الفصل الثالث عشر
{ أترى ستجمعنا الليالى كى نعود .. ونفترق ؟
اترى تضى لنا الشموع ومن ضياها .. نحترق ؟
اخشى على الامل الصغير بان يموت ..ويختنق ؟
اليوم سرنا ننسج الاحلام وغد سيتركنا الزمان حطام
واعود بعدك للطريق لعلنى اجد العزاء
واظل اجمع من خيوط الفجر
احلام المساء
وأعود اذكر كيف كنا نلتقى
والدرب يرقص كالصباح المشرق
والعمر يمضى فى هدوء الزئبق شيء إليك يشدني
لم أدر ما هو.. منتهاه؟
يوماً أراه نهايتي
يوماً أرى فيه الحياه
آه من الجرح الذي
يوماً ستؤلمني.. يداه
آه من الأمل الذي
مازلت أحيا في صداه
وغداً .. سيبلغ منتهاه}عين على السماء ..~
{ ما كان خوفي من وداع قد مضى
بل كان خوفي من فراق آت
لم يبق شيء منذ كان وداعنا
غير الجراح تئن فى كلماتىبتراخٍ يتبعه، الصمت يلفّهما، ثرثرته هدأت حينما لاحظ إنزوائه على نفسه، ينظر إلى ساعة يده، يراها وقد تجاوزت الثالثة صباحا، يضع يده على فمه ليخفي تثاءبه المستمرّ منذ ساعتين، كم يشتهي سريرا ولحافا وهدوءا تامّا لا يشبه هذا الهدوء الذي إستنفر جميع حواسه. بطبعه ثرثار وحركي وإذا ما سكن فيكون ما إن يغمض جفنيه لكن وضعه الآن يحتّم عليه لا هذا ولا ذاك، إنّما الهدوء المزعج. يضرب بمقّدمة قدمه حجرا صغيرا كان مقابلا له ليستقرّ على فخذ الذي يترنّح أمامه صامتا، منعزلا في عالمه. يضمّ شفتيه ليخرج " أوه " صغيرة تلتها إعتذارات متكرّرة وهو يلمح الإمتعاض يغزو ملامح الذي إلتفت إليه ما إن تلقى ضربة الحجر تلك. وكأنّه إكتشف أمر وجوده، يتخلّى عن ملامح الإمتعاض لتحلّى محلّها الشرود والدهشة، يسأله " هل مازلت هنا جواد ؟ " يخرج إحدى يديه الموضوعة في جيوب معطفه، ليلفّ بها الوشاح أكثر حول رقبته وقد أصبح برد الصباح ينزل بقسوة ليجعل من الضباب يملأ المكان وقطرات الندى تتجمّد على شعره وأنفه، يجيبه بملل " وهل يجب أن لا أكون هنا ؟ ألم تقل لي جواد اتبعني صامتا، وها إنّني أسير وراءك منذ ثلاث ساعات، مررنا بكلّ أحياء لندن وانظر " يشير إلى حذائه ليضيف " حذائي الجميل إهترأ، أظنّكَ مضطرّ لشراء آخر لي " ينهي كلامه بإبتسامة واسعة، يستغرب حينما بادله الآخر واحدة شبيهة لها. يراه وقد عاد إلى سيره ليبتعد عنه بخطواته الواسعة، يلحق به وهو يقول " مازن ألم يحن موعد عودتنا لننام قليلا قبل بزوغ الفجر " دون أن يلتفت له يجيبه " إن أردت الإنصراف لكَ ذلك جواد، أمّا أنا فلا رغبة لي بالعودة للنوم أريد أن أواصل سيري " يعود إلى صمته المزعج ليتبعه بتراخٍ.