الفصل الرابع عشر

15.6K 623 12
                                    

الفصل الرابع عشر

- رايح فين ياسعد ؟
صدحت من خلفه بصوتها الذي صار يبث بجسده القشعريرة والكُره .. كاد يكمل طريقه للخروج ويتجاهلها ولكنها كررت بنبرة أعلى :
- ماشي على طول وعامل نفسك مش سامعني ياواد.. ماشي ياسعد ماشي يابني.
توقف يزفر متأفافًا لبعض اللحظات قبل ان يرسم على وجهه ابتسامة سمجة وهو يستدير بجسده إليها وهي متكئة بجسدها الممتلئ على الأريكة الخشب الملتصقة بالحائط وسط الصالة الضيقة . امامه تلفازٍ صغير وضع أعلى المنضدة  :
- معلش ياما مكنتش مركزة وانا خارج .. ها عايزة إيه بقى ؟
مصمصمت المرأة بشفتيها تصدر صوتًا متهمكمًا :
- ليه ياعين أمك بقى ؟ يكونش بتحب جديد ؟
ضغط بأسنانه على شفته السفلى بغيظ قبل ان يرد عليها :
- وافرضي ياستي بحب جديد ؟ فيها حاجة دي بقى ولا هو بقى عيب ولا حرام؟
ردت بصوت متذمر :
- لا ياخويا مافيهاش حاجة.. بالعكس بقى دا انا اتمنى ربنا يهديك  و تجيبلي واحدة تخدمني بدال ما انا طالع عيني في شغل البيت والطبيخ.. وانت البعيد ماعندكش دم .. لو شربت كوباية شاي بتسيبها بالتفل بتاعها .. ولا فيش مرة ربنا قدرك تغسل الطبق اللي بتاكل فيه؟ دا انا بشوف رجالة بشنبات يوقف عليها الصقر وتلاقيها بتساعد امهاتها وبتغسل المواعين وتكوي الهدوم و.....
- اماااااا..
هتف بها هادرًا فاقدًا التحكم في غضبه لدرجة ارعبتها فجعلها تنكمش على نفسها صامتة بخوف  . حاول تنظيم أنفاسه قبل ان  يرد عليها ببعض الهدوء :
- انت كنتي موقفاني ليه  بقى من الأساس؟
قالت بتردد :
- انا بس كنت عايزاك تعدي على اختك نبيلة.. تشوفها لا تكون عايزة حاجة .. ما انت عارفها غلبانة ..من ساعة ماجوزها دخل السجن وهي بتدبر لقمتها بالعافية.
رد من تحت اسنانه وهو يشير بيده :
- تاني برضوا..  اختي ونيلة وزفت .. هو انا كنت مجوزها عشان اشيل همها هي وجوزها كمان ؟ ولا انتي فاكراني قاعد على بنك وبغرف في الفلوس من غير حساب ؟
- في إيه يابني؟ اشحال ان ماكانت الورشة دلوقتي بتدخلك.شئ وشويات .. وربنا فتحها عليك من وسعه ...
- كفاية ياما الله يرضى عنك.. ماهو قرك دا هو اللي هايجيب درفها .. هابقى اتنيل اعدي على اختي واشوفها استريحتي؟
اومأت برأسها زامة شفتيها.. فسحب نفسهِ للخروج ولكنها أوقفته قبل ان يمسك بمقبض الباب:
- ما تنساش تجيبلي معاك كيس برتقان ياولا .. حكم انا نفسي مسدودة وحاسة نفسي هاعيا.
جز على فكه وهو يخرج فورًا قبل ان يرتكب جريمة مع هذه العجوز .. صافقًا الباب بقوة جعلتها تصرخ من الداخل :
- طب براحة ياخويا شوية على الباب لاتكسره في إيدك.. وترجع تكسل ما تصلحه تاني..
حينما خرج من منزل والدته التي تركها بالداخل تثرثر متذمرة .. سار بخطواته  البطيئة وهو يتنفس هواء الشارع بارتياح بعيدًا عن محيطه الضيق معها ..حتى وصل إلى ورشته القريبة من المنزل .. ورشة السعد لصناعة غرف النوم واثاث المنزل البسيط .. وقف لعدة دقائق يتأمل اليافطة التي اعتلت الواجهة من الخارج.. عاقد الحاجبين .. لقد كان الثمن امتلاكهُ لها غاليًا وهو بغبائه وتسرعه جعله فادحًا !
...........................

عينيكى وطنى وعنواني حيث تعيش القصص. اكتشف الآن