~ الفصل التاسع ~
سماء .. سأكون لكَ يوما ..~
{ أحببتك كثيرا !
وبرغم صمتك أمام تيار مشاعري
وبرغم هدوئك أمام طوفان نزفي
لم يساورني الشك يوما بوجود قلبك بين أضلعك
ولم أشك لحظة في كونك إنسان لايمت للتماثيل بصلة
فكنت أُعلل صمتك بخذلان ظروفك لك !
بإرهاقك بإنهاكك !بكل الأشياء البريئة الأخرى ! }
تفتح الباب الخارجيّ بهدوء، لازالت الساعة السابعة صباحا وكما هو مُعتادٌ في يوم عطلة رسميّة، السكون يلفّ أرجاء الشوارع فأغلب الناس تغتنم هذا اليوم للنوم حتى وقت متأخّر من الظهيرة .. تدخل بخفّة متجاوزة المدخل لتضع الأكياس التي تحملها على طاولة قريبة .. أكياس تفوح منها رائحة الفطائر اللذيذة و التوست الفرنسي الذين أعدتهما والدتها صباحا إحتفاءا بها لتندهش على إصرار إبنتها على المغادرة باكرا إلى منزلها .. فتضطرّ إلى تغليفهما ووضعهما في أكياس لتأخذها معها ..
تصعد السلالم بنفس الخفّة والهدوء .. تقترب من الغرفة بحذر، محاولة أن لا تخرج صوتا قد يوقظه .. تعلم أنّ نومه خفيف وهي لا ترغب بإيقاظه فلازال الوقت مبكّرا ..
تهمّ بإمساك قفل الباب حينما وصلها صوت من ورائها لتقفز بفزع ملتفة إلى مصدره وتخرج من حنجرتها صرخة رعب صغيرة..يقترب إليها وبعض الخوف يكتسح محياه، عندما رءاها ترتعش وكثير من الإحمرار يغزو عينيها .. يمدّ يديه إليها ثمّ يتراجع لتستقرا في جيب بنطاله .. يقول بصوت حاول أن يكون باردا كعادته، مبعدا عنه القلق الذي غزاه منذ قليل ..
- هل أفزعتكِ ؟ - يصمت قليلا ليتفرّس في تحركاتها .. تحاول تهدئة أنفاسها المتسارعة .. تضع يدها على قلبها تخفّف من صدى دقات الفزع التي كان سبَبُها ..ليردف طارحا سؤاله رغم معرفته المسبقة بالجواب .. - ما الذي أتى بكِ باكرا .؟
يعلم جيّدا أنّها لم تنم البارحة بسبب أفكارها القلقة.. في الواقع إستغرب رسالتها الأولى التي تعلمه فيها مبيتها في منزل والديها.. فهي عادة لا تفارقه إلاّ في سفراته المتكرّرة والتي تترجاه فيها أن ترافقه لكنّه يرفض بصرامة طلبها ذاك .. ثمّ تلت تلك الرسالة، رسائل أخرى تسأله عن مكانه، إذا ما تناول عشاءه وإذا ما أكله باردا أم ساخنا .. لتنهيها بأخر رسالة الساعة الرابعة والنصف صباحا .. لا تحمل فيها سوى عبارة ( إشتقتك ) ..
يخنقه حبّها ذاك .. وتخنقها برودته هذه ..
تتلعثم تبحث عن إجابة وكأنّ السؤال كان مباغتا لها .. ولا يحوي عقلها عن سبب تشرح به ما الذي أتى بها باكرا ..- أأنـ .. أنا .. أنا أتيت لأجهّز لك الفطور ..
تتبعه إلى داخل الغرفة وهي تسأله ..
- ما الذي جعلك تستيقظ مبكّرا ..؟
تصمت حينما تلمح عيناها حقيبة السفر المفتوحة والمرميّة بإهمال فوق السرير .. تحوي بعض السترات بطريقة فوضويّة .. تخرج من شفتيها سؤالا آخر قبل أن يأتيها الردّ على ما طرحته سابقا ..