الفصل الخامس عشر

296 2 0
                                    

~ الفصل الخامس عشر ~


بتلاتنا اليوم من بستان رقيقة الحرف { أطياف الماضي } ..

ما قبل دقّات القلب ..

{ هو : عاتبي !
نبتعد .. بقدر ما يتراكم في القلوب من عتب ..

هي : البادي أظلم !
ولم يهن على قلبي إلاّ من هنت عليه ..

هو : لكلّ شيء ثمن !
لأنّني رجل
لم يعد ينفع أن أبكي إلاّ بصمت..

هي : أتحتاج شيئا ..؟

هو : أحتاجكِ أنتِ في كلّ وقت ..

هو : حديث فعل !
أنا أهتمّ
لا تقال
إنّما .. تترجم بأفعال ..

هي : كلّ شيء فات .. }


طبع ليس إلاّ !

{ كيف أخبرهم أنّ المسافات جيّدة وأنّني أكتفي بها ؟
كيف أخبرهم أنّهم لا يجب عليهم أن يقتربوا كي لا يصابوا بخيبة !؟ }

مشدوهة تنظر إليها، تفاصيل كثيرة تعيدها ذاكرتها، تحرّك رأسها محاولة نفضها، تراها تقترب منها، تمشي متمايلة بحذائها العالي، ليتمايل معها فستانها مبرزا فخذيها المملوئين بطريقة مثيرة " هل أكلت القطّة لسانكِ سنان ؟ أم أنّكِ لم تشتاقي لي مثلما إشتقت إليكِ ؟ " تخرج حروفها محاولة بثّ بعض الشجاعة والتماسك فيها " بل أشعر بمعدتي قد إنقلبت منذ رأيتكِ " تضع يدها على معدتها ودون أن تتصنّع تتأوّه وقد عاودتها ألام القرحة، تمسك بحافة المغسلة لتوازن من وقفتها وهي تلمحها تقترب أكثر لتغدو على بعد إنشين منها، مقابلة لها، بعيونها الزرقاء وملامحها البريئة التي لا توحي بشراستها " همم أسفة أنّني قد أفسدت سهرتكِ عزيزتي .. لكن بيننا حكاية ناقصة وأنا فعلا " تتوقّف قليلا لتضع إصبعها على شفتها السفلى وترمش بعيونها لتكمل بدلال " فعلا لا أحبّ ترك الحكايات ناقصة دون أن أكملها " تستقيم بظهرها لتقف مواجهة لها، عيونها تلمع ببريق الغضب، تخرج همسها دون إرتباك " ماري أظنّكِ قد نسيتي ! ما بيننا إنتهى " تستدير مبتعدة لتغادر الحمام، تتوقّف حينما شعرت بها تمسك بساعدها، تلتفت إليها لتتّسع عينيها دهشة ما إن وصلتها كلماتها " إذا أخاكِ تعرّض للخيانة ثانية، وتلك الحمقاء لم تصبر على بروده فبحثت عن عشيق تستمتع معه " ترفع يدها لتصفعها، قبل أن تصل بكفّها إلى وجهها تمسكها بشدّة لترمي بها بعيدا وتتراجع خطوات إلى الخلف، تكمل بسخريّة " همم، اَخبريني سنان هل يعلم مازن بنتيجة فعلتها تلك ؟ " تصمت قليلا متمعّنة فيها لتردف " أقصد حملها، يا إلهي سيصاب حبيبي مازن بجلطة .. مم اَخبريني كيف تقبّل والديها حملها الغير شرعي .. أه أقصد الـ ممم ماذا تسمّونه في ديانتكم .. " تفرك شعرها بيدها، تدّعي محاولة التذكّر " أه ! تذكّرت اِبن زنا ! أليس هكذا تطلقون عليه " تبتسم وهي تلمح إنكماش عيني التي تقابلها " أتعلمين عزيزتي سنان أنا أيضا اِبنة زنا للأسف، ولدت من أمّ عزباء وقد قدّم لي زوجها إسمه وأنا لا أعرف إسم والدي فأمّي كانت لا تترك رجلا إلاّ وتنام معه .. " تكمل بلهجة صارمة وهي تراها تغادر " اِنتظري لديّ الكثير لأريكِ إيّاه " يوقفها فضولها لتتوقّف عن المسير .. دون أن تلتفت تسمعها تقول " خذي " تستدير إليها لترى رزمة من الصور تمسكها بيدها، أمام رفضها تَسَلُّمَها منها تقترب إليها لترفع إحداها وتضعها أمام عينيها وتقول بسخريّة " دوما ما أقول الحبّ لا يعرف حدودا " تتّسع عينيها وهي ترى الصورة لتهزّ رأسها نفيّا وتحاول أخذ الصورة وقبل أن تصل إليها تعيدها الأخرى إلى المغلّف الذي تحمله في يدها، بإشمئزاز تقول " لا عزيزتي الصورة ستظلّ معي .. قد أرسل لكِ واحدة " تخرج ضحكتها المثيرة للقرف مبيّنة إنتظام أسنانها، تشعر بيديها باردتين وحرارة شديدة تغزو معدتها، بهمس تكذّبها " أنتِ كاذبة .. تلك الصورة مزيّفة.. " تبتسم لها لترفع الصورة ثانية تاركة مسافة بينهما، تتمعّن فيها لتردف بتأسّف مصطنع " حقّا أليست هذه سما التي صَمَمْتُم أذنايْ بتعداد خصالها، أليس هذا شعرها وتلك ملامحها لكن من الذي تعانقه ؟ " تبتلع ريقها لتهمس ثانية " أنتِ كاذبة " تبتسم بسخرية لتخرج زفرة وتردف بقرف " مم ما رأيكِ أن أرسلها لـ " تصمت قليلا " نسيت إسمه .. أه نعم يدعى العمّ سالم.. ما رأيكِ أن أرسل له واحدة .. ربّما سيصاب بجلطة ثانية وقد يموت بسببها " تهزّ بيدها ملوّحة لتكمل " لا لا لست شريرة .. سأرسلها لـ عماد .. أه نسيت عماد مشغول بقصّة الحبّ التي غرق فيها حتّى أذنيه.. طالما قلت أنّ ذاك الفتى هو أشدّكم ذكاءا .. يرسم على كنز حقيقيّ .. وريثة عائلة ألفنشي .. من بقي ..؟ سأرسلها لـ مازن إذا " تومئ برأسها وهي مستمتعة بملامح غريمتها الشاحبة ورعشة يديها " نعم حبيبي مازن سيشكرني عليها، فهو يحتاج لدليل إدانة وها أنّني أرسله له بدون مقابل " تعيد الصورة إلى حقيبتها بهدوء تامّ، ترفع رأسها لتقع عيناها على عيون من تقابلها وشفتيها ترتعشان " أتعلمين سنان منذ زرتكم أوّل مرّة كنت ألمح الحبّ في عيون تلك الكناري الصغير، وكنت أرى الألم يرتسم على ملامحها .. تألّمت لحالها حينها فهي أبدا لم تستطع أن تخبّئ مشاعرها ممم " تضع إصبعها على شفتها لتكمل بدلال " كانت شفّافة وحمقاء للأسف، أغاظتني كثيرا، كانت تريده لها .. وأصبت بالحنق حينما علمت بحصولها عليه .. أنتِ من أقنعته بأن يتزوّجها أليس كذلك ؟ " أمام صمتها تواصل " لم تصدقينني حينما أخبرتكِ أنّه عاجز .. أرأيتِ هاهي صديقتكِ تثبت ذلك .. ممم عشيقها أنطوان سيثبت ذلك أيضا حينما يخبركم أنّها كانت لازالت صبيّة في أوّل ليلة معها " دون أن تترك لها مجالا لمقاطعتها تردف " حتّى لا تكذّبينني ثانية .. سأعطيكِ دليل آخر.. أليس لـ سما شامة في أسفل وركها الأيمن ؟ أخبرني بها أنطوان وهو مستمتع، قال بأنّه قبّلها هناكَ كثيرا " تضع يدها على فمّها ما إن وصلتها كلماتها القذرة .. تتذكّر حديث سما لها يوما عن شامتها السوداء تلك، كانت قبل زفافها بيومين سألتها بإستحياء عن شامتها " قد يشمئزّ منها مازن .. سنان أنا خائفة " .. سما لن تُحدّث أحدهم عن شامتها، سيمنعها خجلها ولولا خوفها يومها ما كانت حدّثتها عنها, تهمس " لما تفعلين هذا ؟ "
" لأنّ الحقارة التي بداخلها لا تكفيها لتقتات عليها فإضطرّت للبحث عن مصادر جديدة تغذّي بها حقارتها " تلتفت كلتيهما إلى مصدر الصوت الفخم الذي أصبح صداه يقترب، تفتح عينيها بإتّساع وهي تراه يقترب منها ببدلته الأنيقة وقامته الملفتة لتشيح بعينيها نحوها حينما سمعتها تقول وهي تصفّق بيديها " أوه العريس الهارب .. رائع أن أراكَ .. " تكتّف يديها لتتكئ على المغسلة وهي تضيف " أتعلم لقد ضحكت كثيرا يوم أن هربت كدجاجة خائفة .. لا ألومكَ فأنت قد فررت بجلدكَ من عائلة تعاني شذوذا " تخرج ضحكة صغيرة، توقفها بسرعة لتشعر برعشة رعب وهي ترى ملامح الجمود تغزو وجهه فتجعله مخيفا " ماري اِختصري ماذا تريدين " تنفخ بملل لتقول " لا شيء .. فقط أردت المساعدة " ترتسم بسمة صغيرة على أسفل شفتيه ليسألها هامسا " منذ متى أصبحتِ مصلحة إجتماعية .؟ " تخرج ضحكة عالية، تنتفض على صداها تلك الواقفة بجانبه تراقب بخوف الحوار بينهما، يمسك بيدها يطمئنها، ينظر إلى عينيها اللّتين رفعتهما إليه، بصمت يهزّ رأسه باعثا بعض الراحة إليها، يبتعد بعينيه إلى الأخرى المتّكئة على الحائط غير مبالية " ممم المجتمع يحتاجني .. لا أرضى أن تُظلَم الفتاة فيه " بلهجة باردة يسألها " كم تريدين ؟ " تلمع عيونها ببريق غامض " منزلكَ الذي في حيّ نايتسبريدج " بسخرية يجيبها " حسنا، فلنتوجّه الآن إلى مكتب شركتي هناك تسلمينني الصور وأسلّمكِ وثائق الملكيّة وأسجّله لكِ خطّيا وغدا نلتقي في الxxxxيّة لتسجيله رسميا " تبتسم لتقول بلهفة " رائع سوف أخبر صديقي لنتوجّه هناك " يوقفها " لا ستأتين وحدكِ .. سنستقلّ سيارتي " تعانق كفيها لتضعهما مقابل فمها وتقول " لا أثق بكَ عزيزي طراد، فأنا لا أثق أبدا بالعرب .. تاريخكم مليئ بالجرائم ما أدراني أن تأخذيني إلى مكتبكَ لتقضي عليّ " يضغط بيده على اليد التي يمسكها ليضيف " هل هيأتي توحي بأنّني من المافيا ؟ وحتى تكوني مرتاحة لكِ أن تخبري صديقكِ إذا لم تعودي سالمة خلال ساعة له أن يتّصل بالشرطة " تقترب إليه، تلتصق به لتهمس في أذنه " أتعلم أحبّ ذكاءكَ " تبتعد مغادرة الحمام وهي تقول " فعلا لا تستحقّكَ سنان ".
تمسح دمعة نزلت على خدّها لتهمس وهي تحاول الجلوس على حافّة المدفأة " ياإلهي ماهذا الكابوس " دون أن يفلت يدها يجيبها بهدوء وثقة " سنان ستتخلصين منه قريبا .. حاولي غسل وجهكِ بالماء البارد واِتّصلي بعماد أخبريه أنّكِ ستبيتين الليلة عند إيمي " تنظر إليه دهشة وهي تحاول إستعاب كلماته لتكرّرها ببلاهة " أبيت عند إيمي !! " يهزّ رأسه دلالة الإيجاب، تمسح بيدها على شعرها لتقول " تعلم أنّ عماد لن يسمح لي بالمبيت لدى إيمي .. " يقاطعها ملحّا " اَخبريه إذا بنيّة مبيتكِ لدى سما وأنّ إيمي من ستوصلكِ هناك " شاردة في ملامحه تسأله " لما ؟ " يبتسم مبددا الأجواء المربكة " ستأتين معي .. " قبل أن ترفض يكمل " هيّا اَسرعي .. " يستعجلها بيده وهو يغادر الحمام ليجيب على الهاتف " مساء الخير سيّد علي أنا طراد كمال عزمي إتّصلت بكَ لأمر ضروري .. أحتاج إلى كاتب عدل من السفارة لكتابة عقد زواج .. أحتاجه الليلة بل الآن .. أعلم أنّ هذا مستحيل لكنّني متوسّم بصداقتكِ لأبي فأرجوكَ .. " يصمت قليلا وهو يسمع خطابات الآخر بأصول المراسيم وقوانين السفارة ليهمس بعدها بشكر ويعيد إدارة أرقام الهاتف " مرحبا جيمس أحتاج أن ..... "

أحبك مرتعشة الجزء الاول من سلسلة عجاف الهوى لكاتبة أمة اللهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن