~~ الفصل الثاني ~~
ليتنا لا نلتقي بِمَن غادرونا بإرادتهم..
تَعِبنا نتوعدهم بالنسيان .. والذاكرة مثقوبة تتسرّب منها كلّ الأشياء ..إلاّ هم !
~~~
إستدارت إلى مصدر الصوت دَهِشة، محدّقة بظلّ لا يمكن أن يخفى عليها هويّة صاحبه ..
يرتدي بذلة بالغة الأناقة .. يسند نفسه إلى جدار المكتبة دون إكتراث ..ممسكا بروايتها بين أصابعه..
إحتبست أنفاسها .. وتوقف قلبها عن الخفقان ..
هاجمتها مشاعر مزجت بين الخوف والشوق ..
شعرت بالوهن ..
( أرجوك كُنْ حلما )
هتفت بذلك من بين شفتين بالكاد إستطاعتا الحركة..
إنها هلوسات ..
تحاول الهروب بعيدا عن ذكريات تهاجمها عنوة.. أبت إلاّ أن تبسط سيطرتها عليها ..
سرت في كيانها رعشة وهي تتذكر لقاءا قديما كان في ردهة مشابهة لهذه ..
-لم تتغيري، كما عهدتكِ ..
كان صوته بالغ الرقّة ..
رأته يقترب ،فتسارعت دقّات قلبها ..
-ماذا فعلت بك الدنيا سنَان...
ظهرت إبتسامة كسولة ساخرة..
ليردف ..أم ترغبين أن أناديك سيدة سنّانة ..
أحست بوهن في ساقيها..
أشاحت بنظرها عنه .. لم تحب هذا الإحساس بالضعف الذي يهيم بسيطرته عليها..
هزت رأسها بإرتباك خفيف ..
-أأأنااا ..
إبتسم لتلعثمها ..
تملكها الذعر وهي تراه يقترب أكثر .. حبست أنفاسها توترا ..
أخذ يتفحصها ..تنفست ببطء مجبرة نفسها على ردّ نظراته المتفحصة ..
تعلم أنّها تبدو مشعثة المظهر .. خصلات شعر مبللة بقطرات المطر تلتصق بجبينها .. وكحل يسيل خارج حدود رسمه ..
تشعر بالمرارة لأنّه يراها هكذا بعد هذا الغياب..( سنان عودي إلى رشدك )
همست لنفسها وهي تقاوم تفرّسه الصامت بها ..
لجمالها وقع خاص لديه..
لم تكن يوما أنثى عادية .. شعر بلون القمح يحيط بوجه هو من الرقّة و الكمال ، بحيث لم يرى مثيلا له ..