجاهله لإحاديثها المتقطعة معه.. حتى افقدها حماسها وفرحتها المصطنعة امامه بزواج ابناءه لكسب وده .. ولكن طفح الكيل ولم تعُد بها قدرة على الصمت.. رمت حقيبتها على اقرب مقعدٍ وجدته امامها.. تهتف عليه متخصرة قبل ان يصل الى الممر المؤدي لغرفته.
- هو في إيه بالظبط؟ انا عايز افهم.
استدار على صيحتها مجفلًا يسألها عاقدًا حاجبيه :
- تفهمي إيه يانيرمين؟ وليه الزعيق ده أساسًا؟
اقتربت منه تردف بحدة:
- ما انا بسألك ياحبيبي عشان شايفاك مش معايا ولا حاسس بيا خالص وانا معاك .
زفر يرد عليها بسأم :
- شكلك كدة فاضية ولا زهقانة وعايزة تتسلى بكلام فارغ وانا ماعنديش وقت ليكي وعايز انام .
قالها وهم ان يستدير عنها ولكنها اجفتله صائحة بغير سيطرة:
- لدرجادي معدتش طايقني ياأدهم.. حتى كلمتين معايا مش متحمل تسمعهم.. هو انا لدرجادي بقيت تقيلة على قلبك.
اظلم وجهه بالغضب واحتدت عيناه نحوها فهتف عليها بغضب.
- في ايه يابت مالك؟ هو انتي اتنجننتي ولا عقلك ساح منك.. معنديش دماغ انا لدلع النسوان على اَخر الليل دلوقتي
انتفضت داخلها من صيحته الهادرة.. فهي أعلم الناس بشدة ادهم المصري وقسوته لحظة الغضب.. تدفقت عيناها بالدموع علّها تساعدها قليلًا بمواجهته، ضغطت على عيناها بكفيها تستدعي البكاء بحرقة وصوت شهقاتها تصدر بصوت عالي.. رقت ملامح أدهم قليلًا رغم حنقه منها فقال ببعض الهدوء:
- يابنت الناس هو انتي حد قرب منك عشان تنصبي المناحة دي دلوقتي؟ انا بصراحة مش فاهمك .
رفعت اليه عيناها المغرقة بالدموع ترد ببكاء:
- انا اللي معدتش فاهماك ياادهم.. دا انت كنت احن عليا من ابويا اللي اتحرمت منه وانا صغيرة.. ماكنتش بتعز عليا حاجة حتى لو طلبت عيونك.
سألها مضيقًا عيناه بتفكير:
- اه وايه اللي حصل بقى ؟
ردت بمسكنة:
- اللي حصل هو انك كرهتني باين ولا مليت مني؟ عيونك اللي فضحتك النهاردة وانت بتبص على مراتك القديمة خليتني احس بقيمتي عندك كويس اوي.. واعرف اني ماليش قيمة وسطكم انت وعيالك ومراتك.. طب انت حنيت لها..ذنبي ايه انا عشان تبعد عني وتحسسني اني كنت السبب في فرقتك عن مراتك حبيبتك وعيالك
أشاح بعيناه عنها صامتًا لايجد ردًا على كلماتها التي اصابت الحقيقة بداخله ولكنه يأبى الإعتراف فتابعت بمكر وهي تتقرب منه واضعة يدها على ذراعه فقالت بنعومة
- انا مقصديش افرقك عنهم ولا اكرهك فيهم.. انا يس مش عايزاك تبعد عني ياأدهم.. حتى لو هاترجع لهم.. دا انا مقطوعة من شجرة وماليش غيرك في الدنيا دي كلها.. انت اهلي وانت نتسي كلها.
ربت بكفها على كف يدها التى وضعتها على ذراعه قائلًا بلطف:
- انا مبعدتش عنك يانرمين ولا هابعد ياستي.. فبلاش تنكدي عليا وعلى نفسك وشيلي الفكر دا من دماغك.. انا النهاردة كان فرح ولادي فشئ طبيعي اني اسرح ولا اتلهي عنك .
كذاب.. تعلم انه جيدًا انه كاذب ولكنها قررت مسايرته لتصل لغرضها :
- طيب ما انا كمان كنت مبسوطة اوي بفرحهم النهاردة ولولا اني عارفة بوضعي معاهم لكنت رقصت ودرمغت الدنيا... بس بقى انا عارفاهم مش طيقاني ولا هايقبلوا بفرحتي معاهم .. مع اني ربنا العالم اني بعتبرهم زي اخواتي واكتر.. وامهم بقى الله يسهلها .
رفع حاجبه بشر وهو يسألها :
- قصدك ايه يانيرمين على امهم بالجملة الاَخيرة دي ؟
عادت لخوفها من غضبهِ مرة أخرى فقالت بتردد؟
- انا مقصديش حاجة وحشة طبعًا ياادهم.. انا بس اقصد على قسوتها معاك وتكبرها عن الصلح.
نزع يدها بعنف ليذهب عنها:
- اللي بيني وبينها مالكيش دعوة بيه يانرمين.. خليكي في نفسك انتي وبس .
قال الاَخيرة من بين اسنانه قبل ان يستدير ولكنها جذبته من ذراعه توقفه:
- طيب ماشي خليني في نفسي وبس ياادهم انا قابلة.. بس بقى انا نفسي اخلف عيل منك..
التف اليه برأسه قائلًا :
- وماتخلفي يااختي انا مانعك .
قالت بلهفة:
- حلو اوي يعني هاتقبل تروح معايا عندك الدكتور بكرة؟
ابتسم بزاوية فمه يقول:
- واروح ليه عند الدكتور ياحبيبتي؟ انا راجل سبق لي الخلفة قبل كدة.. يعني ماعنديش عيب.. شوفي انتي بقى نفسك.. ايه اللي مانع عندك؟
سقطت يدها عنه بصدمة وذهب هو من أمامها غير مبالي تأثير كلماته عليها..
كتمت انهيارها وهي تضرب بقبضتيها على جانبيها وعلى وشك الانفجار.. لقد رأتها في عيناه.. ادهم المصري لم يعد يريدها حتى لو انكر ذلك.. الشعور بالخطر كاد ان يذهب بعقلها.. دون ان تدري تناولت هاتفها تطلب رقمه تبتغي المشورة لإنقاذها.. حينما لم يجيب على المكالمة..لم تتردد في ارسال رسائلها اليه وكان جاوبه رسالة بكلمة واحدة ( تعالي) هدأت انفاسها قليلًا لانتظار الصباح.. ولكن عاد اليها شعور الحسرة حينما تذكرت وضعها هي الاَن مع الرجل العجوز.. ووضع العرسان الشباب الذين خرجوا ليحتفلوا مع عرائس الهنا وحدهم بحرية ومباركة الجميع.. ابتعلت مرار حلقها وهي تهمس بغل:
- يعني انا بس اللي اتكتب عليا الغلب والحظ المنيل.
..................................

عينيكى وطنى وعنواني حيث تعيش القصص. اكتشف الآن