الفصل الأربعون والاَخيرة

20.3K 636 31
                                    

الفصل الأربعون والاخير

التوتر مع تشتت نظراته.. بالإضافة الى العرق الذي انتشر على جبهته وبعض مناطق بشرته.. جميعهم أظهروا حجم صعوبة ما ينوي التفوه به.. وهي جالسة أمامه بصمت في انتظار سماعه ومعرفة سبب صرفه لفجر وعصام وطلبه الجلوس معه بمفردها.
- انا مش عارف ابدأ كلامي معاكي ازاي؟ بس بصراحة مكنتش اتوقع انها حاجة صعبة اوي كدة.
قطبت مندهشة من كلماته فسألت :
- هي إيه اللي صعبة بالظبط؟
تنفس بعمق قليلًا قبل ان يجيبها وهو ينظر اليها مباشرًة:
- الإعتراف بالغلط يافاتن.. انا من ساعة ماعرفت من فجر امبارح انك لسة عايشة وما موتيش.. ودماغي بتعيد وتزيد في اللي حصل مني معاكي من عشر سنين.
- اللي فات مات ياعلاء وكل حاجة نصيب
قالت فقاطعها هو ملوحًا بكفه:
- معلش ارجوكي سيبيني اكمل.. انا عارف اننا مكنش لينا نصيب في بعض.. لكن انا بتكلم عن غلطي في حقك.. من اول صداقتي بواحد ابن...... ضيع مستقبلك بفتنة كبيرة عملها و صدقتها انا بغبائي لغاية اهانتي و طردي ليكي من المحل.
خرجت كلماته الاَخيرة بخفوت وهي شاحت بعيناها قليلًا تؤلمها الذكرى.. قبل ان تعود اليه مقاطعة:
- ممكن ماتجيبش السيرة دي تاني.. لان انا بصراحة كييفت نفسي عشان اقدر اعيش.. اني انساها واشطبها نهائي من حياتي.
اومأ برأسه موافقًا :
- عندك حق.. بس دا بالنسبالك عشان كنتِ انتِ الضحية.. لكن بالنسبالي انا لايمكن هاقدر انسى.. اني كان ليا يد في ظلمك حتى لو مش بالقصد..
صمت قليلًا ثم اردف:
- انا بعتذرلك يافاتن وبتمنى انك تسامحيني عشان اقدر اعيش انا كمان.
ابتسمت قائلة
- ان كنت انت غلطت في صداقتك بواحد زي سعد.. فاانا كمان غلطت في حق نفسي لما هربت من بيت والدي وحطيت نفسي موضع شبهة لما جبرت عصام يخليني في شقته.. يمكن ساعتها بحكم سني كنت شايفة المبرر قوي عشان اهرب من جواز ابن عمي بجوازي منك.. لكن دا ما ينفيش غلطي..عشان كده بقولك انسى.
اطرق برأسه متأثرًا بكلماتها التي القت على قلبه بعض الراحة.. ثم رفع راسه اليها قائلًا :
- عندها حق فجر تحبك اوي كدة.. دا انتِ لو شوفتيها في بداية معرفتي بيها.. مكنتش بتطيق تبص في خلقتي.. ولما كنت اجي اكلمها كان وشها يحمر ويخضر من الغضب وتحسي كدة ان نفسها تولع فيا.
ضحكت من قلبها فضحك هو أيضًا معها:
- المجنونة دي.. هي طول عمرها كدة حمقية أوي في اللي يخصها وميهمهاش.. بس انت باين عليك بتحبها اوي عشان دا ظهر من لمعة عنيك اللي طلت فجأة لما جبت سيرتها .
لم يرد ولكنه لم يقوي على اخفاء ابتسامة انارت وجهه لمجرد ذكر اسمها.. اردفت هي بكلمات خرجت من قلبها:
- ربنا يهنيكم ببعض ياعلاء.. انت تستاهلها وهي تستاهلك.

تنهدت بثقل وهي تستعيد كلماتها معه و التي لم يمر عليها سوى دقائق.. ولكنها كانت كفيلة بفتح جراح الماضي وذكريات نقشت في القلب مرارتها.. هي تحمد الله انه وقف معها بأن وهبها من يأخذ بيدها ويعطيها فرصة أخرى للحياة بكرامة ولكنها لاتنكر خطئها الذي بسببه اعطى فرصة لهذا المجرم لفعل جريمته معها.
- لحقتي تسرحي؟
اردف بها عصام وهو يعود لجلسته أمامها.. التفتت اليه هي بابتسامتها المعهودة ترد:
- انا لو مسرحتش وافتكرت اللي فات ابقى متخلفة ومعنديش احساس.. انت ترضهالي دي؟
اطلق ضحكة مدوية نافيًا بتحريك راسه:
- لا ياستي بعد الشر عليكي من التخلف وعدم الإحساس.
.. بس انا شايفك يعني بتهزري اهو وعلاء كمان وشه اتعدل قبل مايمشي.. اسف يعني لو بتدخل.. هو الحديث مابينكم كان عن إيه؟
- لا ياسيدي مافيش تدخل.. اصل الموضوع مش مستاهل يعني هو كان ضميره تاعبه من ناحيتي فكان عايز يعتذر وانا رديت عليه باللي يريحه.
اردفت بها..فكان رده أن سألها قاطبًا بحيرة:
- وهو إيه اللي ريحه بالظبط؟
- الحقيقة ياعصام.. هي ان غلطه فيا والمشكلة كلها كانت نتيجة غلطتي الكبيرة لما هربت من والدي من غير ما اقدر العواقب.. اللي مابينها كان ظلمك انت معايا .
- بس انتِ ماظلمتنيش يافاتن.. انتِ واحدة كنتِ مغلوبة على امرك وانا بقى حاولت اساعدك بس الامور جات بنتيجة عكسية.
ردت مبتسمة بامتنان:
- انت بتقول كدة عشان قلبك طيب ياعصام.
قال متفكرًا:
- مش حكاية قلب طيب.. بس انا مكدبش عليكِ يعني كل ما افتكر الموضوع دا وملابساته بستعجب قوي للي حصل رغم بشاعته.. لكنه خلاني اشوف كل حاجة قدامي بمنظور مختلف.. وعلى الرغم من مرور السنين دي كلها وسفري واختلاطي بناس اشكال والوان وجوازي وطلاقي من مراتي.. لكنه جعل صورتك دايمًا مطبوعة في خيالي وبتطاردني.. رغم ان الأول وربنا العالم.. مكنتش بشوفك غير حبيبة صاحبي.
- قصدك ايه ياعصام بكلامك ده؟
سألت بحيرة وكان رده حاسمًا؛
- قصدي انك تعرفيني كويس واعرفك.. واحنا كبار دلوقتي وفاهمين.. تقبلي تتجوزيني يافاتن ؟
...................................

عينيكى وطنى وعنواني حيث تعيش القصص. اكتشف الآن